ويمكن الجواب بمنع الاجماع على عدم وجوبه والاجماع منقول على مشروعيته وأرجحيته وهو أعم من الوجوب والندب ثم قال وبالجملة الذي يغلب على ظني الوجوب واستدل عليه ببعض الاخبار انتهى وعن الذكرى انه نقل عن الجعفي في الفاخر أنه قال أقل المجزي من عمل الصلاة في الفريضة تكبيرة الاحرام وقراءة الفاتحة في الركعتين أو ثلث تسبيحات والركوع والسجود وتكبيرة واحدة بين السجدتين والشهادة في الجلسة الأولى وفي الأخيرة الشهادتين والصلاة على النبي والتسليم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته قال في الذكرى بعد نقل ذلك عنه وهذا يشتمل على أشياء لا تعد من المذهب منها التكبيرة الواحدة بين السجدتين ومنها القصر على الشهادة في الجلسة الأولى ومنها وجوب التسليم عن النبي صلى الله عليه وآله واما البدل عن القراءة فيريد به الاضطرار صرح بذلك في غير هذا الموضع انتهى وظاهرهما وجوب السلام على النبي صلى الله عليه وآله كالصلاة عليه من حيث هو لا لكونه من السلام المخرج ونقل في الجواهر عن الراوندي في الرابعة انه جعله من السلام المخرج وقال إذا قال السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ونحو ذلك فالتسليم الذي يخرج به من الصلاة ح مسنون وقام هذا التسليم المندوب مقام قول المصلى إذا خرج من صلاته السلام عليك ورحمة الله بركاته وان لم يكن ذكر ذلك في التشهد الأولى يكون التسليم فرضا انتهى فكأنه يرى مطلق السلام الذي يجوز الاتيان به عقيب الشهادتين ولو مثل السلام على الأنبياء والملائكة ونحوه مما ورد في خبر أبي بصير المتقدم في اخر مبحث التشهد مخرجا كما يشعر بذلك عطف قوله ونحو ذلك على السلام على النبي صلى الله عليه وآله ويمكن ان يستدل له باطلاق أدلة التسليم المعتضد بكون التعميم من مقتضيات الحكمة المنصوص عليها لجعل التسليم تحليلا من كونه كلاما مع المخلوقين والتعليل الوارد في خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون ولا يجوز ان تقول في التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لان تحليل الصلاة التسليم فإذا قلت هذا فقد سلمت ويؤيده أيضا جعله من التسليم في موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت اماما فإنما التسليم ان تسلم على النبي صلى الله عليه وآله وتقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة الحديث ولكن يرد عليه بعد الغض عن انصراف الاطلاقات إلى إرادة الصيغة المعهودة المتعارفة وهي السلام عليكم كما اعترف به كثير من الأصحاب ومخالفته للاجماع على الظاهر المصرح به في كلام غير واحد انه لا يصلح شئ مما ذكر معارضا للنص الخاص المصرح بعدم حصول الانصراف به وانه من الصلاة كقوله عليه السلام في خبر أبي كهمس المتقدم بعد ان سئله عن أن السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو قال لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف وخبر الحلي المصححة قال قال أبو عبد الله كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة وان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت فالقول بحصول الانصراف به مع شذوذه في غاية الضعف وكذا القول بوجوبه كالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وان لم يحصل به الانصراف فإنه مع مخالفته للاجماع كما صرح به غير واحد محجوج بما تقدم من النصوص والفتاوى ومعاقد الاجماعات على عدم وجوب غير الشهادتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والتسليم الذي يتوقف عليه الخروج من الصلاة المعلوم نصا وفتوى تحققه بدون التسليم على النبي صلى الله عليه وآله والآية بعد تسليم إرادة غير الانقياد من التسليم فيها بل خصوص التسليم على النبي صلى الله عليه وآله قد عرفت الخدشة في الاستدلال بها للمدعى بالتقريب المزبور عند تضعيف الاستدلال بها لاثبات وجوب الصلاة على النبي في التشهد بهذا التقريب وما في بعض الأخبار من الامر به كما في مثقة أبي بصير المشتملة على التشهد الطويل التي تقدم نقلها في اخر مبحث التشهد حيث قال فيها بعد ان ذكر تشهدا طويلا مشتملا على التحيات وكثير من المسنونات ثم قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده السلام علينا وعلى عباده الله الصالحين ثم نسلم وفي رواية أبي بكر الحضرمي عن عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له اني أصلي بقوم فقال تسلم واحدة ولا تلتفت قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام عليكم الحديث فهو محمول على الاستحباب بشهادة ما عرفت مع ضعف دلالة الامر في الخبرين في حد ذاته على الوجوب بل قصوره اما الخبر الأول فواضح بعد كونه مسبوقا وملحوقا بأشياء كثيرة كلها مسنونة واما الخبر الأخير فالمقصود بالامر فيه في الحقيقة هو السلام عليكم وذكر السلام عليك أيها النبي بحسب الظاهر توطئة البيان المراد من التسليم الواحد من غير التفات فكأنه قال قل السلام عليك عقيب السلام عليك من غير أن تلتفت عن القبلة إلى جانب وما في رواية أبي بصير من جعله من جملة التسليم المأمور به في الصلاة انما أريد به التسليم الكامل إذا الواجب من التسليم ليس الا ما به يتحقق الانصراف من الصلاة كما لا يخفى على من لاحظ أدلته المتقدمة وهو منحصر في العبارتين المذكورتين في المتن وبكل منهما يخرج من الصلاة فيجوز الاجتزاء بكل منهما فكل منهما واجب على سبيل التخيير كما ذهب إليه المصنف ره في كتبه الثلاثة وتبعه العلامة ره وكثير ممن تأخر عنه بل لعله هو المشهورين المتأخرين ولكن أنكره الشهيد في محكي الذكرى وقال إنه قول محدث في زمان المحقق أو قبله بزمان يسير وقال في موضع اخر منه انه قوي متين الا انه لا قائل به من القدماء وكيف يخفى عليهم مثله لو كان حقا مع أنه حكى عنه اختياره في الرسالة الألفية واللمعة الدمشقية التي هي اخر مصنفاته على ما قيل وحكى عن صاحب الجامع يحيى بن سعيد القول بوجوب السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وتعيينها للخروج وعن الذكرى الاعتراض عليه بأنه خروج عن الاجماع من حيث لا يشعر به قائله ونسب إلى أكثر القائلين بوجوب التسليم القول بتعين الخروج بالسلام عليك وعن بعضهم القول بأنه يخرج من الصلاة بالسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وان وجب الاتيان بالسلام عليكم بعد ذلك وهو منسوب إلى صاحب البشرى قال في محكي الذكرى وقال صاحب البشرى جمال الدين ابن طاوس وهو مطلع بعلم الحديث وطرقه ورجاله لا مانع ان يكون الخروج بالسلام علينا وان كان يجب السلام عليك ورحمة الله بركاته بعده للحديث الذي رواه ابن أذينة عن الصادق عليه السلام في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وآله في السما انه لما صلى امر ان يقول للملائكة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الا ان يقال هذا في الامام دون غيره قال ومما يؤكد وجوبه ورواية زرارة ومحمد بن مسلم عن الباقر
(٣٧٩)