اللهم ان يحمل الاطلاق على التقية ويصرف الكلام إلى ارادته في مقام الضرورة على سبيل التورية كما هو اللائق بحال الإمام عليه السلام في مواضع التقية كما يؤيده بل ربما يشهد له خبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يؤذيه حر الأرض وهو في الصلاة ولا يقدر على السجود هل يصلح له ان يضع ثوبه إذا كان قطنا أو كتانا قال إذا كان مضطرا فليفعل ويؤيده أيضا الأخبار المستفيضة الآتية في محلها الدالة على جواز السجود على الثياب في موارد الضرورة وقد يتوهم امكان الجمع بين الاخبار بحمل اخبار الجواز على ما قبل النسج واخبار المنع على ما بعده كما ربما يشهد له المرسل المروي عن كتاب تحف العقول عن الصادق عليه السلام أنه قال كل شئ يكون غذاء الانسان في مطعمه أو مشربه أو ملبسه فلا تجوز الصلاة عليه ولا السجود الا ما كان من نبات الأرض من غير ثمر قيل إن يصير مغزولا فإذا صار مغزولا فلا تجوز الصلاة عليه الا في حال ضرورة ويدفعه تعذر ارتكاب هذا التأويل بالنسبة إلى اخبار الجواز فان حمل اطلاق نفي الباس عن السجود على الكتان على إرادة ما قبل النسج مع خفاء صدق اسم الكتان عليه حينئذ على سبيل الحقيقة كما ترى واما اخبار المنع فقد يتخيل قصورها في حد ذاتها عن شمولها لما قبل النسج نظرا إلى إناطة المنع عنهما بكونهما مما لبس كما شهد بذلك صحيحة هشام وغيرها مع ما في الصحيحة من التصريح بما هو مناط المنع واندراجها تحت هذا الموضوع الذي أنيط به المنع عرفا قبل نسجهما فضلا عما قبل الغزل لا يخلو عن خفاء ولذا استشكل فيه العلامة بعد ان قرب المنع عنه أولا حيث قال في التذكرة على ما حكى عنه الكتاب قبل غزله ونسجه الأقرب عدم جواز السجود عليه وعلى الغزل على اشكال ينشأ من أنه عين الملبوس والزيادة في الصفة ومن كونه حينئذ غير ملبوس انتهى ويدفعه انه لو لم نقل بان المنساق إلى الذهن من استثناء ما اكل ولبس مما أنبتت الأرض انما هو إرادة النباتات التي تعارف استعمالها في المأكول والملبوس من غير اشتراطها بالمأكولية بالفعل فلا أقل من عدم صلاحيته لصرف الأخبار الناهية عن السجود على القطن والكتان عن اطلاقها نعم لو لم نقل بصدق اسم الكتان عليه قبل النسج ومنعنا انسباق إرادة ما يعمه إلى الذهن من الملبوس لاتجه القول بجواز السجود عليه فليتأمل ثم إن المتبادر من الملبوس الذي نهى عن السجود عليه في النصوص والفتاوي كالمأكول هو ما تعارف لبسه اي جرت العادة باستعماله في اللبس لا ما يندر فيه ذلك كالقنب والخوص والليف ونحوها ولعله لذا أخص المنع في بعض الأخبار المتقدمة بالقطن والكتان إذ ليس شئ مما عداهما معدا للبس في العادة نعم لو صار شئ منها لباسا بالفعل أمكن القول بالمنع عنه ما دام كونه كذلك بدعوى ان المتبادر من دليله ما من شانه استعماله في اللبس أعم من أن يكون ذلك بالنظر إلى جنسه كما في القطن والكتان أو في خصوص الشخص كقميص مصنوع من بعض النباتات إذا صار بالعلاج كالمنسوج من القطن والكتان والله العالم ولا يجوز السجود على الوحل لم يكن بحيث يستقر عليه الجبهة عند وضعها عليه كما لعله هو المتبادر من اطلاق اسم الوحل واما ان لم يكن كذلك بل كان متمسكا بحيث تستقر عليه الجبهة جاز السجود عليه بلا اشكال لأنه من اجزاء الأرض وما فيه من الاجزاء المائية مع أنها لا تمنع من مباشرة الجبهة للاجزاء الأرضية منه قد استهلكت فيه في مثل الفرض نعم لو تلطخت الجبهة به عند وضعها عليه إزالة عنها للسجدة الثانية كي لا يقع فاصلا بين الجبهة وما يسجد عليه على تأمل باقي تحقيقه في محله إن شاء الله ويدل أيضا