مستعمل في الجميع للكراهة كما يشهد له جملة من القرائن الداخلية والخارجية فتلخص مما ذكر ان القول بالحرمة كما حكى عن ظاهر من تقدمت الإشارة إليه ضعيف فإنه لا يبقى للنهي أو لكلمة لا تجوز الواردة في رواية عمار ظهور في ارادتها بعد الالتفات إلى المذكورات تنبيه صرح غير واحد بعدم الفرق في الكراهة بين مثال الحيوان وغيره لاطلاق كثير من النصوص بل ربما نسبوه إلى الأكثر أو المشهور اخذا باطلاق كلماتهم وربما استظهر ممن عبر في الخاتم بالصلاة وفي الثوب بالتمثال كما في المتن التفصيل نظرا إلى ما قد يدعى من اختصاص الصورة عرفا بذي الروح بخلاف التمثال وربما يشهد باختصاص الكراهة بصورة الحيوان في الخاتم صحيحة البزنطي عن الرضا عليه السلام انه أراه خاتم أبي الحسن عليه السلام وفيه ورده وهلال في أعلاه وربما يستشعر ذلك أيضا من حديث المناهي المروي عن الفقيه حيث قال فيه نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان ينقش شئ من الحيوان على الخاتم هذا مع أنه لا دليل على كراهة مطلق التمثال في الخاتم فان عمدة دليله موثقة عمار المتقدمة والمتبادر منها إرادة صورة الطير ونظائرها من صور الحيوانات كما لا يخفى فالقول بالكراهة مطلقا بالنسبة إلى الخاتم في غاية الضعف واما بالنسبة إلى الثوب فيمكن الاستشهاد له باطلاق كثير من النصوص الدالة عليه الا ان اطلاقات النصوص بل وكذا الفتاوي بحسب الظاهر منصرفة إلى صورة الحيوان سواء وقع فيها التعبير بالصورة أو التمثال فما وقع في المتن ونحوه من اختلاف التعبير لا يبعد ان يكون من باب التفنن في العبارة كما يؤيد ذلك ما عن بعض اللغويين من تفسير التمثال أيضا بصورة الحيوان وربما يشهد لذلك جملة من النصوص حيث يستفاد منها ان المراد بالتمثال أو الصورة التي ورد النهي عنها ليس الا صورة ذي الروح ففي خبر علي بن جعفر ومسئلته عن الدار والحجرة فيها التماثيل أيصلي فيها قال لا تصلي وشئ منها مستقبلك الا ان لا تجد بدا فتقطع رؤوسها والا فلا تصل فان في ذيل الرواية شهادة بان المراد بالتماثيل عند اطلاقها ليس الا ما كان لها رؤس وفي خبر الحلبي المروي عن كتاب المكارم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قد اهتديت إلى طنفسه من الشام فيها تماثيل طائر فأمرت به فميز رأسه فجعل كهيئة الشجر ومن الواضح ان المقصود بهذا التغيير اخراجه عن موضوع التماثيل التي تعلقت الكراهة بها وكان هذا النوع من التغيير وأشباهه هو المراد بتغيير الصورة فيما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا باس ان يكون التماثيل في الثوب إذا غيرت الصورة منه وهذه الرواية بنفسها شاهدة على أن المراد بالتماثيل المكروهة ليس مطلق المثال الشامل لغير الحيوان إذ ليس المراد بالتغيير التصرف الكلي الموجب لمحو الصورة بالمرة والا للزم ان يكون الحكم الذي تضمنته الرواية من قبيل البديهيات بل المقصود تغيير المثال في الجملة بقطع رأسه أو جعله نصفين أو نحو ذلك مما يخرجه عن الهيئة الخاصة فلو كان المراد بالمثال مطلق النقش الحاكي للجسم لم يكن تغيير الصورة مجديا ما لم ينتف موضوعها رأسا لان كل جزء من اجزاء المثال مثال لجزء من الممثل فساد أم شئ منه باقيا على حالته الأولى لا يخرج عن كونه مصداقا للتمثال بناء على إرادة العموم منه وهو خلاف ما ينسبق إلى الذهن من الرواية إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات التي لا يهمنا الإطالة فيها بعد ما نرى بالوجدان ان