مجرد وصول الماء إليه الذي هو اثر فعل المكلف بل ايصاله إليه وهو إذا كان باستعمال اليد ليس الا عبارة عن هذا الفعل الخارجي الذي يتحقق به ايصال الماء إلى الوجه ولذا ينوي المكلف عند إرادة الوضوء بهذا الفعل الذي يحصل به التصرف في الفضاء التقرب لا بما يتولد من عمله من وصول الماء إلى العضو فيفسد إذا كان الفضاء مغصوبا وربما يؤيد ما ذكرنا ما قيل من أن أهل العرف لا يتوفقون في صدق التصرف عرفا في المكان المغصوب بنفس الوضوء والغسل والانتفاع بل لو كان مسقط الماء مغصوبا كان كافيا في الصدق المزبور فضلا عن نفس الوضوء فيه مثلا والمدار في الحرمة على هذا الصدق لا تلك التدقيقات الحكمية انتهى وقد عرفت ان التدقيقات الحكمية أيضا غير منافية لهذا الصدق لكن في تحقق الصدق العرفي بالنسبة إلى المسقط فضلا عن الاتحاد الحقيقي تأمل بل الظاهر أنه من قبيل التسبيب فيتجه الالتزام ببطلان الوضوء فيما إذا كان سببا تاما لحصول التصرف فيما يسقط فيه مائه لا مطلقا والله العالم ولو صلى تحت سقف مغصوب أو خيمة مغصوبة مع إباحة مكانه كما لو نصب في داره خيمة الغير من غير رضاه فالظاهر صحة صلاته كما حكى التصريح به عن غير واحد فإنه وان كان منتفعا به بل متصرفا فيه حال الصلاة ولكنه لا دخل له باعمال الصلاة نعم بناء على أن الامر بشئ يقتضي النهي عن ضده قد يتجه القول بالبطلان فيما إذا كان مكلفا برده إلى صاحبه ولم يجتمع ذلك مع فعل الصلاة ولكن المبني ضعيف كما تقرر في محله وحكى عن بعض علماء البحرين القول بالبطلان حتى فيما إذا كان حجر واحد في حائط الدار مغصوبا بل ربما نسب إلى أهل البحرين القول بالبطلان فيما إذا كان شئ من جدران سور البلد مغصوبا وهو من الغرائب وان كان ناسيا وجاهلا بالغصبية صحت صلاته ولو كان جاهلا بتحريم المغصوب أو بفساد الصلاة فيه لم يعذر ما لم يكن عن قصور كما ظهر وجه ذلك كله مما قدمناه في اللباس المغصوب فلا نطيل بالإعادة وإذا ضاق الوقت وهو اخذ في الخروج صحت صلاته إذا لم تكن صلاته موجبة لتصرف زائد على ما يتوقف عليه الخروج كما لو اتى بها في هذا الحال مؤميا للركوع والسجود على المشهور بل ربما يظهر من يعلن في لخلاف فيه بيننا واستدلوا عليه بأنه مأمور بالخروج فلا معصية قال صاحب المدارك في شرح قول المصنف رحمه الله ما هذا لفظه ولا يخفى ان الخروج من المكان المغصوب واجب مضيق ولا معصية فيه إذا خرج بما هو شرط في الخروج من السرعة وسلوك أقرب الطرق وأقلها ضررا إذ لا معصية بايقاع المأمور به الذي لا نهي عنه وذهب شاذ من الأصوليين إلى استصحاب حكم المعصية عليه وهو غلط إذ لو كان كذلك لم يكن الامتثال فيلزم التكليف بالمحال انتهى أقول ولعل مراده ببعض الأصوليين أبو هاشم فإنه حكى عنه أنه قال إن الخروج أيضا تصرف في المغصوب فيكون معصية فلا تصح الصلاة حينئذ وهو خارج سواء تضيق الوقت أم لا وعن المنتهى ان هذا القول عندنا باطل و عن التحريم أنه قال اجمع الفضلاء كافة على تخطئة أبي هاشم في هذا المقام أقول ولكنك عرفت انفا عند البحث عن جواز النافلة في المغصوب انه بعد البناء على حرمة مثل هذه التصرفات كما هو الأقوى لا يتفاوت والحال بين ما لو صلى وهو داخل أو خارج في كون عمله قبيحا وموجبا لاستحقاق العقاب عليه ما لم يكن خروجه عن ندم قاصدا به التخلص من الغصب فلا يصح وقوعه عبادة وصيرورة المكلف مضطرا إلى الغصب بمقدار ما