على عدم جواز السجود على الوحل عند عدم استمساكه مضافا إلى عدم الخلاف فيه على الظاهر وتعذر حصوله على الوجه المعتبر شرعا في مثل الفرض موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن حد الطين الذي لا يسجد عليه ما هو فقال إذا عرفت الجبهة ولم تثبت على الأرض ويؤيده أيضا موثقته الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصيبه المطر وهو في موضع لا يقدر ان يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعا جافا قال يفتتح الصلاة فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلى فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود ايماء وهو قائم يفعل ذلك حتى يفرغ من الصلاة ويتشهد وهو قائم ثم يسلم وعن مستطرفات السرائر نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام مثله وزاد وسئلته عن الرجل يصلي على الثلج قال لا فإن لم يقدر على الأرض بسط ثوبه وصلى عليه فان اضطر أومى للسجود وهو قائم كما صرح به في الخبرين المتقدمين مضافا إلى معلومية بدلية الابراء عنه في كل مقام يتعذر فيه ويشهد له أيضا خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال من كان في مكان لا يقدر على الأرض فليؤم ايماء وموثق عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يؤمى في المكتوبة والنوافل إذا لم يجد ما يسجد عليه ولم يكن له موضع يسجد فيه فقال إذا كان هكذا فليؤم في الصلاة كلها فما عن غير واحد من أنه لابد من الانحناء إلى أن تصل الجبهة إلى الوحل لعدم سقوط الميسور بالمعسور ضعيف إذ لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه القواعد العامة في مقابلة الأخبار الخاصة مع اعتضادها بقاعدة نفي الحرج التي لا يبعد الالتزام بكفايتها دليلا للاكتفاء بالايماء بدلا عن السجود عند تلطخ أعضاء المصلي أو ثيابه بالطين ولو مع التمكن من استقرار الجبهة عليها فضلا عما لو يتمكن من ذلك كما هو المفروض واضعف من ذلك احتمال وجوب الجلوس للسجود فإنه مع مخالفته لصريح الخبرين الأولين وظاهر غيرهما مما يشكل اثباته بقاعدة الميسور كما تقدم توضيحه عند التكلم في كيفية صلاة العاري نعم الظاهر كون الحكم رخصة لا عزيمة وما في الخبرين من الامر بالايماء وهو قائم وارد في مقام توهم الحظر فلا تدل الا على الجواز فلو اتى بما هو أقرب إلى السجود من الجلوس وزيادة الانحناء أو ايصال الجبهة إلى الوحل جاز فإنه ليس بخارج عن حقيقة الايماء المأمور به بدلا عن السجود بل من أكمل مصاديقه وانصراف اطلاقه عن مثل ذلك بدوي يرفعه الالتفات إلى أن الهوى بجميع الجسد أبلغ في الايماء للسجود من الايماء إليه بخصوص الرأس ولو سلم الانصراف فهو غير قادح بعد وضوح مناط الحكم وأقربيته إلى السجود من الايماء الذي اكتفى به الشارع بدلا من السجود من باب التوسعة والتسهيل فليتأمل فان مثل هذه الدعاوي في الاحكام التعبدية بعد تسليم الانصراف وخروجه عن مسمى الايماء عرفا لا يخلو عن اشكال نعم لا ينبغي الاستشكال في صحة السجود على الأرض لدى التمكن منه مع التلطخ لو جوزنا الايماء له اما بدعوى استفادته من بعض الأخبار المتقدمة أو من عمومات أدلة نفي الحرج كما ليس بالبعيد فان مقتضاها على تقدير تسليم الدلالة هو الرخصة في الايماء بدلا عن السجود من باب التوسعة والتسهيل لا تعيينه وقد تقدم في مبحث التيمم ما يزيل بعض الشبهات المتوهمة في نظائر المقام مما يوهم كون الحكم في مثل هذه الموارد عزيمة لا رخصة فراجع ويجوز السجود على القرطاس بلا خلاف فيه في الجملة بل عن غير واحد دعوى
(٢٠٠)