من مظانها ولا سيما كتاب البحار الجامع لشوارد الاخبار وحينئذ فيضعف الاعتماد عليه انتهى أقول وعلى تقدير ثبوت الرواية من طرقنا أيضا لا يجوز التخطي عن موردها الا إذا بلغ اذى القمل إلى حد لا يتحمل عادة وأمكن دفعه بلبس الحرير لامكان كون موردها كذلك وعلى هذا التقدير يكفي في اثبات الجواز العمومات المتقدمة كما في غيره من موارد الضرورة من غير حاجة إلى هذه الرواية فكان غرض المصنف رحمه الله من منع التخطي عن مورد العلة المنصوصة فيما عدى مثل الفرض وقد عرفت انه في محله والله العالم الثاني ليس من الضرورة عدم ساتر غيره كما صرح به في الجواهر بل قال بلا خلاف أجده فيه بل في الذكرى وغيرها ما قد يشعر بالاجماع عليه انتهى ووجهه ان وجوب الستر مشروط بالتمكن من الستر بما يسوغ له التستر به فلا يعقل ان يكون وجوبه علة لإباحة التستر به لا يقال إن لنا قلب الدليل فان حرمة لبس الحرير أيضا مشروطة بعدم اضطراره إليه وهو موقوف على أن لا يجب عليه الستر للصلاة فلا تصلح حرمته مانعة عن وجوبه إذ لا حرمة للبسه على تقدير الوجوب فالحكم الشرعي في مثل الفرض يتبع ما هو الأهم من الامرين والجزم بان رعاية جانب الحرمة في المقام أهم لدى الشارع من مراعاة جانب الواجب مشكل لأنا نقول أولا ان عدم الاضطرار ليس شرطا في حرمة اللبس بل الاضطرار إليه رافع أو دافع لحرمته وهو لا يتحقق إلا على تقدير كون ستر العورة واجبا بالفعل ولا يجب الستر الا على تقدير القدرة عليه عقلا وشرعا بان لا يكون ممتنعا ولا محرما فلا يعقل ان يؤثر وجوبه في حصول القدرة التي هي شرط الوجوب و ثانيا ان رعاية جانب الحكمين من حيث الأهمية مبنية على شمول دليلهما من حيث هو للمورد وحصول المعارضة بينهما وليس الامر كذلك في المقام فان النهي عن لبس الحرير مانع عن أن يشمله ما دل على وجوب الستر في الصلاة فان اطلاقه منصرف إلى الافراد المباحة لا لمجرد دعوى ان المتبادر من الامر بايجاد الطبيعة ارادتها في ضمن فرد مباح بالذات بل لان دلالة المطلق على إرادة اي فرد يكون موقوفة على جريان دليل الحكمة وهو غير جار بالنسبة إلى ما تعلق به النهي لان تعلق النهي به قرينة على عدم ارادته من المطلق ولا أقل من صلاحيته لذلك ومعه لا يجري قاعدة الحكمة هذا مع أنه ليس لأدلة وجوب الستر عموم أو اطلاق لفظي معتد به صالح لان يتوهم معارضته لاخبار الحرمة كما لا يخفى على المتأمل ويجوز لبسه للنساء اما في غير الصلاة فما خلاف فيه بل في الجواهر اجماعا أو ضرورة من المذهب بل الدين واما في الصلاة فهو أيضا كذلك على المشهور بل عن الشيخ نجيب الدين في شرحه والمحقق البهبهاني في حاشية المدار ان عليه عمل الناس في الأعصار والأمصار أقول ويشهد بصدق هذه الدعوى بالنسبة إلى عصر الأئمة عليهم السلام الذي هو العمدة في استكشاف امضائهم لما جرت السيرة فيه خبر إسماعيل وأبي الحارث الذان وقع فيهما السؤال عن انه هل يصلي الرجل في ثوب إبريسم فان تخصيص الرجل بالسؤال عن صلاته فيه مشعر بل ظاهر في أن جوازه للنساء لدى السائل كان مفروغا عنه بحيث لم يكن يحتمل المنع عنه في حقهن والا لأطلق سؤاله خصوصا مع أعمية ابتلاء النساء بذلك وعن الذكرى وغيره ان عليه فتوى الأصحاب خلافا للمحكى عن الصدوق فقال في الفقيه على ما حكى عنه وقد وردت الاخبار بالنهي عن الديباج والحرير والإبريسم المحض والصلاة فيه للرجال ووردت الرخصة في