كثيرة لا يهمنا استقصائها بعد البناء على الكراهة وإذا اذن المنفرد ليصلي وحده ثم أراد الجماعة أعاد الأذان والإقامة على المشهور كما ادعاه غير واحد لموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال وسئل عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجيئ رجل اخر فيقول له نصلي جماعة هل يجوز ان يصليا بذلك الأذان والإقامة قال لا ولكن يؤذن ويقيم وطعن فيها في المدارك وفاقا لما حكاه عن المعتبر بضعف السند لما فيه من الفطحية ولكن حكى عن المعتبر انه بعد الخدشة في سند الرواية قال إن مضمونها استحباب تكرار الأذان والإقامة وهو ذكر الله وذكر الله حسن ثم استقرب الاجتزاء بالأذان والإقامة الواقعتين بنية الانفراد وأيد ذلك بما رواه صالح بن عقبة عن أبي مريم الأنصاري قال صلى بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا ازار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة فلما انصرف قلت له عافاك الله صليت بنا في قميص بلا ازار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة فقال إن قميصي كثيف فهو يجزى ان لا يكون علي ازار ولا رداء واني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فاجزاني ذلك قال وإذا اجتزانا بأذان غيره فبأذانه أولى ولقد أجاد في محكى الذكرى حيث اعترض على ما في المعتبر بعد نقله بما صورته قلت ضعف السند لا يضر مع الشهرة في العمل والتلقي بالقبول والاجتزاء بأذان الغير لكونه صادف نية السامع للجماعة فكأنه اذن للجماعة بخلاف الناوي بأذانه للانفراد انتهى واعترضه في المدارك بان ظاهر الخبر ترتب الاجزاء على سماع الأذان من غير مدخلية لما عداه وفيه ما لا يخفى إذ لا منشأ لهذا الظهور ولكن يمكن الخدشة في دلالة الموثقة على المدعى بامكان ان يكون الملحوظ في المنع عن أن يصليا بذلك الأذان هو ذلك الاخر الذي لم يكن مقصودا بذلك الأذان ويكون المأمور بان يؤذن ويقيم هو ذلك الرجل بملاحظة صلاته لا صلاة الجميع فلا يتم به المدعى ويدفعه ان المتبادر منه انه يؤذن ويقيم لأن يصليا جماعة كما أن المتبادر من السؤال هو المسألة عن أن الأذان الماتى به لصلاة المنفرد هل يجزي للجماعة فيفهم من الرواية عدم كفايته وبقاء الأذان للجماعة بصفة المطلوبية ما لم يتحقق بهذا العنوان وحيث إن الطلب المتعلق به بهذا العنوان كفائي بمعنى انه يحصل امتثاله بفعل كل منهما لا يتفاوت الحال في تمامية الاستدلال بين ان يكون ضمير الفاعل عائدا إلى الرجل الاخر أو الرجل الذي اذن واقام ولعله لهذا أجمله في الرواية مع كون كل منهما قابلا لعود الضمير إليه فالانصاف انه لا قصور في دلالة الرواية كسنده عن اثبات المدعى ولذا لم يلتفت أحد ممن عثرت على كلامه إلى المناقشة المزبورة فالأقوى ما هو المشهور من عدم كفاية الأذان والإقامة الماتى بهما بنية الانفراد لصلاة الجماعة واستحباب اعادتهما وما يترائى من الموثقة من عدم جواز الاجتزاء ووجوب الإعادة محمول على ما ذكر جمعا بينها وبين غيرها مما دل على في لوجوب كما عرفته في محله ولو اذن بنية الجماعة فأراد ان يصلي وحده بنى على أذانه إذ لم يثبت الأذان المنفرد خصوصية معتبرة في ذاته زائدة على طبيعة الأذان الماتى به بقصد القربة متوقفة على قصد عنوانه كما ثبت ذلك في أذان الجماعة ومجرد احتماله لا يجدي في اثبات بقاء التكليف به لو بالاستصحاب لما حققناه في نية الوضوء من أن المرجع عند الشك في اعتبار شئ من مثل هذه الأمور في متعلق