بكونه مكلفا بفعلها بخلاف الأول فإنه لا يعلم حين الاتيان بالمحتمل بدخول وقت العصر الذي هو شرط في تنجز التكليف بها فيكون بمنزلة ما لو اتى ببعض محتملات الظهر قبل ان يتحقق عنده الزوال وفيه بعد الغض عما حققناه في محله من مشاركة الصلاتين في الوقت وان الاختصاص منشأ من الترتيب بين الصلاتين فالمكلف من أول الوقت مأمور بايقعهما مرتبتين مع أنه على تقدير القول بالاختصاص فإنما هو بمقدار أداء الفريضة من حيث هي أو مع مقدماتها الوجودية لا ما يتوقف عليه العلم بأدائها فالجهل بجهة القبلة المانعة عن تأدية الفريضة الواقعية في أول وقتها كغيره من الاعذار المانعة عن ذلك لا يوجب امتداد وقتها المختص المقدر في النص والفتوى بمقدار أربع ركعات أو بمقدار أدائها انه يرد عليه ما عرفت من أن المصحح لشرعية هذا الفعل ليس الا الاحتمال المقرون بالعلم بتنجز التكليف بذلك الفعل على تقدير مصادفته للواقع فهو يعلم بأنه ان كان ما يأتي به مصداقا للعصر الواجبة في الشريعة التي يجب عليه الخروج عن عهدتها في ضمن محتملاتها فقد تنجز الامر بها والا فلا يجديه هذا الفعل ولا يعتبر فيما يأتي به من باب الاحتياط أزيد من ذلك جزما فمن علم بأنه يجب عليه كفارة مرددة بين الصوم والعتق لا يجب عليه تأخير العتق إلى اليوم كي يعلم بتنجز التكليف بالخروج عن عهدة ذلك التكليف المعلوم بالاجمال بل عليه ان يأتي بكل من طرفي الشبهة في وقته الذي يعلم بكونه وقتا له على تقدير كونه هو المكلف به ودعوى انه يجب ان يكون حين الاتيان بكل من أطراف الشبهة عالما بتنجز التكليف بذلك الواجب المعلوم بالاجمال على كل تقدير عرية عن الشاهد بل الشواهد قاضية بخلافه ولو نوى من أول الأمر الاقتصار على بعض الجهات صرح غير واحد ببطلان صلاته وان انكشف بعد الصلاة مطابقته للواقع بل ظاهرهم كونه من المسلمات لانتفاء الجزم في النية المعتبر في صحة العبادة وفيه تأمل يظهر وجهه مما أسلفناه في نية الوضوء عند البحث عن اعتبار الجزم في النية الوضوء عند البحث عن اعتبار الجزم في النية فراجع ولو قصد الاتيان بالكل وانكشف بعد الاتيان ببعض المحتملات مصادفته للواقع أجزاه ذلك ولا يجب اعادته كما لا يجب الاتيان بباقي المحتملات بل لا يشرع وعن بعض انه لا يجزي مستدلا عليه بان امتثال الامر بالصلاة إلى القبلة اما يحصل بالصلاة إلى اربع جهات أو إلى جهة يعلم تفصيلا انها قبلة وفيه ما لا يخفى تنبيه المتردد بين جهتين أو ثلاث يجب عليه ان يكرر الصلاة لكل جهة من تلك الجهات مرة وقيل لا تجب الا صلاة واحدة تمسكا باطلاق الأخبار المتقدمة الدالة على أن المتحير يصلي حيث يشاء مقتصرا في تخصيصها على من اشتبه عليه الجهات مطلقا للنص والأول أظهر كما يظهر وجهه مما مر ولو فرض حصول الظن له مرددا بين جهتين مثلا فهل هو بمنزلة العلم بذلك في الاكتفاء بالصلاة إلى هاتين الجهتين فيه تردد من أن الظن بالقلة عند تعذر العلم معتبر نصا وفتوى ومن أن المتبادر منهما اعتبار الظن المتعلق بكون القبلة في جهة معينة لا في مثل الفرض الذي مرجعه إلى الظن بعدم كونها في بعض الجهات فهذا الظن مما لا دليل على اعتباره ومقتضى الأصل عدم حجيته وهذا مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة وهل يجب على الجاهل بالقبلة تأخير الصلاة مع رجاء زوال الجهل امر بجواز المبادرة إلى