لبس ذلك للنساء ولم ترد بجواز صلاتهن فيه فالنهي عن الصلاة في الإبريسم المحض على العموم للرجال والنساء حتى يخصهن خبر بالاطلاق لهن الصلاة فيه كما خصهن بلبسه انتهى وعن بعض متأخري المتأخرين الميل إليه وفي الحدائق تفويته مستشهدا له بالأخبار الآتية ولكنه ناقش فيما ذكره الصدوق بعد ان حكاه عنه من وجهين أحدها فيما يظهر من كلامه من اختصاص الرخصة لهن باللبس دون الصلاة بأنه يكفي في الرخصة في صلاتهن فيه العمومات الامرة باللباس وستر العورة مطلقا فيجوز لهن الصلاة فيه حتى يقوم دليل على المنع وثانيهما فيما يؤذن به كلامه من شمول الأخبار الناهية عن الصلاة في الحرير للنساء بمنع شمول تلك الأخبار للنساء فان أكثر الاخبار انما اشتملت على السؤال عن الرجل فموردها الرجال خاصة وصحيحتا محمد بن عبد الجبار المتقدمتان وان دلتا باطلاقهما على المنع من الصلاة في الحرير المحض الا انهما مبنيتان على سبب خاص وهو القلنسوة التي هي من لباس الرجال خاصة فيضعف الاستناد إليها في ذلك بحمل اطلاقهما على ما يشمل النساء انتهى كلامه ملخصا ويتوجه على الوجه الأول بعد تسليم كون عمومات الستر ناظرة إلى هذه الجهة كي يصح التمسك باطلاقها ان التمسك باطلاقها للمدعى موقوف على منع شمول النواهي للنساء كما ظهر وجهه انفا فلا وجه لجعله وجها مستقلا واما منع شمول النواهي للنساء فيما عدى الصحيحتين ففي محله واما بالنسبة إلى الصحيحتين فلا يخلو عن اشكال إذ بعد تسليم ان القلنسوة من مختصات الرجال والغض عن أن السؤال في الصحيحة الأولى عن تكة حرير التي التي هي غير مخصوصة بالرجال ان اختصاص ما وقع عنه السؤال بإحدى الطائفتين لا يقدح في ظهور الجواب في العموم خصوصا بملاحظة ما ستعرف من أن الأظهر عدم كون خصوص ما وقع عنه السؤال في الصحيحتين ملحوظا فيما أريد به من عموم الجواب اللهم الا ان يقال إن سؤاله عن الصلاة في القلنسوة التي هي من مختصات الرجال يشعر بان مراده السؤال عن أن الرجل هي يصلي في الحرير والا لسئل عن الصلاة في الحرير على الاطلاق فعلى هذا يكون عموم الجواب منزلا عليه وان لا يخلو أيضا عن تأمل نعم قد يتجه دعوى قصور الصحيحتين عن إفادة المنع للنساء بالنظر إلى ما أشرنا إليه انفا من أن المناسبة بين حرمة اللبس وبين المنع عن الصلاة فيه مانعة عن أن يستفاد من الأخبار الناهية عن الصلاة فيه حرمة مستقلة تعبدية مباينة للحرمة المتعلقة بلبسه فلا يفهم منها الا مانعية لبسه عن الصلاة عند كونه محرما فيختص ذلك بالرجال كما يؤيد ذلك ما تقدمت الإشارة إليهن انه يفهم من السؤال الواقع في خبري إسماعيل وأبي الحارث ان السائل لم يكن يحتمل المنع عنه للنساء فكأنه لم يكن يخطر بذهنه التفكيك بين إباحة اللبس وجواز الصلاة فيه كي يحتمل المنع عن صلاتهن فيه تعبدا وملخص الكلام انه لا يبعد ان يدعى ان وقوع التفصيل في حرمة لبس الحرير المحض بين الرجال والنساء في النصوص والفتاوى مانع عن استفادة المنع للنساء من اطلاق مثل قوله عليه السلام لا يحل الصلاة في حرير محض كما يشهد بذلك ان جل الأصحاب لم يفهموا منه ذلك فيبقى حكم النساء على وفق الأصل وهو الجواز على ما هو التحقيق كما تقرب في محله ومما يؤيد ذلك بل يدل عليه الأخبار الدالة على جواز لبسهن له من غير اشعار فيها بالمنع عنه حال الصلاة كقوله عليه السلام في رواية أبي داود يوسف بن إبراهيم وانما يكره المصمت
(١٣٨)