ما فيه من الاشعار؟ بكونه مستحبيا لم يكن الا لعدم تمكن الإمام عليه السلام من اظهار الحق الا بهذا الوجه القابل للتوجيه على مذهب المخالفين فيستفاد من هذين الخبرين عدم تمكن الأئمة عليهم السلام من الامر بتأخير المغرب إلى ذهاب الحمرة على رؤس الاشهاد على وجه يعرفه المخالف والمؤالف كما يستشعر هذا المطلب من جملة من الاخبار بل يشهد بذلك الاعتبار مع قطع النظر عن الاخبار لقضاء العادة بصيرورة وقت صلاة المغرب لدى العامة في عصر الصادقين عليهما السلام بعد استقرار مذهبهم على دخوله بغيبوبة القرص وشهادة اخبارهم المروية عن النبي صلى الله عليه وآله بذلك وشدة مواظبتهم على حفظ الأوقات في انظارهم من الضروريات الواصلة إليهم يدا بيد من النبي صلى الله عليه وآله فكان اظهار خلافه عندهم من قبيل انكار الضروري الموجب للكفر فالأئمة عليهم السلام في مثل هذه الموارد كانوا مضطرين إلى موافقتهم قولا وفعلا سواء كان الوقت لديهم في الواقع استتار القرص أم ذهاب الحمرة بل كانت الحاجة إلى التقية في مثل الفرض أشد من الحاجة إليها في تصديق أئمتهم وعدم القدح فيهم بل ربما كانوا يتقون في مثل هذه المقامات عن جل شيعتهم الذين لم يرسخ في قلوبهم عصمتهم عليهم السلام فضلا عن العامة فيشكل في مثل الفرض استكشاف الحكم الواقعي من أقوال الأئمة عليهم السلام وافعالهم الموافقة للعامة إذ لا يصح الاعتماد على اصالة في لتقية بعد شهادة الحال يتحقق ما يقتضيها وقضاء الضرورة بصدور مثل هذه الأقوال والافعال منهم أحيانا من باب التقية على تقدير مخالفتهم في الرأي بحيث لو لم يصل الينا الا الاخبار المخالفة للعامة ربما كنا نجزم من مماشاة الأئمة عليهم السلام مع العامة ومداراتهم معهم بصدور مثل هذه الأخبار الموافقة لهم عنهم في مثل المقام وان لم تكن واصلة الينا فلا يجري في مثل الفرض اصالة في لتقية فيشكل الحكم بمطابقة مضمون مثل هذه الروايات للواقع اللهم الا ان نلتزم بحجية اصالة الظهور من حيث هي لا لرجوعها إلى الأصول العدمية كاصالة في لقرينة أو اصالة في لمقتضى لاظهار خلاف الواقع من تقية ونحوها وهو لا يخلو عن تأمل فمن هنا يظهر انه لو كانت الطائفة الأولى من الأخبار الدالة على دخول الوقت باستتار القرص سليمة عن المعارض ومخالفة المشهور لم يكن استكشاف الحكم الواقعي منها خاليا عن التأمل فضلا عن صلاحيتها بعد اعراض المشهور لمعارضة الأخبار الأخيرة المعتضدة بالشهرة ومغروسية مضمونها في أذهان الشيعة من صدر الشريعة خصوصا مع كون جملة من هذه الروايات كمرسلة ابن أبي عمير وغيرها مما وقع فيها تفسير الغروب وسقوط (القرص) باسناده في الأفق بحيث لم يبق له اثر في ناحية المشرق بمدلولها اللفظي حاكمة على جل تلك الروايات مما ورد فيها التحديد بسقوط القرص وغيبوبة الشمس و نحوهما وما يبقى منها مما لا يقبل هذا التأويل مما هو صريح الدلالة في الخلاف فهو في حد ذاته غير قابل لمعارضة هذه الروايات ولعل ما في الاخبار التي تقدمت الإشارة إليها من جعل ذهاب الحمرة معرفا لغيبوبة القرص لا حدا بنفسه نشا من معروفية التحديد بالغيبوبة لدى الناس بحيث لم يجد الأئمة عليهم السلام بدا الا من الاعتراف به وتأويله إلى الحق فالأظهر عدم صلاحية الأخبار المتقدمة لمعارضة الروايات الأخيرة وان كثرت وصحت أسانيدها فما هو المشهور من اعتبار ذهاب الحمرة مع موافقته للأصل والاحتياط بوجه هو الأقوى ولكن الأحوط عدم تأخير الظهرين عن استتار القرص وان كان الأظهر ما عرفت وما عن جملة من متأخري المتأخرين وفاقا لبعض القدماء من تحديد الغروب بغيبوبة القرص وتنزيل الأخبار الأخيرة على أفضلية التأخير جمعا بينها وبين ما يعارضها بشهادة قوله عليهم السلام في خبر عبد الله بن وضاح أرى لك ان تنتظر الحديث وخبر شهاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال يا شهاب اني أحب إذا صليت المغرب ان أرى في السماء كوكبا ضعيف لما عرفت من كون الاخبار الموافقة للعامة في مثل هذه الموارد في حد ذاتها بمنزلة الكلام المحفوف بما يصلح ان يكون قرينة لإرادة خلاف ظاهره في في لعبرة بظاهرة أو وهنة وعدم صلاحيته لصرف الاخبار المخالفة المسوقة بظاهرها لبيان الحكم الواقعي عن ظاهرها خصوصا مع ما في بعض تلك الأخبار المخالفة من الايماء إلى وجه صدور الروايات الموافقة وكون جملة منها بمدلولها اللفظي حاكمة على جل تلك الروايات هذا مع أن جملة من هذه الروايات أبية عن هذا الحمل كمرسلة ابن أبي عمير وغيرها مما جعل فيها ذهاب الحمرة معرفا لاستتار القرص فإنها كادت تكون صريحة في إرادة أول الوقت الذي يجوز عنده الصلاة و الافطار هذا مع منافاته للاخبار الآتية الدالة عموما على أن الصلاة في أول وقتها ابدا أفضل وخصوصا في المغرب حتى ورد فيها التبري واللعن على من اخرها طلبا لفضلها ولكن يمكن تنزيل هذه الأخبار المشتملة على اللعن والتبري على التعريض على أصحاب أبي الخطاب الذين كانوا يؤخرونها إلى أن تشتبك النجوم كما ستعرف فليتأمل هذا كله فيما يتحقق به زوال الشمس وغروبها وذكر مواقيت الصلوات على الاجمال واما التفصيل فالمشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم بل كاد ان يكود اجماعا كما صرح به في الحدائق وغيره ان لكل صلاة من الصلوات الخمس وقتين أولا واخرا سواء في ذلك المغرب وغيرها وقد وقع الخلاف هنا في موضعين أحدهما ما نقله في محكي المختلف عن ابن البراج أنه قال وفى أصحابنا من ذهب إلى أنه لا وقت للمغرب الا واحد وهو غروب القرص في أفق المغرب وثانيهما في أن الوقتين الذين لكل فريضة هل الأول منهما للفضيلة والثاني للاجزاء كما عن المشهور أو ان الأول للمختار والثاني للمضطرين وذوي الأعذار كما عن الشيخين وابن أبي عقيل وأبي الصلاح وابن البراج وبعض متأخري المتأخرين حجة القول بأنه ليس للمغرب الا وقت واحد اخبار مستفيضة منها صحيحة زيد الشحام قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت المغرب فقال إن جبرئيل عليه السلام اتى النبي صلى الله عليه وآله لكل صلاة بوقتين غير المغرب فان وقتها واحد ووقتها وجوبها في الحدائق
(٢٩)