إلى الركوع والسجود في حد ذاته جزء مستقلا للصلاة كان للتوهم المزبور اي وجوب الاتيان بما تيسر منه مطلقا وجه وان لم يسلم أيضا عن الخدشة ولكنه ليس كذلك مع أن الاخبار ناطقة بان الشارع انما اعتبره عوضا عن الركوع والسجود لا من حيث كونه بعضا من الهوى الذي كان واجبا عليه فالأظهر عدم وجوب فعل تمام ما يتمكن من الايماء من زيادة الانحناء بل كفاية مسماه لكل منهما مع رعاية الأخفضية للسجود فيما إذا كان فرضه الايماء لهما وهو على حالة واحدة من قيام أو قعود أو اضطجاع ونحوه كما هو مورد الاخبار وحكى عن جملة من الأصحاب وجوب التفرقة بين الايمائين في التغميض أيضا فأوجبوا كونه للسجود أكثر منه للركوع فكأنهم زعموا ان المراد بالايماء المأمور به في الروايات ما يعم التغميض وقضية اطلاق الامر بكونه للسجود اخفض وجوبه في التغميض أيضا وهو في التغميض عبارة عن أكثرية الغمض إذ لا معنى له بالنسبة إليه الا هذا وفيه ان هذا ليس من معنى الأخفضية بشئ فاعتبار الأخفضية فيه قرينة لصرف اطلاق الايماء إلى الايماء بالرأس كما هو المصرح به في بعض اخباره ان لم نقل بانصرافه في حد ذاته إليه وعلى تقدير تسليم كون المراد بالايماء أعم من التغميض فهو لا يصلح شاهد الحمل الأخفضية على ما يعم أكثرية الغمض فان قضية الأصل حمل قوله فليجعل سجوده اخفض من ركوعه حمله على حقيقته وتقييده بالقدرة كما هو الشان في سائر التكاليف فيختص اعتباره فيما أمكن فيه ذلك بان يكون الايماء بالرأس فالأشبه عدم اعتبار التفرقة بين الايمائين في التغميض الا بالقصد كما هو مقتضى ظاهر خبر إبراهيم المتقدم الذي هو عمدة مستند بدلية التغميض والله العالم ولو لم يتمكن من الايماء بالعينين اومأ بواحدة لقاعدة الميسور ولو عجز عن ذلك أيضا فعن كاشف الغطاء انه يؤمي ببعض أعضائه كيده مثلا ولعله لمطلقات الايماء واختصاص تقييدها بالرأس أو العين بحال التمكن أو لقاعدة الميسور وفيهما نظر الا ان مراعاته أحوط وهل يجب ان يقصد بهذه الابدال بدليتها عن مبدلها من الركوع والسجود والرفع عنهما أم لا يجب الالتفات إلى هذه الأفعال وقصدها بل يكفي الاتيان بالابدال في مواضعها بقصد جزئيتها لصلاته التي نوى بها الخروج عن عهدة ما هو تكليفه بالفعل وجهان بل قولان استدل للأول بأصالة الاشتغال ولأنه لا يعد الايماء أو التغميض ركوعا والفتح قياما الا بالنية إذ لا ينفك المكلف عنهما غالبا فلا يتمحضان للبدلية الا بالقصد ولأن هذه الأمور كما لا يخل زيادتها ونقصانها في الصلاة التامة فكذا لا يخل في الناقصة استصحابا لحكمها أو لا شك ان ما هو بدل عن الركوع والسجود يخل زيادته ونقيصته قضية للبدلية فلابد ان يكون ما هو ركن مغائر لما ليس كذلك وليست المغائرة الا بالنية ولان مفهوم الايماء لا يتحقق الا بالنية وناقش في الجميع شيخنا المرتضى رحمه الله فإنه بعد ان استدل لهم بالأدلة المزبورة قال وفي الكل نظر لورود الاطلاقات على اصالة الاشتغال وعدم اشتراط القصد في البدلية لصيرورتها أفعالا في تلك الحالة فيكفي فيها نية أصل الصلاة بل لو طرء الانتقال إليها في الأثناء كفى معرفة بدليتها والاستمرار على نية الصلاة السابقة وان تغيرت افعالها لعدم اختلاف حقيقة الفردين والفرق بين الابدال