وقتها بوقت المغرب لأنها تابعة لها كالوتيرة واستجوده في كشف اللثام وفي المدارك بعد ان نقل ميل الشهيد في الكتابين إلى ذلك قال وهو متجه ويشهد له صحيحة أبان بن تغلب قال صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام المغرب بالمزدلفة فقام فصلى المغرب ثم صلى العشاء الآخرة ولم يركع بينهما ثم صليت خلفه بعد ذلك بسنة فلما صلى المغرب قام فتنفل بأربع ركعات ثم قام فصلى العشاء الآخرة انتهى واستدل في الجواهر للمشهور بما لفظه لأنه المعهود من فعلها من النبي صلى الله عليه وآله وغيره والمنساق مما ورد فيه من النصوص بل قد عرفت فيما مضى التصريح في غير واحد من الاخبار بضيق وقت المغرب وانه يخرج بذهاب الحمرة فضلا عن نافلتها انتهى وفي الجميع مما لا يخفي فإنه ان أريد بالمعهودية ان النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يأتي بها الا في هذا الوقت بحيث لو كان يؤخر المغرب كان يترك نافلتها فهذا مما لم يثبت وان أريد ان كان يأتي بها في هذا الوقت فهذا هو القدر المتيقن يجب الاقتصار عليه في الاحكام التوقيفية ففيه ان المرجع في مثل المقام انما هو استصحاب بقاء التكليف وعدم سقوطه بسقوط الشفق مع أن مقتضى اطلاق الاخبار الامرة بفعلها بعد المغرب مع ما في جملة منها من الاهتمام بفعلها وعدم تركها في سفر ولا حضر مشروعية الاتيان بها بعد المغرب مطلقا سواء اتى بالمغرب في أول وقتها أو في اخره كالأوامر المتعلقة بالأذكار والأدعية والسجدة وغيرها من التعقيبات المسنونة بعدها ولا ينافي ذلك ما قد يدعى عليه الاجماع من أن النوافل من التكاليف الموقتة فان مقتضي اطلاق دليلها امتداد وقتها إلى أن يختص الوقت بالعشاء لو لم يكن دليل على تقييده بذهاب الحمرة كما هو المفروض وقد ظهر بذلك ما في دعوى ان المنساق من النصوص الواردة فيها أراد فعلها قبل ذهاب الحمرة إذ ليس في النصوص الواردة فيها الا الحث على فعل أربع ركعات بعد أداء فريضة المغرب وليس حالها الا حال الاخبار التي ورد فيها الحث على التعقيبات المأثورة بعد الفريضة فليتأمل واما الاخبار التي وقع فيها التصريح بان وقت المغرب ضيق فهي محمولة على وقت الفضيلة باعتراف المستدل فكيف يصح الاستدلال بها لخروج وقت نافلتها على الاطلاق هذا مع أنه لا ملازمة بين خروج وقت المغرب بذهاب الحمرة وخروج وقت نافلتها بذلك لأنها شرعت بعد أداء الفريضة فمن الجائز بقاء وقتها بعد انقضاء وقت الفريضة بمقدار أدائها أو أزيد نعم يلزمه ذلك بناء على ما هو المختار من امتداد وقت المغرب إلى أن يتضيق وقت العشاء فان تضيق وقت العشاء مانع عن بقاء وقت فريضة المغرب فضلا عن نافلته كما عرفته في محله وعن المصنف رحمه الله في المعتبر الاستدلال للمشهور بان ما بين صلاة المغرب وذهاب الحمرة (وقت يستحب فيه تأخير العشاء فكان الاقبال فيه على النافلة حسنا وعند ذهاب الحمرة) تقع الاشتغال بالفرض فلا يصلح للنافلة وقال ويدل على أن اخر وقتها ذهاب الحمرة ما روى من منع النافلة في وقت الفريضة روى ذلك جماعة منهم محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا دخل وقت الفريضة فلا تطوع انتهى وفي المدارك بعد ان نقل عن المعتبر ما سمعت قال وفيه نظر إذ من المعلوم ان النهي عن التطوع وقت الفريضة انما يتوجه إلى غير الرواتب للقطع باستحبابها في