أسفل البطن ونحوه مما هو من لوازم ركوع القائم وبهذا يظهر ضعف ما حكى عن الذكرى وجامع المقاصد من القول من القول بوجوب رفع الفخذين في ركوع الجالس لأصالة بقاء وجوبه الثابت حال القيام فان رفعهما حال القيام لم يكن واجبا من حيث هو بل تبعا للهيئة الواجبة في تلك الحالة كغيره مما هو من لوازم تلك الهيئة مما أشرنا إليه من نصب الساقين وتجافى أسفل البطن نعم قد يقال بأنه يجب عليه ان قدر على الارتفاع زيادة عن حال الجلوس ودون ما يحصل ركوع القائم مراعاة الأقرب فالأقرب لقاعدة الميسور فعليه قد يتجه ما ذكراه الا ان هذا القول في حد ذاته محل نظر وكون القاعدة مقتضية له لا يخلو عن تأمل ثم إن المعروف في كيفية ركوع الجالس على ما صرح به غير واحد وجهان أحدهما ان ينحني بحيث يصير بالنسبة إلى القاعد المنتصب كالراكع بالإضافة إلى القائم المنتصب والآخر ان ينحني بحيث يكون نسبة ركوعه إلى سجوده كنسبة ركوع القائم إلى سجوده باعتبار أكمل الركوع وأدناه فان أكمل ركوع القائم انحنائه إلى أن يستوي ظهره مع مد عنقه فتحاذي جبهته موضع سجوده وأدناه انحنائه إلى أن تصل كفاه إلى ركبتيه فيحاذي وجهه أو بعضه ما قدام ركبتيه من الأرض ولا يبلغ محاذاة موضع السجود فإذا وعيت هذه النسبة كان أكمل ركوع القاعد ان ينحني بحيث تحاذي جبهته مسجده وأدناه وجهه ما قدام ركبتيه وفي الجواهر بعد نقل الكيفيتين من غير واحد من الأصحاب تبعا لبعض العامة قال والوجهان متقاربان والأصل في ذلك من الانحناء في الركوع لابد منه ولما لم يمكن تقديره ببلوغ الكفين الركبتين لبلوغهما من دون الانحناء تعين الرجوع إلى امر اخر به يتحقق المشابهة للركوع من قيام وفيه انه متجه لو لم يكن له هيئة عرفية ينصرف إليها الذهن عند اطلاق الامر به من جلوس فالأولى حينئذ إناطة بذلك كما عن الأردبيلي اللهم الا ان يراد تحديد العرف بذلك والامر حينئذ سهل انتهى أقول الرجوع إلى العرف انما يتجه لو قلنا بأنه ليس للركوع المعتبر في الصلاة حقيقة شرعية ولا حد شرعي تعبدي وما يثبت في القائم اما لبيان مفهومه العرفي أو تقييد شرعي يختص بمورده فمقتضى القاعدة حينئذ في ركوع القاعد الرجوع إلى ما يقتضيه اطلاق دليله وهو لا يخلو عن اشكال إذ الظاهر بعد الغض عن انه ليس في المقام اثر لفظي صالح للرجوع إلى منصرفه ان الهيئة العرفية التي ينصرف الذهن إليها عند اطلاق الامر به من جلوس انما هي بمقايسته إلى ركوع القائم حيث إن انس الذهن بركوع القائم يورث تصوير ما يشابهه في الجالس على حسب ما يناسب حاله لا لأجل ان هذا هو معناه عرفا بل لأجل ان هذا هو المناسب ارادته في خصوص المقام ولذا يتصوره من لا يفهم للركوع معنا عدى ما يعرفه في الصلاة كالعجمي ونحوه فكان من حدده بالوجه الأول زعم أن هذا هو الذي ينسبق إلى الذهن من الامر به بمقتضى المناسبة الناشئة من المقايسة إلى ركوع القائم ومن حدده بالوجه الثاني نظرا إلى أن الانحناء الركوعي يتقوم بالنصف الاعلى من الجسد الذي لا يختلف حاله في القيام والقعود فعليه ان ينحني ظهره حال كونه جالسا بمقدار ما كان ينحني ظهره حال كونه قائما فأدناه ان ينحني بمقدار ما لو كان قائما لوصل كفاه إلى ركبتيه وهذا المقدار من الانحناء يلزمه محاذاة الوجهة أو بعضه ما قدام ركبتيه