عن المرأة هل يصلح لها ان تصلي في درع ومقنعة قال لا يصلح لها الا في ملحفة الا ان لا تجديدا وعن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام قال إذا حاضت الجارية فلا تصلي بغير خمار وخبر الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال صلت فاطمة عليها السلام في درع وخمار وليس عليها أكثر مما وارت به شعرها واذنيها وظاهر جل هذه الروايات ان لم يكن كلها انه يجب على المرأة ستر رأسها وسائر جسدها في الجملة ولا يعارضها ما رواه عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بالمرأة المسلمة الحرة ان تصلي وهي مكشوفة الرأس لقصورها عن المكافئة ولولا اعراض المشهور عن ظاهر هذه الرواية لأمكن الجمع بينها وبين أكثر الأخبار المتقدمة بالحمل على الاستحباب واما بالنسبة إلى بعضها مما ورد فيه النهي عن أن تصلي بغير خمار ونحوه مما ظاهره التنافي في بادي الرأي فيشكل ارتكاب مثل هذا التأويل فيه بحمل النهي على الكراهة وتنزيل الباس المنفي في هذه الرواية على الحرمة من غير شاهد خارجي لان فتح باب هذا النحو من التأويل في الاخبار المتنافية في الظاهر موجب لسد باب الترجيح الذي ورد الامر به في غير واحد من الاخبار وقد حكى عن الشيخ حمل رواية ابن بكير على الصغيرة أو على صورة الضرورة وهو بعيد وابعد منه ما استقر به في الحدائق من حملها على أن المراد بكونه مكشوفة الرأس يعني عن القناع زيادة على ستر الرأس الواجب نعم لا يبعد هذا التوجيه في روايته الأخرى قال لا باس ان تصلي المرأة المسلمة و ليس على رأسها قناع لولا احتمال اتخاذها مع الأولى التي هي كالنص في إرادة كونها مكشوفة الرأس فالأولى رد علمها إلى أهله ثم انا قد أشرنا في صدر المبحث إلى أن الذي يشترط في صحة صلاة المرأة انما هو ستر ما يجب ستره من جسدها من غير فرق بين ان يكون ذلك بثوب واحد أو بثوبين فما زاد وما في الأخبار المتقدمة من الامر يلبس ثوبين والتصريح بان أدنى ما تصلي المرأة فيه درع وملحفة جار مجرى العادة فلا يفهم منها اشتراط التعدد ولذا لم يفهم الأصحاب منها ذلك نعم الظاهر مما ورد فيه الامر بلبس ما زاد عن الثوبين الذين يتحقق بهما الستر المعتبر في الصلاة ارادته من باب التعبد فيحمل على الفضل بقرينة غيره من الاخبار مع احتمال ان لم يكن المقصود بذلك أيضا الا الاستظهار وحصول الستر الواجب كما تقدم التنبيه عليه فيما سبق بقي الكلام في تمييز ما يجب عليها ستره مفصلا فنقول اما رأسها فقد عرفت دلالة جل الأخبار المتقدمة على وجوب ستره واما سائر جسدها فالظاهر في لخلاف في وجوب ستره فيما عدى الوجه والكفين والقدمين و كفى بذلك كاشفا عما أريد من الاخبار لو كان فيها اجمال مع امكان دعوى عدم قصورها في حد ذاتها عن افادته لا لما فيها من التصريح بان أدنى ما تصلي المرأة فيه درع وملحفة وهما تستران غالبا ما عدى المواضع المزبورة فان استفادة وجوب ستر كل ما يتحقق ستره بهما بالأصالة من مثل هذه الرواية لا يخلو عن تأمل بل لما في بعضها من الإشارة إلى وجوب ستر ذلك كله كصحيحة جميل التي ورد فيها الامر بان يكون عليها زائدا على درع وخمار ملحفة تضمها عليها فان فيها ايماء إلى أن المقصود بالثياب استتارها وعدم استبانة شئ من جسدها وأوضح منها دلالة عليه قوله عليه السلام في ذيل صحيحة علي بن جعفر عليه السلام فان خرجت رجلها وليس تقدر على غير ذلك فلا باس ان ظاهرها عدم جواز ذلك