أوقات الفرائض والا لم يشرع نافلة المغرب عند من قال بدخول وقت العشاء بعد مضي مقدار ثلاث ركعات من أول وقت المغرب ولا نافلة الظهرين عند الجميع وقوله انه عند ذهاب الحمرة يقع الاشتغال بالفرق فلا يصلح للنافلة دعوى خالية من الدليل مع أن الاشتغال بالفرض قد يقع قبل ذلك عند المصنف رحمه الله ومن قال بمقالته ومجرد استحباب تأخير العشاء عن أول وقتها إلى ذهاب الحمرة لا يصلح للفرق انتهى وأجاب في كشف اللثام عن الاستدلال للمشهور بالنهي عن التطوع في وقت الفريضة بان المراد وقت تضيقها وفيه ان الأخبار الواردة فيه كادت تكون صريحة في الأعم من ذلك وقد ورد في بعض الأخبار المتقدمة التي وقع فيها تحديد وقت الظهرين بالذراع والذراعين التعليل بأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك لئلا يكون تطوع في وقت الفريضة ويظهر من مثل هذه الروايات أيضا ضعف ما زعمه صاحب المدارك من أن النهي من التطوع وقت الفريضة انما يتوجه إلى غير الرواتب فان الأخبار الواردة فيه جملة منها كادت تكون صريحة في الشمول لكن الأدلة الدالة على شرعية نافلة الظهرين في وقتهما حاكمة على تلك النواهي حيث إنها تدل بمدلولها اللفظي على أن وقت الفريضة الذي نهى عن التطوع فيه انما هو بعد الذراع والذراعين واما قبلهما فهو وقت للنافلتين لكنك ستعرف في محله اختصاص هذه الحكومة بالنافلتين فلو تنفل بغيرهما قبل الذراع والذراعين يكون من التطوع في وقت الفريضة واما نافلة المغرب قبل ذهاب الشفق فهي خارجة عن موضوع هذه النواهي لما أشار إليه المصنف في محكى المعتبر وستعرف تحقيقه من أن المراد بوقت الفريضة هو الوقت الذي أريد فيه من المكلف اشتغاله بالفريضة اما بأمر الزامي كما في اخر وقتها الذي لا يجوز له التأخير أو بأمر ندبي كما في سائر أوقاتها التي يكون فيها مأمورا بتعجيلها ما استطاع لا مطلق وقتها الذي يجوز له ايقاعها فيه وان كان الراجح تأخيرها عنه اما بالذات كما في وقت العشاء قبل ذهاب الشفق وكذا العصر على القول باستحباب تأخيرها إلى المثل أو الأربعة اقدام أو بالعرض كما في منتظر الجماعة فان النافلة في هذا الوقت مما لا محذور فيه وليست مندرجة فيما أريد من النهي عن التطوع في وقت الفريضة كما ستعرف تحقيقه وبهذا ظاهر لك ان ما ذكره المصنف رحمه الله في غاية الجودة والمتانة ولا يتوجه عليه شئ من مثل هذه الخدشات وسيأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله عند البحث عن جواز التطوع في وقت الفريضة ويؤيده الاخبار الناطقة بان المفيض من عرفات إذا صلى المغرب في المزدلفة يؤخر النافلة إلى ما بعد العشاء بل قد يستدل له بهذه الاخبار وفيه نظر إذ لم يعلم انحصار وجهه بخروج وقت النافلة واما ما في المدارك من الاستدلال لعدم خروج وقتها بسقوط الشفق بما في صحيحة ابان من حكاية فعل الإمام عليه السلام ففيه انه حكاية فعل لم يعرف زمانه ولا وجهه فالأظهر ما هو المشهور من أن وقتها من بعد أداء المغرب إلى سقوط الشفق فان بلغ ذلك ولم يكن صلى النافلة اجمع بدا بالفريضة كما في المتن وجملة من كتب العلامة على ما حكى عنها واستدل عليه في محكى المعتبر بان النافلة لا تزاحم غير فريضتها لما روى من أنه لا تطوع في وقت فريضة وعن الشهيدين وغيرهما القول بان من كان قد شرع في ركعتين منها ثم زالت الحمرة
(٤٦)