المتبادر من النهي عن استصحاب درهم أو خاتم أو ثوب عليه صورة أو تمثال ليس الا إرادة مثلا ذي الروح فالأظهر اختصاص الكراهة به وينتفي الكراهة بتغييره على وجه خرج عن كونه شالا للحيوان كما يشهد به الأخبار المتقدمة بل ربما يظهر من بعض الأخبار الاكتفاء في التغيير الموجب لارتفاع الكراهة باذهاب احدى عينيه مثل ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلي فقال إن كان بعين واحدة فلا باس وان كان له عينان فلا ولعله جار مجرى التمثيل والمقصود به نفي الباس عما لو لم تكن الصلاة تامة والله العالم المقدمة الخامسة في مكان المصلي وهو عرفا موضعه اي محله الذي يستقر عليه حال تشاغله بافعال الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود وغيرها ولكن المراد به في المقام ما يعم الفضاء الذي يشغله المصلي كما لعله هو معناه لغة بمقتضى وضعه الأصلي وربما فسر في عرف الفقهاء بتفاسير لا تسلم عن الخدشة والأولى تفسير ما أرادوه بالمكان في المقام بما أشرنا إليه من معناه اللغوي اي محل وجوده قرار فضاء وكيف كان فلا يترتب على شرح مفهومه عرفا أو لغة أو اصطلاحا فائدة مهمة لان الاحكام اللاحقة له التي يقع البحث عنها في هذا المبحث بأسرها معلقة بحسب أدلتها على موضوعات لا تتوقف معرفة شئ منها على صدق مفهوم المكان فمن جملة تلك الأحكام ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله الصلاة في الأماكن كلها جائزة وهذا مما لا شبهة بل لا خلاف فيه على ما ادعاه بعض بل الاجماع عليه على ما في المدارك وغيره ويدل عليه مضافا إلى الأصل والاجماع الأخبار المستفيضة الواردة في مقام الامتنان الدالة على عموم مسجدية الأرض كمرسلة الصدوق قال قال النبي صلى الله عليه وآله أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا الحديث وخبر أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله اعطى محمدا صلى الله عليه وآله شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى إلى أن قال وجعل له الأرض مسجدا وطهورا وعن المحقق في المعتبر مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا أينما أدركتني الصلاة صليت وعن محاسن البرقي عن النوفلي باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الأرض كلها مسجد الا الحمام والمقبرة وخبر عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول الأرض كلها مسجد الا بئر غائط أو مقبرة أو حمام وما في هذين الخبرين من الاستثناء فهو على سبيل الكراهة كما يأتي تحقيقه المشهور ولكن بشرط ان يكون المكان مملوكا للمصلي أو مأذونا في التصرف فيه ولو في خصوص الصلاة من مالكه أو من قام مقامه وكالة أو ولاية واما الأماكن التي ليست بالفعل ملكا لاحد كالأراضي الغامرة أو العامرة التي انجلى عنها أهلها فهي ملك للإمام عليه السلام وقد رخص شيعته في التصرف فيها بانحاء التصرفات فضلا عن الصلاة التي لا شبهة في رضائه بل رضاء كل مسلم في ايقاعها فيما يدخل تحت ولايته ما لم يكن مضرا بحاله من جهة من الجهات وملخص الكلام ان ما يتعلق بالامام عليه السلام من الأنفال وما جرى مجريها مما يكون ملكا له أو امره راجعا إليه فلا شبهة في جواز الصلاة فيه ورضاء الامام بذلك واما ما كان ملكا لغيره فيعتبر اذنه اي رضائه أو رضاء من قام مقامه وكالة أو ولاية لأنه لا يحل مال امرء الا عن طيب نفسه نصا واجماعا ففي خبر سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه
(١٦٩)