الصلاة إلى الجهات الأربع وجهان أوجههما الأخير بناء على المختار من كون الصلوات الأربع محصلة للاستقبال المعتبر في الصلاة وعدم لزوم رعاية الجزم في النية مع عدم التمكن منه حال الفعل بل مطلقا في وجه قوي واما ان قلنا بلزوم رعاية الجزم مهما أمكن وعدم سقوط شرطيته الا على تقدير في لقدرة على الامتثال التفصيلي أو قلنا بان الصلاة إلى كل جهة مرة ليست محصلة للقبلة ولكنها تكليف عذري سوغته الضرورة فالمتجه وجوب التأخير كما هو الشان في كل تكليف اضطراري اللهم الا ان يدل الدليل الدال عليه على كفاية الضرورة حال الفعل في شرعيته كما في العبادات الصادرة تقية ونظائرها على حسب ما عرفته في باب الوضوء ولكن استفادة ذلك فيما نحن فيه من الأدلة الدالة عليه لا تخلو من تأمل والله العالم فان ضاق الوقت عن ذلك اي الصلاة إلى الجهات الأربع صلى من الجهات ما يحتمله الوقت وكذا لو منعه مانع عن الصلاة إلى بعض الجهات عينا أو تخييرا وان ضاق الا عن صلاة واحدة صلاها إلى اي جهة شاء واكتفى بها بلا شبهة ما لم يكن عن تقصير بل في الجواهر بلا خلاف صريح أجده في شئ من ذلك مع عدم تقصيره في التأخير انتهى لان الصلاة لا تسقط بحال والاستقبال شرط في حال التمكن فتنتفي شرطيته عند في لقدرة عليه ولو بواسطة الجهل بجهة القبلة وعدم التمكن من الاحتياط كما في الفرض واما مع التقصير ففي الاكتفاء بها نوع تردد بظهر وجهه مما أسلفناه في باب التيمم في مسألة من قصر في طلب الماء حتى ضاق الوقت فراجع وهل يلغي شرطية الاستقبال رأسا عند في لتمكن الامر صلاة واحدة أو انها مرعية على جهة الاحتمال كما أنه كذلك عند التمكن من أزيد من صلاة واحدة وجهان أوجههما الأخير كما يظهر وجهه مما سيأتي ويتفرع عليه انه لو ظن بعدم كون القبلة في جهة ليس له اختيارها وان لم نقل بان الظن بذلك كالظن بجهة القبلة حجة في حد ذاته لان الحاكم بكون المكلف مخيرا في أن يصلي اي جهة شاء في الصورة المفروضة اما العقل أو الأخبار المتقدمة الدالة على أن المنجبر يصلي حيث يشاء اما العقل فلا يحكم بالتخيير بين المحتملات المختلفة في قوة الاحتمال وضعفه بل يحكم بوجوب اختبار البعض الذي يتمكن منه مما لا يكون أضعف احتمالا من غيره واما الاخبار فبعد تسليم دلالتها على المدعى والغض عن الخدشات المتقدمة فيما سبق فهي منصرفة عن الجهة التي يظن بعدم كونها قبلة اللهم الا ان يدعى دلالتها على سقوط شرطية الاستقبال للمتحير فيتجه حينئذ جواز استقبال تلك الجهة التي ظن بأنها ليست بقبلة بل وان علم بذلك فان هذا اي العلم بعدم كونها في خصوص جهة لا ينافي كونها متحيرا في القبلة كما هو المفروض موضوعا في تلك الأخبار فيجوز له استقبال اي جهة أحب فليتأمل ثم انا قد أشرنا إلى أن القول بأنه يصلي من الجهات ما يحتمله الوقت مبني على عدم سقوط التكليف عند تردد المكلف به بين أمور لا يتمكن المكلف من الاتيان بجميعها ووجوب مراعاته في ضمن محتملاته مهما أمكن كما هو الأقوى من غير فرق بين كون الواجب غيريا كما فيما نحن فيه أو نفسيا ولكن في كلتا المقدمتين اي عدم سقوط التكليف ووجوب رعايته مهما أمكن كلام فإنه ربما يقال بسقوط التكليف في الفرض لان القدرة على الامتثال شرط في حسن الطلب وهي منتفية وكونه قادرا على الاتيان ببعض المحتملات غير مجد في جواز التكليف بالواقع الذي
(١٠٠)