هو وظيفتهما فالمراد بالتسبيح ليس خصوصيه بل ما هو وظيفة الأخيرتين في مقابل القراءة التي وظيفة الأولتين التي يتحملها الإمام عن المأموم ولو سلم ظهورها فيما ذكر لتعين صرفها إلى ذلك جمعا بينها وبين الاخبار الآتية التي هي كالنص في أفضلية قراءة الفاتحة للامام والله العالم وقد يستدل أيضا بالخبرين الآتيين الدالين على أن أمير المؤمنين ومولانا الرضا عليهما السلام كانا يسبحان في الأخيرتين وسيأتي الكلام فيهما إن شاء الله واستدل للقول بأفضلية الحمد مطلقا برواية محمد بن حكيم قال سئلت أبا الحسن عليه السلام أيهما أفضل القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح فقال القراءة أفضل والتوقيع المتقدم المروي عن الاحتجاج وكتاب الغيبة للشيخ انه كتب إلى القائم عجل الله فرجه يسئله عن الركعتين الأخيرتين وقد كثرت فيهما الروايات فبعض يرى أن قراءة الحمد وحدها أفضل وبعض يرى أن التسبيح فيهما أفضل فالفضل لأيهما لنستعمله فأجاب عليه السلام قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح والذي نسخ التسبيح قول العالم كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج الحديث وتقريب الاستدلال ان السؤال وقع عن الأفضلية بعد المفروغية عن أصل الجواز والجواب أيضا بحسب الظاهر ليس الا مسوقا لبيان ذلك والمراد بالنسخ على الطاهر هو النسخ المجازي لا الحقيقي المعلوم عدم وقوعه بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله فهو بمنزلة قولنا كتاب الجواهر مثلا نسخ سائر الكتب الفقهية والاستدلال عليه بقول العالم لدلالته على شدة المناسبة وكثرة الاهتمام بها بحيث لا تصح الصلاة بدونها فرعايتها مهما أمكن أولى وهذه الرواية من حيث ورودها فيما اختلفت الروايات فيه حاكمة بظاهرها على سائر الاعتبار المختلفة هذا غاية ما يمكن ان يقال في توجيه الرواية وتقريب الاستدلال بها للمدعى وهو لا يخلو عن وجه الا ان ما ادعيناه من حكومة هذه الرواية على سائر الأخبار المختلفة في غير محله إذ الحكومة انما تتحقق لو أريد بالجواب بيان حكم هذا الموضوع من حيث كونه كذلك كما لو امره بالاحتياط أو الاخذ بإحدى الروايتين عينا أو تخييرا أو نحو ذلك واما قصد به بيان حكمه الواقعي من حيث هو كما في المقام خصوصا بعد الاستشهاد له بقول العالم فليس الا كغيره من الروايات المسوقة بظاهرها لبيان حكمه الواقعي في وجوب الجمع بينها مع الامكان والرجوع إلى المرجحات مع عدمه والحاصل انه ليس لهذا التوقيع حكومة على سائر الأدلة فغاية ما يمكن ادعائه كونه كرواية محمد بن حكيم دليلا على أفضلية القراءة مطلقا ويدل عليه أيضا صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القران فلا تقرء خلفه في الأولتين وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين قلت اي شئ تقول أنت قال اقرأ فاتحة الكتاب ويعارض هذه الأخبار خبر علي بن حنظلة المصرح بالمساواة وسائر الأخبار المتقدمة التي استدل بها على أفضلية التسبيح مطلقا لو سلمنا دلالتها عليه ولكن الاخبار المفصلة الآتية تنهض شاهدة للجمع بينهما وبين جل الأخبار المتقدمة كما سنوضحه إن شاء الله واستدل للقول بأفضلية القراءة للامام مضافا إلى عموم الخبرين المتقدمين بخصوص صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت اماما فاقرء في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب وان كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل وصحيحة معاوية بن عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين فقال الإمام يقرء فاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح فإذا كنت وحدك فاقرء فيهما وان شئت فسبح ورواية جميل بن دراج قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عما يقرء الإمام في الركعتين في اخر الصلاة فقال بفاتحة الكتاب ولا يقرء الذين خلفه ويقرء الرجل فيهما إذا صلى بفاتحة الكتاب ولا يظهر من قوله عليه السلام ويقرء الرجل الخ استحباب القراءة للمنفرد أيضا فان وقوعه عقيب النهي مانع عن ظهوره في الطلب وعلى تقدير ظهوره في ذلك يجب صرفه عنه وحمله على إرادة الرخصة جمعا بينه وبين غيره من الروايات ولا يعارضها موثق محمد بن قيس أو صحيحة عن أبي جعفر عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا صلى يقرء في الأولتين من صلاته الظهر سرا ويسبح في الأخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء (وكان يقرء من صلاته العصر سرا ويسبح في الأخيرتين على نحو من صلاة العشاء) وخبر رجاء بن أبي ضحاك انه صحب الرضا عليه السلام من المدينة إلى مرو فكان يسبح في الأخراوين يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات لم يكن الاجمال وجه الفعل فلا يصلح ان يكون معارضا للقول مع امكان ان يكون المقصود بخبر محمد بن قيس حكاية فعل علي عليه السلام وقت ما كان يصلي وحده أو مقتديا بمن كان يقرء خلفه لا حال إمامته بالناس كي ينافي الأخبار المتقدمة واما خبر رجاء فلا اعتماد عليه لقصور سنده بل قيل إن رجاء بن أبي ضحاك ممن سعى في قتل الإمام عليه السلام فلا يعول على روايته وعلى تقدير صحة الخبر فهو من الامارات المورثة للظن بان اختيار التسبيح كان أوفق بالتقية فإنه يستشعر من هذا الخبر انه عليه السلام كان يتم في السفر ويأتي بالذكر في الأخيرتين جهرا بحيث كما يسمعه رجاء في جميع صلاته فلو كان ذلك كذلك لم يكن الا لأجل التقية وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان شيئا من الروايات المزبورة لا تصلح لمعارضة الاخبار المفصلة بين الإمام وغيره بل هذه الأخبار شاهدة للجمع بين ما دل على أفضلية القراءة مطلقا وما دل على أنهما سواء فيخصص الأول والثاني بمن عداه بل بالمنفرد لما في بعض هذه الأخبار من الدلالة على أن التسبيح للمأموم أفضل فيخصص به عمومات الأدلة المنافية له فالذي يظهر من مجموع اخبار الباب بعد تقييد بعضها ببعض ورد متشابهها إلى محكمها هو ان الأفضل للامام القراءة وللمأموم التسبيح وهما المنفرد سواء فهذا هو الأقوى ويظهر بما ذكرنا ضعف سائر الأقوال المنقولة في المسألة حيث إن مستندها اما الاخذ بظاهر بعض الأخبار وطرح ما ينافيه واما بعض الاعتبارات التي لا ينبغي الالتفات إليها والله العالم وقراءة سورة كاملة بعد الحمد في الثنائية والأولتين من غيرها واجب في الفرائض مع سعة الوقت وامكان التعلم للمختار على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا كما ادعا في الجواهر بل عن ظاهر غير واحد من الأصحاب وصريح آخرين دعوى الاجماع عليه وعن الشيخ في المبسوط أنه قال الظاهر من روايات أصحابنا ومذهبهم ان قراءة سورة أخرى مع الحمد واجب في الفرائض ولا يجزي الاقتصار على الأقل وقيل لا يجب وقد حكى هذا القول عن الديلمي وظاهر جملة من القدماء وقواه في المدارك وتبعه غير واحد ممن تأخر عنه وربما نسب أيضا إلى ابن الجنيد وناقشه بعض بان ابن الجنيد يظهر من كلامه انما يرى جواز الاكتفاء ببعض السورة لا تركها رأسا وكيف كان فلا ريب ان الأول أحوط بل أقوى كما يدل عليه مضافا
(٢٨٥)