مع شهادة بعض الأخبار المتقدمة عليه فلا ينبغي الاستشكال في جواز التقديم هذا مع أن المقام مقام المسامحة يكتفي في اثباته بمجرد بلوغ رواية وان كانت ضعيفة السند وقد أشرنا إلى أن اخبار التوقيت لا ينافيه حتى يتوهم انه خارج عن مورد المسامحة وقد ظهر بذلك انه لا ينبغي الاستشكال في جواز التأخير أيضا وهذا اجمالا مما لا كلام فيه إذ لا نزاع في جواز ترك النافلة في وقتها ومشروعية الاتيان بها فيما بعد وانما الخلاف في مقامين أحدهما في أنها متى أخرت عن أوقاتها المحدودة هل تكون قضاء أو انها أداء ما دام وقت الفريضة باقيا الثاني في أنه هل يجوز الاتيان بها حينئذ قبل الفريضة أو انه يجب تأخيرها عنها اما المقام الأول فمما لا يترتب على تحقيقه ثمرة في مقام العمل لأنه ان أريد بذلك اثبات أفضليتها في تلك الأوقات فهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه ضرورة انه يكفي في ذلك الأوامر المتعلقة بفعلها في الوقت المحدود وان أريد بذلك تشخيص وجه الفعل ليقع الفعل على وجهه في مقام الإطاعة ففيه ان الأخبار المتقدمة صريحة في اتحاد الماهية المأمور بها وكون المكلف مخيرا في الاتيان بها في اي ساعة من النهار فهي على تقدير الاتيان بها في اخر النهار ليست ماهية أخرى قد جعلها الشارع تداركا للفائتة كي يكون عنوان كونه قضاء من الجهات المميزة للفعل التي يعتبر قصدها في مقام الامتثال بل هي بعينها تلك الطبيعة وقد رخص الشارع في ايقاعها اخر النهار فان أراد القائل بصيرورتها قضاء خروج وقتها المأمور بايقاعها فيه أولا وبالذات فله وجه والا فمقتضي الأخبار المتقدمة كون مجموع النهار من أوله إلى اخره وقتا لأدائها وكون مواقيتها أوقاتا للفضيلة فلو لم يكن لنا دليل على مشروعية قضاء النوافل لكنا نقول أيضا بجواز الاتيان بها في اخر النهار كتقديمها على الزوال بواسطة هذه الأخبار من غير أن نسميه قضاء والامر فيه سهل بعد ما عرفت من أنه لا يترتب عليه ثمرة عملية بناء على ما هو التحقيق من أنه لا يعتبر قصد الأدائية والقضائية ما لم يتوقف عليه تمييز الماهية كما في المقام واما المقام الثاني فسيأتي التكلم فيه عند البحث عن جواز التطوع في وقت الفريضة إن شاء الله وستعرف ان الفضل انما هو في البدئة بالفريضة ولو على القول بجواز التطوع في وقتها ولكن ان خرج وقت النافلة اي القدمين والأربعة اقدام وقد تلبس منها اي من النافلة بشئ ولو بركعة زاحم بها الفريضة وأتمها مخففة جمعا بين الحقين والمراد بتحقيقها على ما حكى عن جماعة التصريح به هو الاقتصار على أقل المجزي كالحمد وحدها وتسبيحة واحدة في الركوع والسجود وعن بعض اعتبار الاتيان بالصلاة جالسا لو تأدى التخفيف به وفيه نظر بل عن بعض التأمل في أصل اعتبار التخفيف لاطلاق الموثقة الآتية التي هي مستند الحكم وهو لا يخلو عن وجه وان كان الأحوط التخفيف مهما أمكن خصوصا على القول حرمة التطوع في وقت الفريضة اقتصارا على القدر المتيقن مع امكان دعوى انصراف الموثق إلى ارادته اتمامها مخففة وان كانت قابلة للمنع خصوصا بالنظر إلى ما في ذيله من التصريح بان له ان يأتي بما بقي من النافلة بعد حضور الأولى إلى نصف قدم وببعد حضور العصر إلى قدم فان هذا المقدار من الزمان يسع الاتيان بما بقي بحسب المتعارف من غير تخفيف كما لا يخفى وان لم يكن صلى شيئا بدا بالفريضة وجوبا أو استحبابا على الخلاف الآتي ويدل على الحكمين المذكورين موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال للرجل ان يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى أن يمضي قدمان وان كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة أو قبل ان يمضي قدمان أتم الصلاة حتى يصلي تمام الركعات فان مضى قدمان قبل ان يصلي ركعة بدء بالأولى ولم يصل الزوال الا بعد ذلك وللرجل ان يصلي من نوافل الأولى ما بين الأولى إلى أن تمضي أربعة اقدام فان مضت الأربعة اقدام ولم يصل من النوافل شيئا فلا يصلي النوافل وان كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها ثم يصلي العصر وقال للرجل ان يصلي ان بقي عليه شئ من صلاة الزوال إلى أن يمضي بعد حضور الأولى نصف قدم وللرجل إذا كان قد صلى من نوافل الأولى شيئا قبل ان يحضر العصر فله ان يتم نوافل الأولى إلى أن يمضي بعد حضور العصر قدم وقال القدم بعد حضور العصر مثل نصف قدم بعد حضور الأولى في الوقت سواء وما في الشرطية الأولى وهي قوله عليه السلام وان كان قد بقي إلى اخرها من الاجمال حيث لم يتضح المراد بها غير قادح في الاستدلال فان ما عداها من الفقرات واف باثبات المطلوب ولعل ما في هذه الفقرة من الاجمال نشأ من تحريف النساخ أو خلل من الراوي في التعبير كما أنه ليس بعزيز في روايات عمار وهو لا يوهنها بالنسبة إلى ما لا خلل فيه كما هو واضح وقيل كما في المتن بل لعله هو المشهور بين الأصحاب قديما وحديثا انه لا يجوز تقديمها اي النوافل على الزوال خلافا لما سمعته انفا من الشيخ من جوازه لدى الضرورة وجماعة من المتأخرين من جوازه مطلقا وقد تقدم الكلام فيه مفصلا وعرفت فيما تقدم ان الأخير هو الأقوى للمستفيضة المتقدمة الدالة عليه التي قد عرفت انه لا مقتضي لطرحها أو تأويلها بعد كون المورد قابلا للمسامحة وعدم صلاحية شئ من الأدلة لمعارضتها وقد تكلف في الجواهر في تأويلها وصرفها إلى النوافل المبتدأة أو حملها على إرادة التوسعة في امر النوافل بتقديمها في وقتها وتأخيرها عنه اي جواز الاتيان بها أداء وقضاء وحمل ما هو نص في جواز تقديم النوافل المرتبة من أول النهار اما مطلقا أو إذا علم أنه يشتغل عند الزوال بالحمل على إرادة البدل العرفي قبل الوقت والقضاء في خارجه بزعم معارضتها لاخبار التوقيت المعتضدة بالفتاوي كما زعمه صاحب الحدائق في كلامه المتقدم وقد تبين ضعفه فيما تقدم بما لا مزيد عليه ولكن مع ذلك الأحوط في لتقديم كما أنه هو الأفضل الا في يوم الجمعة فان التقديم فيه جايز بل راجح كما ستعرف إن شاء الله وتعرف أيضا انه يزاد في نافلتها أربع ركعات اثنتان منها للزوال اي يؤتى بهما عنده ووقت نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربية كما عن المشهور وعن بعض دعوى الاجماع عليه وعن الشهيد في الذكرى والدروس الميل إلى امتداد
(٤٥)