يتحقق به التخلص منه لا يجدي في رفع قبح هذا المقدار واباحته بعد ان كان اضطراره إليه مسببا عن مقدمة اختيارية وهي دخوله في المغصوب عن عزم واردة فإنه يكفي في اتصاف الفعل أو الترك الصادر من المكلف بالحسن والقبح وكونه موجبا لاستحقاق الثواب والعقاب استناده إلى مقدمة اختيارية ضرورة كفاية هذا المقدار من الاخبار في مذمة الفاعل على فعله أو مدحه عليه ولا يشترط في ذلك بقائه بصفة الاختيارية إلى حين حصوله وهذا معنى ما يقال إن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار اي يكفي في اتصاف الفعل بكونه اختياريا استناده إلى مقدمة اختيارية وان عرضه ضرورة الفعل أو الترك بعد ترتيب تلك المقدمة أو تركها فالضرورة اللاحقة له غير قادحة في اتصافه بكونه فعلا اختياريا موصوفا بالحرمة أو الوجوب نعم بعد عروض الاضطرار ينقطع التكليف بمعنى انه لا يبقى بعد ان اضطر إلى ارتكاب المغصوب مثلا النهي المتعلق به بصفة التنجز اي يخرج عن صلاحية الباعثية على الترك بعد ان صارت مخالفته واجبة الحصول بتهيئة مقدماتها فيكون ايجاد سبب المخالفة كنفس المخالفة موجبا لسقوط التكليف ولكن لا يجدي ذلك في جوازها بعد ان كانت مستندة إلى مقدمة اختيارية كما هو واضح واما ما ذكروه من أنه مأمور بالخروج فلا معصية ففيه ما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق من أن امره بذلك ليس الا لكون خروجه أقل مفسدة من البقاء نظير ما لو جعل المكلف نفسه بترتيب بعض المقدمات الاختيارية مضطرا اما إلى ارتكاب فعل الزنا أو شرب الخمر مثلا فيستقل العقل حينئذ بأنه يجب عليه بعد عروض الاضطرار اختيارا قبل القبيحين وأهون المعصيتين بل الشرع أيضا قد يوجب عليه ذلك ولكن وجوبه ارشادي محض على حسب ما يستقل به العقل فلا يترتب على موافقته سوى الخاصية المترتبة على ذات المأمور به اي أقلية المعصية فلا يؤثر ذلك في انقلاب المعصية طاعة كما هو واضح فتلخص مما ذكر انه لا فرق في بطلان الصلاة بين ما لو اتى بها في حال الخروج أو الدخول وما سمعته من دعوى اجماع العقلاء على تخطئة أبي هاشم القائل بهذا القول فمما لا ينبغي الالتفات إليه بعد كون المسألة من العقليات التي لا عبرة فيها بالاجماع المحصل فضلا عن منقوله مع امكان تنزيل كلمات الأصحاب القائلين بصحة الصلاة حال الخروج على ما لو كان ناويا بخروجه التخلص من الغصب بعد التوبة وان لا يخلو عن بعد ولاجل ما ذكر لم يلتفت صاحب الجواهر إلى مثل هذه الدعاوي وجزم بصحة كلام أبي هاشم فقال بعد ان نقل قول أبي هاشم وما سمعته من عبارتي المنتهى والتحرير ما هذه صورته قلت لا ريب في صحة كلامه يعني كلام أبي هاشم إذا كان الخروج لا عن ندم على الغصب ولا اعراض ضرورة كونه على هذا الفرض كالدخول تصرفا فيه اما إذا كان مع التوبة والندم وإرادة التخلص من الغصب فقد يقال أيضا ان محل التوبة بعد التخلص والتخلص بلا اثم هنا غير ممكن بعد قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار فلا قبح حينئذ في تكليفه بالخروج مع تحريمه عليه كما حقق في الأصول انتهى وربما يستشعر من ذيل عبارته التزامه بجواز اجتماع الأمر والنهي وكونه بالفعل مكلفا بالخروج وبتركه وهو بظاهره فاسد اللهم الا ان يريد من تكليفه بالخروج الوجوب الارشادي الغير المنافي لحرمة متعلقه ومن تحريمه عليه كونه حراما عليه بواسطة النهي المتعلق به حال قدرته
(١٧٥)