إذا كان ملبوسة لان هذا هو المتبادر من نفي الباس عن الصلاة فيها فلو قلنا بان المتبادر من موثقة ابن بكير أو غيرها هو المنع عن مصاحبة غير المأكول مطلقا للزم التفصيل في مثل هذه الأشياء بن ما إذا كانت ملبوسة أو محمولة اللهم الا ان يدعى استفادة نفي الباس عن حمل ما لا يتم فيه الصلاة من الرخصة في لبسه بالفحوى وفيه تأمل وقد تلخص مما ذكر ان القول بالمنع مطلقا مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة الخامس قال العلامة في محكي المنتهى انه لو شك في كون التصوف أو الشعر أو الوبر من مأكول اللحم لم تجز الصلاة فيه لأنها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه والشك في الشرط يقتضي الشك في المشروط أقول قوله لأنها مشروطة بستر العورة الخ مبني على المسامحة من جهتين الأولى انه جعل كونه من مأكول اللحم شرطا مع أن الشرط كونه مما عدى ما لا يؤكل لحمه لا كونه من مأكول اللحم فكأنه أراد بما يؤكل لحمه ما يقابل ما لا يؤكل لحمه بحيث يعم الثوب المعمول من القطن والكتان ونحوهما أو أراد كونه كذلك إذا كان من حيوان لا مطلقا الثانية انه خصه بما يستر به العورة مع أنه شرط في مطلق ما يصلي فيه كما يدل عليه أدلته لا في خصوص الساتر ولولا ابتناء العبارة على المسامحة لكان الدليل أخص من المدعى حيث إنه لا يقتضي الا عدم جواز الاجتزاء به ساترا للعورة لا عدم جواز الصلاة فيه على الاطلاق كما هو المطلوب فمحصل هذا الدليل ان الصلاة مشروطة بعدم كون ما يصلي فيه مما لا يحل اكله فلابد في مقال الامتثال من الجزم بحصولها كذلك ولا يكفي الاحتمال وناقش فيه صاحب المدارك فإنه بعد ان نقل عبارة المنتهى المتقدمة قال ويمكن ان يقال إن الشرط ستر العورة والنهي انما تعلق بالصلاة في غير المأكول فلا يثبت الا مع العلم بكون الساتر كذلك ويؤيده صحيحة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام كل شئ يكون منه حرام وحلال فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام بعينه انتهى وقال أيضا في مبحث الخلل في شرح قول المصنف رحمه الله في الفرع الثالث إذا لم يعلم أنه من جنس ما يصلي فيه وصلى أعاد هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب وحكى استدلال العلامة عليه أيضا ثم قال ويمكن المناقشة فيه بالمنع من ذلك لاحتمال ان يكون الشرط ستر العورة بما لا يعلم تعلق النهي به انتهى أقول كأنه قدس سره زعم أن ما هو المعتبر في مهية الصلاة من حيث هي هو مطلق الستر واشتراط كونه بما يؤكل لحمه نشأ من تعلق النهي بالصلاة في غير المأكول فيختص اعتباره بما إذا تنجز الخطاب بالاجتناب عنه وهو لا يكون الا مع العلم كما هو الشان في سائر الشرائط المنتزعة من الأحكام التكليفية كإباحة اللباس ونحوه الناشي اعتبارها في صحة الصلاة من النهي عن الغصب فتخيل ان النهي المتعلق بالصلاة في غير المأكول نهى نفسي سبق لبيان الحكم التكليفي واستفادة الاشتراط نشأت من امتناع كون العبادة محرمة فتختص بصورة تنجز التكليف ويحتمل ان يكون ملتزما بان المتبادر من ذلك النهي ليس الا إرادة الحكم الوضعي أعني بطلان الصلاة الواقعة في غير المأكول ولكن يدعى انصرافه إلى صورة العلم بالموضوع لا لدعوى ان الألفاظ أسامي للمعاني المعلومة بل بدعوى ان المتبادر عرفا من النهي عن شئ إرادة المنع عن افراده المعلومة أو ان محط نظره فيما ادعاه من عدم ثبوته الا مع العلم ما شاع في السنة بعض المتأخرين من التفصيل بين ما لو وقع التعبير عن جزئية شئ أو شرطيته بصيغة الأمر