من مصاديق الجلوس عرفا وشرعا ولذا لو لم يجوزه فيما بين السجدتين أيضا وحمل نفي الباس عنه في الصحيحة وغيرها من الأخبار المتقدمة على التقية وفيه منع ظاهره فالأظهر ما عرفت وما في خبر عمر وبن جميع المتقدم من التعبير بعدم الجواز يحمل على شدة الكراهة بقرينة ما عرفت مع قوة احتمال كونه من عبارة الصدوق لا من تتمة الرواية كما لا يخفى ثم إن المراد بالاقعاء المبحوث عنه عند فقهاء الخاصة والعامة كما صرح به غير واحد وضع الآلتين على العقبين معتمدا على صدور القدمين فعن الصنف ره في المعتبر أنه قال ما لفظه والاقعاء ان يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه وقال بعض أهل اللغة هو ان يجلس على أليتيه ناصبا فخذيه مثل اقعاء الكلب والمعتمد الأول لأنه تفسير الفقهاء وبحثهم على تقديره انتهى وعن العلامة في المنتهى نحوه وعن الشهيد وغيره أيضا التصريح به ونسبته إلى الفقهاء بل عن ظاهر غير واحد منهم أو صريحه دعوى اجماعهم عليه بل عن بعض أهل اللغة نسبته بهذا المعنى إلى الفقهاء وقد تصدى في الحدائق لنقل جملة من كلمات اللغويين فقال ما لفظه قال في الصحاح اقعى الكلب إذا جلس على استه مفترشا رجليه وناصبا يديه وقد جاء النهي عن الاقعاء في الصلاة هو ان يضع أليته على عقبيه بين السجدتين وهذا تفسير الفقهاء واما أهل اللغة فالاقعاء عندهم ان يلصق الرجل أليته بالأرض وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره وقال ابن الأثير في النهاية فيه انه نهى عن الاقعاء في الصلاة الاقعاء ان يلصق الرجل أليته بالأرض وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الأرض كما يقعى الكلب وقيل هو ان يضع أليته على عقيبه بين السجدتين والقول الأول ومنه الحديث انه صلى الله عليه وآله اكل مقعيا أراد انه كان يجلس عند الاكل على وركيه مستوفرا غير متمكن وقال في القاموس أقعى في جلوسه تساند إلى ما ورائه والكلب جلس على استه وقال المطرزي في المغرب الاقعاء ان يلصق أليتيه (بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كما يقعي الكلب وتفسير الفقهاء أن يضع أليتيه) على عقبيه بين السجدتين وقال في كتاب المصباح المنير أقعى اقعاء الصق أليتيه بالأرض ونصب ساقيه ووضع يديه على الأرض كما يقعي الكلب وقال الجوهري الاقعاء عند أهل اللغة وأورد نحو ما تقدم وجعل مكان وضع يديه ويتساند على ظهره وقال ابن القطاع أقعى الكلب جلس على أليته ونصب فخذيه واقعي الرجل جلس تلك الجلسة انتهى فهذه جملة من كلام اللغة متفقة على تفسيره باقعاء الكلب على النحو المذكور في كلامهم انتهى كلام صاحب الحدائق وظاهر كلمات أغلب اللغويين ممن تقدم نقل كلامهم اعتبار وضع اليدين على الأرض في صدق الاقعاء بمعنا المعروف في عرفهم فلعل ترك التعرض له في كلام بعضهم كصاحب القاموس من باب كون ما ذكره في تفسيره من قبيل التفسير بالأعم كما هو الشايع في كلمات أهل اللغة بل ربما يظهر من بعض كون وضع اليدين على الأرض معتبرا في عرف الفقهاء أيضا ولكنه محل تأمل كيف والا لتعرضوا له عند تفسيره وكيف كان فالظاهر كراهة الاقعاء بين السجدتين بكلا معنييه اما بمعناه المعروف عند الفقهاء فلما عرفته انفا واما بهذا المعنى المتعارف عند اللغويين