ليست بلحاظ ألفاظها من حيث هي بل بملاحظة معانيها المنشأة بها كما يفصح عن ذلك التدبر في النصوص الواردة فيها وفي بيان وجه مطلوبيتها وشدة المناسبة بينها وبين مطلوبيتها من يحث هي لا لخصوصية ألفاظها وقضية ذلك قضاء قاعدة الميسور بعدم سقوط التكليف بافشائها بسائر الألفاظ عند تعذر اللفظ الخاص الواقع في خبر الطلب كما أشرنا إليه في مبحث تكبيرة الاحرام فوجب الاتيان بترجمتها كما صرح به غير واحد بل ارسله بعض ارسال المسلمات لا يخلو عن قوة مع أنه أحوط ولا نعنى بالترجمة خصوص ما يقع تفسير المدلول الصيغ الخاصة بل مطلق الشهادتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله باي عبارة تأدت مراعيا فيها الأقرب فالأقرب إلى مدلول تلك الصيغ على حسب ما يقتضيه قاعدة الميسور وربما يستدل له أيضا بصدق الشهادتين والصلاة على النبي وآله على الترجمة فيعمها اطلاقات أدلتها المقتصر في تقييدها بالصيغ الخاصة العربية الصحيحة على القدر المتيقن وهو اعتبار كل من هذه القيود مع التمكن لا مطلقا وفيه ما أشرنا إليه في المسألة السابقة من ورود الاطلاقات مورد حكم اخر فلا يصح الاستناد إليها في مثل هذه الموارد فالعمدة ما عرفت وقضية ما ذكر في لفرق بين تعذر الجميع أو البعض في وجوب الاتيان بترجمته كما هو واضح ولو تعذرت الترجمة أيضا ففي محكى الذكرى الأقرب وجوب التحميد للروايتين السابقتين وعن الدروس أنه قال ومع التعذر تجزى الترجمة ويجب التعلم ومع ضيق الوقت يجزى الحمد الله بقدره لفحوى رواية بكر بن حبيب عن الباقر عليه السلام انتهى أقول قد تقدمت هذه الرواية في صدر المبحث وكذا الخثعمي التي هي أيضا نحوها ففي الأولى بعد ان سئله عن التشهد قال لو كان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا انما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون إذا حمدت الله أجزء عنك وفي الثانية قال إذا جلس الرجل لتشهد فحمد الله أجزء وتقدم أيضا رواية أخرى لبكر بن حبيب وقع فيها السؤال عما يقول في التشهد والقنوت فقال عليه السلام بأحسن ما علمت فإنه لو كان موقت لهلك الناس ولكنك عرفت فيما سبق انه لا بد من حمل هذه الروايات على إرادة الاجزاء بالنسبة إلى الاجزاء المسنونة أو حملها على التقية على ابعد الاحتمالين فيشكل حينئذ الاستدلال بها للمدعى ولا يصح حملها على إرادة خصوص مثل الفرض كما هو واضح ويمكن الاستشهاد له بصحيحة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان الله فرض من الصلاة الركوع والسجود الا ترى لو أن رجلا دخل في الاسلام لا يحسن ان يقرء القران أجزأه ان يكبر ويسبح ويصلى فان سوقها مشعر بإرادة التمثيل من قراءة القرآن وان هذا الحكم مطرد في ساير أذكار الصلاة ولكن يتوجه عليه ان غاية الاشعار بذلك لا الدلالة بحيث يفهم منه عدم سقوط أصل التكليف بنفسي العجز وكون التسبيح ونحوه مسقطا له كما في القراءة فما عن كاشف اللثام من أنه لا بدل ببعد الترجمة أشبه بالقواعد الا ان مقتضاه جواز القيام عقيب الثانية من غير جلوس لان احتمال كون الجلوس بمقدار التشهد من حيث هو واجبا أصليا كما احتمله بعض بل ربما يوهمه بعض الأخبار الآتية في مباحث الخلل منفى بالأصل وهذا مما يشكل الالتزام به لمخالفته للهيئة المعروفة المتعارفة في الصلاة واستلزامه كون صلاة العاجز عن النطق الخاص أخف من صلاته على تقدير ان يعرضه العجز عن النطق رأسا بصيرورته اخرس فإنه لا يسقط عنه التشهد حينئذ بل