عند الجلوس وأعلاه ان يعتدل ظهره فتحاذي جبهته موضع سجوده لو سجد وهو على تلك الهيئة من غير أن يغير وضعه بتقديم جثته بل بتأخير رجليه تحقيقا لوقوع السجدة عليهما وعلى عين ركبتيهما وكيف كان فالتحديد بهذا الوجه ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط واما الوجه الأول فمقتضاه كفاية نصف هذا المقدار تقريبا فإنه إذا انحنى الجالس نصف المقدار الذي كان ينحني في ركوعه قائما يصير بالنسبة إلى الجالس المنتصب كالراكع بالإضافة إلى القائم وهو لا يخلو عن اشكال ويحتمل ان يكون المراد بهذا التحديد أيضا ما يرجع إلى الأول بان يكون الملحوظ في النسبة هو خصوص ظهره الذي يتقوم به الانحناء والانتصاب الذي لا يختلف الحال فيه لدى القيام والقعود فمعناه حينئذ انه يعتبر في ركوعه ان ينحني بحيث يصير ظهره منحنيا بالإضافة إليه منتصبا وهو قاعد كانحنائه راكعا بالإضافة إليه وهو قائم فيتحد الكيفيتان على هذا التفسير والاختلاف انما هو في التعبير وهل يعتبر في القعود الشرائط المعتبرة في القيام من الانتصاب والاستقرار والاستقلال مع الامكان كما هو صريح بعض وظاهر غيره فيه تردد خصوصا في الأخير منها واما الأولان فاعتبارهما فيه مع القدرة لا يخلو عن قوة لاطلاق النص الوارد في الأول ومعاقد الاجماعات المحكية على الثاني ودعوى انصرافها إلى حال القيام قابلة للمنع وإذا عجز عن القعود بجميع أنحائه صلى مضطجعا بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه اخبار مستفيضة منها حسنة أبي حمزة الواردة في تفسير قوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم المتقدمة في صدر المبحث وفيها وعلى جنوبهم الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا وعن تفسير النعماني بسنده عن علي عليه السلام في حديث ومثله قوله عز وجل فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ومعنى الآية ان الصحيح يصلي قائما والمريض يصلي قاعدا ومن لم يقدر ان يصلي قاعدا صلى مضطجعا ويؤمي ايماء فهذه رخصة جاءت بعد العزيمة ومضمرة سماعة قال سئلته عن المريض لا يستطيع الجلوس قال فليصل وهو مضطجع وليضع على جبهته شيئا إذا سجد فإنه يجزي وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال المريض إذا لم يقدر ان يصلي قاعدا كيف قدر صلى اما ان يوجه فيومي ايماء وقال يوجه كما يوجه الرجل في لحده وينام على جانبه الأيمن ثم يؤمي بالصلاة قال فإن لم يقدر على أن ينام على جنبه الأيمن فكيف ما قدر فإنه له جائز ويستقبل بوجهه القبلة ثم يومي بالصلاة ايماء وعن المصنف في المعتبر أنه قال روى أصحابنا عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال المريض إذا لم يقدر ان يصلي قاعدا يوجه كما يوجه الرجل في لحده وينام على جانبه الأيمن ثم يومي بالصلاة فإن لم يقدر على جانبه الأيمن فكيف ما قدر فإنه جائز ويستقبل بوجهه القبلة ثم يؤمي بالصلاة ايماء وعن الشهيدين في الذكر والروض أيضا نقل هذه الرواية عن حماد ولكن ربما ادعى بعض ان هذه هي رواية عمار المتقدمة وقد وقع الاشتباه في النسبة فعن المحقق السبزواري في الذخيرة انه بعد نقل موثقة عمار المذكورة قال وفي متن هذه الرواية اضطراب ونقلها في المعتبر بوجه آخر وتبعه الشهيدان
(٢٦٢)