والنهي أو بصيغة الاخبار فعلى الثاني بثبت اعتباره في مهية المشروط على الاطلاق وعلى الأول يختص اعتباره بغير صورة الجهل والنسيان ونظائرهما ولكن تدينا في هذا الاحتمال استشهاده بالصحيحة التي لا ينساق منها الا إرادة الحكم التكليفي فليتأمل ويحتمل أيضا ان يكون نظره إلى التفصيل بين الشرط والمانع فيجب في الأول احرازه في مقام الامتثال ويكفي في الثاني في لعلم بتحققه فرأى طبيعة الستر من حيث هي شرطا ووقوع الصلاة في غير المأكول من الموانع فلا يثبت مانعيته الا مع العلم ولكن يبعد هذا الاحتمال أيضا كسابقه استشهاده بالصحيحة بل قد ينافيه ما ذكره في مبحث الخلل حيث عبر عنه بلفظ الشرط فليتأمل وكيف كان فان أراد الأول كما هو الظاهر ففيه أولا ان دليل المنع غير منحصر في النواهي المتعلقة بالصلاة في غير المأكول بل عمدته موثقة ابن بكير التي وقع فيها التصريح بفساد الصلاة الواقعة فيه على الاطلاق ولكن صاحب المدارك حيث لا يعتمد على الموثقة لا يتوجه عليه هذا الاعتراض وثانيا ان المتبادر من النواهي أيضا ليس الا ما افاده الموثقة من كونها مسوقا لبيان الحكم الوضعي فان هذا هو المنساق إلى الذهن من الأوامر والنواهي المتعلقة بكيفيات العمل وثالثا سلمنا ان المتبادر منها إرادة الحكم التكليفي أعني الحرمة النفسية ولكن نقول اختصاص الشرطية المستفادة منها بصورة العلم انما هو فيما إذا كانت المسألة من باب اجتماع الأمر والنهي كالصلاة في الدار المغصوبة التي لا مانع عن تعلق التكليف بها الا مزاحمة جهة الغصب بحيث لولا المزاحمة لكانت مأمورا بها بالفعل واما ما نحن فيه فهو من قبيل النهي في العبادات وقد تفرد في محله ان تعلق النهي ببعض افراد العبادة كاشف عن خروج ذلك الفرد عما تعلق به حكم تلك العبادة فلو قال الشارع صل ثم قال لا تصل في الحرير يكون كلامه الثاني مخصصا لاطلاق كلامه الأول وكاشفا عن أن مراده بالامر بالصلاة هو الصلاة في غير الحرير فلو صلى في الحرير غافلا أو ناسيا لم تصح فإنه وان لم يتنجز في حقه النهي ولكن عمله في غير مأمور به وهذا بخلاف مسألة الاجتماع التي ينشأ البطلان من قبيل المزاحمة وتمام التحقيق موكول إلى محله وان أراد ما احتملناه في عبارته من دعوى الانصراف ففيه ان هذه الدعوى وان صدرت من بعض في مطلق النواهي الشرعية لكنها عارية عن الشاهد بل الشواهد بخلافها فان المتبادر من تحريم الخمر مثلا سواء كان بصيغة النهي أو بلفظ الحرمة انما هو إرادة ما هو خمر في الواقع واحراز الموضوع كالعلم بالحكم شرط عقلي لتنجز التكليف لا لتحققه واما التفصيل بين ما ثبت اعتباره بصيغة الاخبار والانشاء فبعد الغض عن فساده في حد ذاته كما تقرر في محله وان الموثقة التي هي الأصل في هذا الباب هي بصيغة الاخبار ان هذا التفصيل انما يجدي في حق الغافل والناسي ونحوهما لا في حق الملتفت كما فيما نحن فيه واما التفصيل بين الشرط والمانع فقد يقال إنه أيضا مما لا يرجع إلى محصل لان في لمانع أيضا شرط لابد (من احرازه) في مقام الإطاعة ضرورة ان الشك في اقتران الصلاة بما ينافيها شك في صحتها وموافقتها للامر فلا يحصل الجزم بفراغ الذمة عما اشتغلت به يقينا الا على تقدير احراز انتفاء الموانع نعم كثيرا ما يكون في لمانع موافقا للأصل بخلاف الشرائط الوجودية المأخوذة من اجزاء المقتضى وهذا غير مجد في المقام فإنه ان أمكن احراز عدم كون ما يصلي فيه مما لا يؤكل بالأصل اجتزى به سواء سمي ذلك العدم شرطا أو وجود غير المأكول مانعا والا فالإطاعة مشكوكة لا محالة سواء قلنا
(١٢٦)