عليه ان يأتي به مع الإشارة كما يدل عليه خبر السكوني المتقدم في مبحث التكبير و القراءة وهو يبعد هذا مع امكان ان يقال إنه يفهم من الروايات المتقدمة ان حال التشهد المعتبر في الصلاة حال القنوت لم يعتبر فيه لفظ خاص موقت ولكنه ثبت بالأدلة الخارجية انه لا بد من اشتماله على الشهادتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وانه يجوز الاجتزاء بهما في التشهد فإذا تعذر الاتيان بهذا الجزء الذي يجوز الاجتزاء به وحده لا يسقط التكليف بأصل التشهد المعتبرة في الصلاة الذي دلت الأخبار المتقدمة على أنه لا يعتبر فيه لفظ خاص بمقتضى قاعدة الميسور فليتأمل وكيف كان فالقول بالابدال كما هو صريح بعض ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط كما أن الأحوط ان لم يكن أقوى عدم نقصان البدل عن المبدل منه ثم إنه قد يتوهم كون البحث عن هذه المسألة قليل الجدوى إذ لا يكاد يوجد من لا يقدر على تأدية الشهادتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ولو ملحونا أو بسائر اللغات مع قدرته على التحميد أو غيره من الأذكار ويدفعه ان العجز عن التأدية لفظا وترجمة ربما يكون ناشئا عن عدم حفظ صورة التشهد أو نسيانه مع جهله بمعناه فالعجمي الذي لم يحفظ من الصلاة الا صورتها من غير أن يتعقل مداليل ألفاظها لو نسي صورة التشهد في زمان لا يتمكن فيه من الفحص والسؤال يندرج في موضوع هذه المسألة كما لا يخفى ثم انك قد عرفت في غير موضع مما مر ان الاكتفاء بالصلاة الاضطرارية التي نشأ الاضطرار إلى فعلها من سوء اختيار المكلف بأن اخرها عمدا مثلا أو ترك التعلم إلى أن ضاق الوقت وعجز عن الاتيان بها الا فاقدة لبعض اجزائها أو شرائطها في غاية الاشكال فالأحوط ان لم يكن أقوى فيما لو كان عجزه عن الاتيان بالتشهد الصحيح في الوقت ناشئا من التقصير الجمع بين الصلاة الاضطرارية في الوقت وتداركها بعد التعلم في خارجه والله العالم ومسنون هذا القسم ان يجلس متوركا وصفته ان يجلس على وركه الأيسر ويخرج رجليه جميعا فيجعل ظاهر قدمه الأيسر إلى الأرض وظاهر قدمه الأيمن إلى باطن الأيسر وقد تقدم تحقيق هذا الحكم وموضوعه في مبحث استحباب التورك في الجلوس بين السجدتين وظهر أيضا فيما تقدم كراهة الجلوس مقعيا وصفته وضعف ما عن ظاهر بعض من القول بحرمته فلا نطيل بالإعادة وان يقول ما زاد على الواجب من تحميد ودعاء وتحيات وبسملة وثناء وغير ذلك من الأذكار والأدعية التي يحسنها وان لم يكن منصوصا عليها بالخصوص كما يدل عليه روايتا بكر بن حبيب المتقدمتان الدالتان على عدم كون التشهد موقتا بل يقول فيه أحسن ما يعلم وأيسره كالقنوت بل ربما يؤمى إليه ما في صحيحة محمد بن مسلم بعد ذكر الشهادتين فالجواب عن التشهد قال قلت فقول العبد التحيات لله والصلوات الطيبات لله قال هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد ربه ولكن الأولى بل الأفضل الاتيان بما ورد في النصوص ففي موثقة عبد الملك بن عمرو والأحوط قال عليه السلام التشهد في الركعتين الأولتين الحمد الله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته وارفع درجته والظاهر عدم اختصاص استحباب الدعاء بقبول الشفاعة ورفع الدرجة كالتحميد بالتشهد الأول فتخصيص هذه الصورة به يحسب الظاهر لكونه أخف من التشهد المتعارف لديهم في اخر الصلاة كما يؤيد خبر إسحاق بن عمار الحاكي لصلاة النبي صلى الله عليه وآله في المعراج فإنه ورد فيه
(٣٧٣)