الكلام لم تبطل صلاتها وان سمع صوتها الأجنبي كما صرح به غير واحد للأصل وقيل تبطل مع سماع الأجنبي بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور بناء على أن صوتها عورة يحرم اسماعه واستماعه فتكون القراءة التي يتحقق بها الاسماع منهيا عنها فيمتنع وقوعها عبادة وفيه منع الصغرى كما يأتي تحقيقه إن شاء الله في محله وقد أجيب أيضا بعد تسليم الصغرى بمنع صيرورة القراءة من حيث هي منهيا عنها بدعوى ان النهي متعلق بأمر خارج عن مهية القراءة وفيه ما لا يخفى ضرورة ان الجهر والاخفات من كيفيات الصوت الذي به يتحقق القراءة لا امرا خارجيا مغائرا له في الوجود حتى لا ينافي صيرورة القراءة مصداقا للمأمور به ونظيره في الضعف ما قد يقال من أن النسبة بين ما دل على حرمة الاسماع ووجوب الاجهار في الصلاة ولو بضميمة قاعدة الاشتراك العموم من وجه فتحكيم دليل المنع على دليل الوجوب من غير مرجح تحكم فان ما دل على وجوب الجهر بعد تسليم شموله للنساء وعدم مدخلية خصوصية الرجل الذي ورد فيه النص في الحكم فان ما يدل على وجوبه مطلقا وقضية تعلق الامر بايجاد طبيعة مطلقة كون المكلف مخيرا في ايجادها في ضمن اي فرد يكون من افراده السائغة دون المحرمة فإذا حرم على النساء اظهار صوتها لدى الأجنبي فعليها ان تصلي في مكان لا يسمع صوتها الأجنبي فلا معارضة بين دليلهما كما لا معارضة بين اطلاق الامر بالصلاة وعموم النهي عن التصرف في المغصوب على ما عرفته في محله نعم لدى الانحصار وعدم المندوحة يتحقق المعارضة ولكن يقدم جانب الحرمة لما علم من الخارج من أن شرائط الصلاة (اعتبارها فيها مقيدة) بان لا يترتب عليها مفسدة شرعية فلا يصلح ان يكون شرطيتها واقعة للمنع الشرعي المتعلق بذات الشرط من حيث هي وكيف كان فهل على النساء الاخفات في المواضع التي يجب الاخفات فيها وجهان بل قولان أظهرهما وأشهرهما بل المشهور على ما يظهر من كلماتهم حيث اقتصروا على نفي الجهر على النساء من دون تعرض للاخفات الأول خلافا لما حكى عن جماعة من القول بالتخيير لهن مطلقا سواء كان في مواضع الجهر أو الاخفات للأصل بعد اختصاص دليل اعتبارهما بالرجل وفيه ان اختصاص النص الوارد فيهما بالرجل لا يمنع استفادة حكم النساء منه بقاعدة المشاركة الثابتة بالاجماع وغيره فهل هذا الا كقرائة العزيمة أو القرآن ونحوه مما ورد النص الدال عليه في الرجل نعم في استفادة وجوب الجهر عليها لولا الدليل على خلافه من النص الدال عليه في الرجل بقاعدة المشاركة لا تخلو عن نظر ولذا جعلنا الأصل أيضا في المقام دليلا على تقدير الاغماض عن سائر الأدلة إذ لو كان لقاعدة المشاركة دليل لفظي فضلا عن أن عمدة دليلها الاجماع ونحوه من الأدلة اللبية التي يدعى كونها بمنزلة عموم لفظي لأمكن دعوى انصرافه عن مثل الجهر بالنسبة إلى المرأة التي لها خصوصية مقتضية لعدم مطلوبية الجهر منها حتى أن المشهور ذهبوا إلى أن صوتها عورة فيشكل استفادة حكمها بعد احراز مثل هذه الخصوصية مما دل على وجوب الجهر أو استحبابه في حق الرجل ولذا الا يفهم أحد مما دل على استحباب رفع الصوت في الأذان مهما أمكن ثبوته للنساء مع مغروسية قاعدة المشاركة في أذهان جميع المتشرعة وهذا بخلاف الاخفات في مواضعه فان خصوصيتها مقتضية لتأكد مطلوبية فهي مؤكدة