فلأنه هو اقعاء الكلب الذي نهى عنه في بعض الأخبار المتقدمة بل قضية اطلاق موثقة أبي بصير كراهته بكلا قسميه إذا الظاهر أن صدقة عليهما من باب عموم الاشتراك فلا يلزم من ارادتهما استعمال اللفظ في معنيين وقد حكى عن جملة من أهل الخلاف الالتزام بكراهته بالمعنى الثاني واستحبابه بمعناه الأول ولذا رجح في الحدائق حمل الاخبار النافية للبأس عنه فيما بين السجدتين بعد ان فسره بالجلوس على العقبين على التقية وأيد ذلك بما نقله عن بعض شراح صحيح مسلم في باب الاقعاء بعد نقل حديث ابن عباس انه سنة قال اعلم أن الاقعاء ورد فيه حديثان ففي هذا الحديث انه سنة وفي حديث اخر النهى عنه رواه الترمذي وغيره من رواية علي (ع) وابن ماجة من رواية يونس وأحمد بن حنبل من رواية سمرة وأبي هريرة والبيهقي (البيهقي) من رواية سمرة وانس وأسانيدها كلها ضعيفة وقد اختلف العلماء في حكم الاقعاء وفي تفسيره اختلافا كثيرا لهذه الأحاديث والصواب الذي لا معدل عنه ان الاقعاء نوعان أحدهما ان يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب هذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام واخرون من أهل اللغة وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي والنوع الثاني ان يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين وهذا هو مراد ابن عباس انه سنة وقد نص الشافعي على استحبابه في الجلوس بين السجدتين وحمل الحديث ابن عباس عليه جماعات من المحققين منهم البيهقي والقاضي عياض واخرون قال القاضي وقد ورد عن جماعة من الصحابة والسلف انهم كانوا يفعلونه قال وكذا جاء مفسرا عن ابن عباس من السنة ان تمس عقبيك أليتيك فهذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس وقد ذكرنا ان الشافعي نص على استحبابه في الجلوس بين السجدتين انتهى واما الاقعاء الذي يكره في التشهد فهو بمعناه المعروف عند الفقهاء لأنه هو الذي ينطبق عليه النصوص الدالة عليه وهي الصحيحة الناهية عن الاقعاء على القدمين في الصلاة والصحيحة المروية عن مستطرفات السرائر و الخبر المروي عن معاني الأخبار وشئ منها لا يناسب ارادته بمعناه المعروف عند اللغويين اما الأول فواضح واما الأخيران فلما فيهما من التعليل بان المقعي ليس بجالس وهو لا يناسب المعنى اللغوي لأن الاقعاء بهذا ا لمعنى من اظهر مصاديق الجلوس فلا يناسبه هذا التعليل مع ما في الأخير منهما من التصريح بتفسيره بناء على كونه من تتمة الخبر وكيف كان فالظاهر أن المراد بالاقعاء في هذه الأخبار ليس الا بهذا المعنى المبحوث عنه عند الفقهاء فلا دليل عليه كراهته بالمعنى الاخر في التشهد وان كان تركه أيضا أحوط بل لا يبعد ان يدعى ان مقتضي اطلاق النهي عن الاقعاء مثل اقعاء الكلب عند رفع الرأس من السجود الوارد في النبوي المرسل المروي عن انس شموله لحال التشهد فيتم الاستدلال له به من باب المسامحة والله العالم مسائل ثلث الأولى من به ما يمنع من وضع الجبهة على الأرض كالدمل إذا لم يستغرق الجبهة يحتفر حفيرة مثلا ليقع السليم من جبهته على الأرض فان ما لا يتم الواجب الا به واجب ويشهد له أيضا مضافا إلى ذلك خبر مصادف المروي عن الكافي والتهذيب قال خرج بي دمل فكنت اسجد على
(٣٥٤)