والافعال الأصلية عبادة انما هي لأجل التعبد بها في الصلاة المنوية عبادة والا فهي في حد ذاتها أيضا حركات عادية فإذا قصد التعبد بالابدال في ضمن الصلاة خرجت كالمبدلات من العادة إلى العبادة واما حديث اخلال نقصها ضرورة بالصلاة فلا دخل له بالمطلوب واما زيداتها فلو سلمنا اخلالها مطلقا على حسب اخلال مبدلاتها اغماضا عن القدح في عموم البدلية والتفاتا إلى اطلاق الايماء والتغميض على الركوع والسجود وبالعكس فلا تلزم بين اعتبار القصد في الاخلال نظرا إلى عدم صدق الزيادة اي زيادة الركن الا مع قصد البدلية وبين عدم اعتباره في الامتثال اكتفاء بنية أصل الصلاة بل حيث عرفت سابقا ان الايماء للركوع والايماء للسجود متحدان مصداقا فيما عدى أقل مراتبه المختص بالركوع واخرها المختص بالسجود فلا يترتب على المزيد حكم زيادة الركوع أو السجود الا بقصد أحدهما نعم لو قصد كون المزيد جزء غير الركوع والسجود بطل العمل من جهة الزيادة على الاجزاء لا من جهة زيادتهما وقد ظهر مما ذكرنا ان ما ذكره في شرح الروضة من أن الخلاف في اعتبار القصد في الاخلال بالزيادة مبني على الخلاف في اعتباره في تحقق البدلية محل نظر واما دعوى اخذ النية في مفهوم الايماء فلو سلم فإنما هو في تحقيق معناه المصدري والقدر المطلوب في افعال الصلاة المشتملة على معان لا توجد الا بالقصد والالتفات كالتكبير والتشهد والقنوت والتسليم ليس الا أشباح تلك الأفعال دون انشاء مفاهيمها انتهى كلامه رفع مقامه ولقد نقلناه بطوله لمزيد فوائده وجوده محصلة الا ان ما افاده قدس سره كان وجيها لو كان الايماء كالتكبير والتشهد والتسليم أو كالقيام أو القعود مما يمكن ان يتحقق مهية في الخارج في ضمن فعل أو قول بلا قصد ولم يكن اعتباره عوضا عن تلك الأفعال بل كان واجبا من حيث هو لدى العجز عنها كالكفارات المرئية والا فقصد العنوان شرط في وقوع الفعل بهذا الوجه حيث إن عنوان البدلية كعنوان الوكالة عن الغير والنيابة والولاية من العناوين التي للقصد دخل في وقوع الفعل بذلك العنوان فقياس الايماء على التشهد والتسليم ونظائرهما قياس مع الفارق فان عدم تصور معنى الشهادة ونحوها لا يخرج لفظها عن كونه تلفظا بالشهادة كما هو الواجب عليه في مقام اسقاط التكليف واما العاجز الذي فرضه الايماء بعد فراغه من القراءة ما لم يضمر في نفسه شيئا يقصده بالإشارة امتثالا لامره فلا يصدر منه الا مجرد تحريك رأسه بقصد جزئية من صلاته وهو بهذا العنوان لم يتعلق به التكليف بل بعنوان الايماء فايماء العاجز عن الركوع والسجود ليس الا كايماء الأخرس وتحريك لسانه القائمين مقام قرائته وتشهد وسائر أذكاره ومن الواضح انه لا يجديه مجرد تحريك اللسان بقصد الجزئية ما لم يميز المشار إليه في ضميره ولو على سبيل الاجمال نعم غمض العين لا يتوقف حصوله على امر خارج عن ذاته لو لم يعتبر فيه قصد الإشارة ولكنه معتبر فيه على الظاهر إذا الظاهر أنه لم يتعلق الامر به الا بلحاظ كونه نحوا من الايماء مع أن عنوان البدلية مأخوذ فيه بمقتضى ظاهر دليله إذا المتبادر من قوله عليه السلام في خبر محمد بن إبراهيم فإذا أراد الركوع غمض عينيه إلى اخره بل وكذا من سائر اخبار الباب الواردة في الايماء ان الشارع
(٢٦٦)