سواء أراد الاجتزاء به في الجماعة أو لصلاته منفردا وفيه ان اطلاقها وارد مورد حكم اخر فمن هنا قد يتطرق الخدشة في دلالة هذه الصحيحة على المدعى بامكان ورودها في مؤذن الجماعة التي يكون هذا الشخص امامها وستعرف ان هذا الفرض خارج عن محل الكلام نعم ربما يستشعر من قوله عليه السلام فأتم ما نقص من أذانه غير هذا الفرض اي ما لو كان قاصد بأذانه نفسه كما أنه قد يستشعر من قوله عليه السلام وأنت تريد ان تصلي بأذانه إرادة صورة الانفراد ولكن لا يخفى ما في كلا الاشعارين من الضعف فالأولى الاستدلال لاطلاق الحكم بحيث يعم كلا الفرضين بخبر عمرو بن خالد فان قوله عليه السلام يجزيكم أذان جاركم بحسب الظاهر مسوق لبيان الاطلاق وتقييده بأذان الجار جار مجرى العادة بلحاظ خصوصية المورد كما يؤيده التعبير بالمضارع ونسبة الاجزاء وإضافة الجار إليهم فلو كان المقصود بيان الكفاية في خصوص المورد لكان المناسب ان يقول أجزاني أو اجزئنا أذان جاري كما يؤيده أيضا قوله عليه السلام في خبر أبي مريم واني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم الخ فإنه مشعر بان مناط الكفاية هو مجرد سماع الأذان الصادر من جعفر عليه السلام من حيث هو لا لخصوصية فيه ككونه أذان جماعة أو فرادى أو غير ذلك من الخصوصيات كما أنه يستشعر من قوله عليه السلام فأجزاني ذلك بل يستظهر منه كفايته له أولا وبالذات ولن يصلي بصلاته ثانيا وبالتبع فمن هنا صح ان يدعى دلالة الرواية على كفايته له لو صلى وحده بالفحوى من غير حاجة لاثباته إلى دعوى الأولوية الخارجية حتى يتطرق إليها بعض التشكيكات الواهية كما صدر من بعض فليتأمل وقد ظهر بما ذكرنا ان الأظهر جواز الاجتزاء للامام والمنفرد بسماع أذان مؤذن وان كان ذلك المؤذن منفردا بأذانه وصلاته نعم لا يجتزي في الجماعة بسماع المأموم أذان مؤذن دون الإمام إذ لا دليل عليه واما لو اذن بعض المأمومين أو شخص اخر للجماعة وقلنا بكفايته وان لم يسمعه الإمام فهو خارج عن محل الكلام إذ العبرة حينئذ بأذان ذلك البعض لا بسماع من عداه ثم إن الإقامة كالأذان فيما ذكر لأن الخبرين الذين هما عمدتا مستند الحكم صريحان في ذلك فما ربما يستشعر من المتن وغيره من اختصاصه بالأذان فعله غير مراد لهم بل يحتمل قويا ان يكون مرادهم بالأذان ما يعم الإقامة والله العالم ثم إن المتبادر من النصوص كفتاوي الأصحاب كون الاجتزاء بالأذان المسموع من باب التوسعة والترخيص لا العزيمة فلا يبعد ان يكون اعادته أفضل وربما يظهر من خبر أبي مريم اعتبار في لتكلم بعد سماع الأذان والإقامة حتى يصلي والأولى حمله على كراهة الكلام بعد سماع الإقامة كنفسها الا فيما يتعلق بتدبير المصلين كما يشهد لذلك قوله عليه السلام بعد سماع الإقامة في خبر عمرو بن خالد قوموا وهل يعتبر سماع جميع فصول الأذان والإقامة أم يكفي سماعها في الجملة وجهان بل قولان أشبههما وأحوطهما الأول اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على القدر المتيقن ولان سماع الأذان ليس بأعظم من نفسه وحيث لا يجوز الاجتزاء ببعض فصوله فكيف يجتزي بسماع بعضه وأيضا لو كان سماع البعض كافيا لم يكن يجب عليه اتمام ما نقص المؤذن الذي يريد ان يصلي بأذانه إذ لا فرق لدى التحقيق بين عدم سماع جزء وبين عدم صدور ذلك الجزء من المؤذن إذ العبرة من يريد الاكتفاء بأذان مؤذن بسماعه لأذانه لا بدور الأذان منه من حيث هو ويتوجه على هذا الوجه وسابقه ان الأذان الناقص فاسد في حد ذاته فلا