على تقدير القدرة على غير ذلك ومن الواضح انه لا خصوصية للرجل في هذا الحكم بحسب ما هو المغروس في أذهان المتشرعة فليس رعاية الستر فيا شرعا أولى من رعايته بالنسبة إلى الصدر والبطن ونحوهما فيفهم من ذلك أنه يجب عليها ستر سائر جسدها والحاصل ان من تأمل في النصوص والفتاوي لا يكاد يرتاب في أنه يجب عليها ستر جميع جسدها مما عدى المواضع المزبورة اي عدى الوجه والكفين وظاهر القدمين وباطنهما واما هذه المواضع فاما الوجه فمما لا شبهة في عدم وجوب ستره بل لا خلاف فيه يعتد به وقد استفيض نقل الاجماع عليه بل عن بعض دعوى اجماع علماء الاسلام عليه ويدل عليه مضافا إلى ذلك جملة من الأخبار المتقدمة الدالة على جواز الصلاة في درع وخمار ضرورة خروج الوجه عما يتحقق عادة ستره بلبس درع وخمار ويشهد له أيضا مضمرة سماعة قال سئلته عن المرأة تصلي متنقبة قال إذا كشفت عن موضع السجود فلا باس وان أسفرت فهو أفضل فما عن ابن حمزة في وسيلته من أنه يجب عليها ستر جميع بدنها الا موضع السجود بظاهره في غاية الضعف وهل المدار في معرفة حدود الوجه على ما دارت عليه الابهام والوسطى كما في باب الوضوء أو أعم من ذلك فيدخل فيه الصدعان ونحوهما فيه وجهان بل قولا من أن المتبادر من كلمات الأصحاب في فتاويهم ومقاعد اجماعاتهم وكذا المضمرة السابقة إرادة الوجه العرفي وهو أعم من وجه الوضوء ومن انه بعد ان ورد تحديد شرعي للوجه ينزل الأحكام الشرعية الثابتة له على ارادته مع أن المنساق من الخبر الوارد لتحديد الوجه كونه كاشفا عن معناه العرفي ومبينا لما في حدوده من الاجمال لدى العرف فدعوى كونه عرفا أعم من ذلك قابلة للمنع وهذا الوجه مع أنه أحوط لا يخلو من قوة نعم لو ثبت خروج الصدغين ونحوهما عما هو المتعارف ستره بالخمار اتجه القول الأول نظرا إلى ظهور الأخبار الدالة على كفاية الدرع والخمار في إرادة التستر بهما على حسب ما هو المتعارف في لبسهما وحكى عن بعض انه احتمل دخول الاذنين أيضا في الوجه وهو كما ترى واما الكفان والقدمان فالمشهور عدم وجوب سترهما أيضا كالوجه وحكى عن بعض القول بالوجوب وبالغ في الحدائق في تشييده وربما يظهر من قول المصنف على تردد في القدمين وجود القول بالتفصيل بين القدمين والكفين وهو مما لم تعرف قائله بل في الجواهر يمكن ان يقال إن القول بالوجوب فيهما مع القول بعدمه في الكفين خرق للاجماع المركب وكيف كان فقد استدل للمشهور بما دل على أن المرأة تصلي في درع وخمار حيث إن الدرع لا يسترهما عادة واستشكله في الحدائق بان من الجائز كون دروعهن في تلك الأزمنة واسعة الأكمام طويلة الذيل كما هو المشاهد الان في نساء أهل الحجاز بل أكثر بلدان العرب فإنهم يجعلون القميص واسعة الأكمام مع طول زائد بحيث يجر على الأرض ففي مثله يحصل ستر الكفين والقدمين وفيه نظر فان دروعهن وان كانت واسعة الأكمام طويلة الذيل لكن طول ذيلها غالبا من خلفها لا من قدامها امام الساق فلا يستر بها ظاهر القدم غالبا وكذا سعة الكم ليست بحيث يوجب ستر الكفين على الاطلاق ولا أقل من عدم كون ما لم يصل إلى هذا الحد خلاف المتعارف كي ينصرف عنه الاطلاق مع أن الشك يكفي في الالتزام بعدم لزومه بناء على ما هو التحقيق من أن المرجع لدى الشك اصالة البراءة لا قاعدة الاشتغال فالقول بعدم الوجوب هو الأقوى ولا ينافي ذلك مفهوم قوله عليه السلام في صحيحة علي بن جعفر المتقدمة فان خرجت رجلها وليس تقدر
(١٥١)