لعموم القاعدة في مورده ولذا لا يتوهم أحد من المستشرعة (الاختصاص) فيما لو ورد في رجل صلى صلاة الاحتياط جهرا الامر بإعادتها أو ورد الامر بقراءة ذكر أو دعاء أو صلاة سرا وهذا بعكس مثل الأذان ونحوه مما ورد فيه الامر برفع الصوت فإنه لو كان في مثل هذه الموارد لدليله اطلاق أو عموم كما في كثير من الأخبار الواردة في الحث على رفع الصوت في الأذان لانصرف إلى الرجال فضلا عما لو كان واردا فيهم بالخصوص فليتأمل والخنثى المشكل ان أوجبنا الاحتياط عليه في مثل هذه الموارد تخفت في محل الاخفات وتجهر في محل الجهر إذا لم يكن أجنبي بل مطلقا بناء على ما قويناه من عدم كون صوت المرأة عورة وعلى القول بكونه عورة قد يمنع ذلك في الخنثى لكونها من قبيل الشبهات الموضوعية التي لا يجب الاحتياط فيها اتفاقا ولكنه لا يخلو عن بحث ولو قلنا بحرمة اسماعه أيضا فعليه ان يصلي في موضع لا يسمع صوته الرجال ومع الانحصار الاخفات كما يظهر وجهه مما قدمناه انفا وفي الجواهر بعد ان نسب الاخفات إلى القيل على تقدير سماع الأجنبي قال والمتجه التكرير مع انحصار الطريق فيه تحصيلا للاحتياط وفيه انه ان جاز له اظهار صوته لدى الأجنبي فلا مقتضى للتكرير لأن شرطية الاخفات على النساء مع سماع الأجنبي لدى القائلين به على ما يظهر من تعليلهم بان صوتها عورة نشأت من حرمة الاسماع فتنتفي بانتفائها والا فلا موقع للاحتياط فليتأمل والله العالم والمسنون في هذا القسم الجهر بالبسملة في مواضع الاخفات في أول الحمد وأول السورة وقد اختلفت كلمات الأصحاب في هذه المسألة على ما حكى عنهم بعد اتفاقهم على وجوب الجهر بها في مواضع يجب الجهر فيها بالقراءة كسائر اجزائها على خمسة أقوال الأول استحبابه مطلقا سواء كان في حق الإمام أو غيره في الأوليين وغيرهما ومنه ثالثة المغرب و أخيرتا العشاء وهذا القول هو المشهور على ما ادعاه غير واحد الثاني اختصاصه بالأوليين واما الأخيرتان فلا يستحب الجهر فيهما في شئ من الصلوات بل لا يجوز اختاره في السرائر الثالث اختصاص استحباب الجهر بها للامام خاصة دون من عداه حكى ذلك عن ابن الجنيد الرابع وجوبه مطلقا نسب هذا القول إلى القاضي بن البراج في المهذب حيث عد من واجبات الصلوات الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر أو يخافت وكذا إلى ظاهر الصدوق في الخصال حيث قال والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة واجب وفي ظهور كلامهما المحكى عنهما في الاطلاق بحيث يعم الأخيرتين تأمل بل لا يبعد ارادتهما الأوليين فيتحد حينئذ هذا القول مع القول الذي عدوها خامس الأقوال وهو ما حكى عن أبي الصلاح في الكافي من وجوبه في ابتداء الحمد والسورة في الأوليين من جميع الصلوات ومستند الحكم اخبار كثيرة منها صحيحة صفوان المروية عن التهذيب قال صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام أياما فكان يقرء في فاتحة الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها جهر ببسم الله الرحمن الرحيم واخفى ما سوى ذلك وفي الوسائل رواها عن الكليني أيضا بأسناده عن صفوان الجمال قال صليت خلف أبي عبد الله أياما فكان إذا كانت صلاة لا يجهر فيها جهر ببسم الله الرحمن الرحيم وكان يجهر في السورتين جميعا وخبر الأعمش المروي
(٣٠٣)