يجوز الاكتفاء بسماعه الا إذا أتم ما نقص منه المؤذن والا فليس سماعه بأكمل من نفسه المفروض كونه ناقصا وهذا بخلاف ما لو كان هو في حد ذاته تاما فلا استبعاد حينئذ في أن يكون مجزيا لكل من سمعه ولو في الجملة فقياس سماع بعض الأذان الصحيح على نفس ذلك ابعض الذي هو في حد ذاته ليس بأذان صحيح قياس مع الفارق فعمدة المستند لهذا القول هو الوجه الأول وهو الاقتصار في الحكم المخالف للأصل على المتيقن ويمكن الخدشة فيه أيضا بان مقتضى اطلاق قوله عليه السلام في خبر عمرو بن خالد يجزيكم أذان جاركم كفايته مطلقا غاية الأمر انه علم بقرينة مورده وغيره من المشاهد الخارجية ان ليس المقصود به كفاية مجرد صدور الإقامة من الجار بل كفايته على تقدير سماعة والغالب المتعارف في السماع خصوصا في الإقامة التي ليس المتعارف فيها رفع الصوت انما هو سماعة في الجملة لا سماع جميع الفصول مفصلا كما أن من المستبعد جدا ان يكون أبا جعفر عليه السلام سمع جميع فصول الأذان والإقامة من جعفر عليه السلام عند مروره به كما في خبر أبي مريم فان هذا لا يجتمع مع المرور بحسب العادة فالعادة تقضي بأنه لم يسمعهما منه حال مروره الا في الجملة فمن هنا قد يترجح في النظر قوة القول الثاني ولكن الأقوى ما عرفت فان اطلاق خبر عمرو غير مراد جزما بل المقصود به كفايته على تقدير السماع كما تقدمت الإشارة إليه وما ادعيناه من أن الغالب المتعارف في سماع إقامة الجار ليس الا سماعها في الجملة لو سلم فليس بحيث يعين ارادته من الرواية واما ما في خبر أبي مريم من سماع أبي جعفر عليه السلام أذان جعفر عليه السلام وإقامته فهو نقل قضية في واقعة واستبعاد سماع مجموعهما حال مروره به استبعاد بعيد إذ لا يبعد ان يكون مروره في تلك الواقعة مع الثاني على خلاف المتعارف أو مع توقف ما في أثناء المرور بحيث لا ينافيه صدق المرور به أو اسراع جعفر عليه السلام في أذانه وإقامته مع رفع صوته بالأذان بحيث سمعه من بعيد قبل ان يقرب منه ثم سمع الإقامة إلى أن تباعد منه والحاصل انه لا ينبغي الاعتناء بمثل هذا الاستبعادات في رفع اليد عن مقتضيات الأصول فمقتضى الأصل عدم سقوط التكليف بالأذان أو الإقامة بسماع بعضهما نعم لو سمع البعض واتى بالباقي أمكن القول بكفايته بدعوى القطع بالمناط وان الاتيان بالباقي قولا ليس بأدون من سماعة مع أن الملفق من السماع والقول في مثل الفرض أولى بالصحة مما دلت على صحته صحيحة ابن سنان المتقدمة فليتأمل ثم إن ظاهر الأصحاب بل غير واحد منهم في لفرق ما بين أذان الصلاة وأذان الاعلام في جواز الاكتفاء بسماعه الصلاة ولعله لفهم المناط واستفادته من اطلاق قوله عليه السلام يجزيكم أذان جاركم فان وروده في أذان الصلاة لا يقتضي اختصاص المراد به فلا ينبغي الاستشكال فيه خصوصا بعد اعتضاده بما عرفت ولا يشترط في اجزاء السماع حكاية السامع لاطلاق النص والفتوى بل ظهورهما في العدم فما عن الشهيد في النفلية من اشتراطه محل نظر تنبيه لو اذن الإمام واقام لصلاته جماعة سقط التكليف بهما عن المأمومين وان لم يسمعهما أحد منهم بل كان قبل حضورهم كما يشهد له خبر أبي مريم المتقدم الدال على كفاية سماعة للأذان في الجماعة فان أذانه بنفسه أولى من السماع بلا شبهة بل قد أشرنا انفا إلى أنه يفهم من قوله عليه السلام فأجزاني ذلك جوابا لقولهم صليت بنا بلا أذان ولا إقامة تبعية صلاتهم لصلاته وان العبرة بوقوع صلاته بأذان وإقامة فلا مدخلية حينئذ لحضورهم أو سماعهم في ذلك
(٢٣٠)