التكاليف البراءة وان مقتضى الأصل في التكاليف كونها توصلية لا يرفع اليد عنه الا بالدليل وغاية ما ثبت في المقام انما هو ان يأتي بالأذان والإقامة لصلاته بقصد التقرب وقد حصلا بهذا القصد واما اعتبار امر وراء ذلك اي كونه أذان المنفرد فمنفي بالأصل والله العالم الثاني في المؤذن والمراد به هنا الذي يتخذ للأذان في بلدة أو محلة أو مسجدا وجماعة ليعتد بأذانه المسلمون ويكتفون به ويعتبر فيه العقل والاسلام في المدارك هذا مذهب العلماء كافة وفي الجواهر بلا خلاف أجده بل الاجماع بقسميه عليه بل المنقول منه مستفيض أو متواتر ويشهد له مضافا إلى ذلك موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الأذان هل يجوز ان يكون عن غير عارف قال لا يستقيم الأذان ولا يجوز ان يؤذن به الا رجل مسلم عارف فان علم الأذان واذن به ولم يكن عارفا لم يجز أذانه ولا اقامته ولا يقتدي به وعن بعض النسخ ولا يعتد به والظاهر أن المراد بغير العارف من لم يعرف امام زمانه كما لا يخفى على من له انس بمحاوراتهم فالرواية تدل على اعتبار الايمان أيضا ولكن المراد بها بحسب الظاهر أذان الصلاة فعمدة المستند لاثبات شرطية الاسلام بالنسبة إلى مطلق المؤذن ولو للاعلام كما هو مقتضى اطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية بل صريح بعضها هو ما عرفت من في لخلاف فيه على الظاهر مضافا إلى انصراف أدلة الأذان عمن لم يؤمن به فليتأمل ثم إن مقتضى ظاهر الموثقة كما تقدمت الإشارة إليه اعتبار الايمان في مؤذن الصلاة وعدم كفاية مجرد الاسلام في الاعتداد بأذانه للصلاة كما ذهب إليه غير واحد من المتأخرين وربما يؤيده أيضا خبر محمد بن عذافر عن أبي عبد الله عليه السلام قال اذن خلف من قرأت خلفه وخبر معاذ بن كثير عن أبي عبد اله عليه السلام قال إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه وقد بقي على الإمام اية أو ايتان فخشي ان هو اذن واقام ان يركع فليقل قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولا ينافيها صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا نقض المؤذن الأذان وأنت تريد ان تصلي بأذانه فأتم ما نقص هو فإنه وان كان المخالفون الذين يتعارف عندهم نقص الأذان من أوضح المصاديق التي أريد بهذا الكلام ولكن لا منافاة بين بطلان أذان المخالف في حد ذاته فضلا عن عدم كفايته للغير وبين كفاية سماعة لمريد الاكتفاء حيث إن سماعة المقرون بإرادة الاكتفاء يجعله بمنزلة أذان السامع وستعرف عند تعرض المصنف له ان الأظهر جواز الاكتفاء بسماع أذان المخالف وان لم نقل بكفايته من حيث هو فالقول باشتراط الايمان لا يخلو عن قوة والله العالم وكذا يعتبر فيه الذكورة اما في الأذان الاعلامي فلوضوح عدم كون النساء المطلوب منها العفة والستر مقصودا باطلاق أدلته أو عمومها واما في أذان الصلاة فللأصل لأن سقوط التكليف بالأذان والإقامة عن ساير المكلفين بفعل بعضهم مخالف للأصل محتاج إلى الدليل وما دل على كفاية أذان أو إقامة واحدة من الإمام أو غيره للجماعة قاصرة الشمول عن أذان المرأة واقامتهما إذ ليس في شئ مما عثرنا عليه من أدلته عموم أو اطلاق مسوق لبيان هذا الحكم بحيث يصح التمسك به لاثبات كفاية أذان النساء كما لا يخفى على المتتبع وربما يستدل أيضا بقوله عليه السلام في الموثقة المتقدمة ولا يجوز ان يؤذن به الا رجل مسلم عارف وفيه نظر لجري ذكر الرجل مجرى الغالب فلا يفهم منه ارادته الخصوص
(٢١٢)