على الترك لا كونه بالفعل متعلقا للنهي فليتأمل وكيف كان فلو اخذ في الخروج مع التوبة وإرادة التخلص من الغصب أمكن الالتزام بصحة صلاته نظرا إلى أن التائب عن الذنب كمن لا ذنب له فهو بعد التوبة بمنزلة من وجد نفسه في ارض مغصوبة وجب عليه الخروج منها من غير أن يستحق على تصرفه في مال الغير حال خروجه عقوبة فلا مانع حينئذ من أن يأتي في هذا الحين بما هو واجب عليه من فعل الصلاة ولكن قد يشكل ذلك بان التوبة انما تؤثر في العفو عن المعصية وصيرورتها كالعدم في عدم ترتب العقوبة عليها لا في تبدل موضوعها كي يصح تعلق التكليف بفعلها كما أشار إلى ذلك صاحب الجواهر في عبارته المتقدمة وان لا يخلو عبارته عن مسامحة فليتأمل ثم لو سلم ان التوبة تؤثر في انقلاب الموضوع وصيرورة الخروج بقصد التخلص واجبا شرعيا مولويا فقد يشكل أيضا الحكم بصحة الصلاة المأتي بها في هذا الحين الفاقدة للاستقرار والركوع والسجود ونحوها من الاجزاء والشرائط الاختيارية نظرا إلى أنه في سعة الوقت لدى تمكنه من ترك الغصب كان مكلفا بصلاة تامة الاجزاء والشرائط الاختيارية وقد صيرها في حقه ممتنعة باختياره وهذا وان كان موجبا لارتفاع التكليف الاختياري لكنه بواسطة العصيان الذي قد يتأمل في سببيته لانقلاب التكليف واندراج المكلف في موضوع العاجز المأمور بالصلاة الاضطرارية فإنه لا يبعد دعوى انصراف ما دل على شرعيتها للعاجز عن العاجز الذي نشا عجزه من اختياره لمخالفة تكليفه الاختياري وليس معنى ان الصلاة لا تسقط بحال بقاء التكليف بها بعد ان عصى المكلف وصير ايجادها على النحو المعتبر شرعا ممتنعا فمن الجائز ان يكون تأخير الصلاة إلى أن يتضيق الوقت من التخلص عن الغصب والاتيان بصلاة تامة الاجزاء والشرائط بمنزلة ما لو اخرها إلى أن خرج الوقت في كونه موجبا للقضاء والحاصل ان الجزم بصحة الفعل الاضطراري الصادر ممن أخل عمدا بما هو تكليفه في حال الاختيار كالتيمم الصادر ممن ترك الغسل أو الوضوء عمدا إلى أن يتضيق الوقت في غاية الاشكال كما تقدم التنبيه عليه في مبحث التيمم نعم لو غفل عن الصلاة في سعة الوقت ولم يلتفت إليها الا في ضيق الوقت عند تنجز التكليف بالخروج لم يتوجه الاشكال من هذه الجهة وعلى كل تقدير فالأحوط ان لم يكن أقوى الجمع بين الصلاة في حال الخروج على وجه لا يحصل بها زيادة تصرف في المغصوب وقضائها بعده والله العالم ولو صلى في المغصوب عند ضيق الوقت ولم يتشاغل بالخروج لم تصح صلاته كما لو صلى فيه في السعة بلا تأمل ولا اشكال نعم بناء على قصور ما دل على حرمة التصرف في مال الغير عن شمول مثل القراءة والايماء أمكن الالتزام بالصحة لو صلى صلاة اضطرارية حالته عن الركوع والسجود على اشكال تبين وجه فيما سبق مضافا إلى ضعف المبني كما تقدمت الإشارة إليه غير مرة ولو حصل في ملك غيره باذنه ثم امره بالخروج قبل التلبس بالصلاة وجب عليه ذلك فان صلى مستقرا والحال هذه كانت صلاته باطلة ولكنه يصلي وهو خارج ان كان الوقت ضيقا لا يسع الخروج وأداء الصلاة بعده لان الصلاة لا تسقط بحال فلا يسقط الميسور بالمعسور فيؤمي للركوع والسجود ويراعي باقي الشرائط من الاستقبال ونحوه بمقدار المكنة على وجه لم يستلزم مكثا زائدا على ما يتوقف عليه الخروج على حسب المعتاد وفي الجواهر بعد ان بين كيفية صلاته لدى الضيق على حسب ما سمعت قال ولكن عن ابن سعيد انه نسب صحة هذه الصلاة إلى القيل مشعرا بنوع توقف فيها ومثله العلامة الطباطبائي في منظومته ولعله لعدم ما يدل على صحتها بل قد يدعى وجود الدليل على العدم باعتبار معلومية اعتبار الاستقرار والركوع والسجود ونحو ذلك ولم يعلم سقوطه هنا والامر بالخروج بعد الاذن في الكون وضيق الوقت وتحقق الخطاب بالصلاة غير مجد فهو كما لو اذن له في الصلاة وقد شرع فيها وكان الوقت ضيقا مما ستعرف في لاشكال في اتمام الصلاة فالمتجه حينئذ في لالتفات إلى امره بعد فرض وكونه عند ضيق الوقت الذي هو محل الامر بصلاة المختار المرجح على امر المالك بسبق التعلق فلا جهة للجمع بينهما بما سمعت يعني الجمع بين حق الله تعالى وحق الادمي بالصلاة حال الخروج بل يصلي صلاة المختار مقتصرا فيها على الواجب مبادرا في أدائها على حسب التمكن لكن لم أجد قائلا بذلك بل ولا أحد احتمله ممن تعرض للمسألة انتهى أقول وقد اختار هذا القول صريحا في المستند زعما منه انه لا دليل على حرمة هذا النحو من التصرفات في ملك الغير من غير رضاء صاحبه عدى الاجماع وبعض الأخبار القاصرة من حيث السند المحتاجة إلى الجابر وشى ء منهما لا ينهض لاثبات الحرمة في المقام لان الاجماع بالنسبة إليه غير محقق وضعف الاخبار غير مجبور وفيه ما لا يخفى بعد وضوح منافاة لقاعدة سلطنة الناس على أموالهم التي هي من القواعد القطعية الغير القابلة لتخصيص الا بنص صحيح صريح واما ما ذكره في الجواهر وجها لهذا القول من سبق تعلق الامر بصلاة المختار على امر المالك ففيه ان الامر بصلاة المختار انما يتنجز في حقه على تقدير تمكنه من الخروج عن عهدته وهو مشروط بإباحة المكان وهي منتفية عند كراهة المالك وأمره بالخروج فلا يصلح اطلاق الامر بصلاة المختار خصوصا بعد اخذ الاختيار قيدا في متعلقه دليلا لتخصيص قاعدة السلطنة وغيرها من الأدلة الدالة على حرمة التصرف في مال الغير من غير ضائر ولذا لم يلتفت أحد إلى هذا الاحتمال مع أنه أسبق الاحتمالات المتطرقة إلى الذهن في بادي الرأي وتنظيره على ما لو امره بالخروج بعد دخوله في الصلاة قياس مع الفارق مع أنك ستعرف ان الالتزام به في المقيس عليه أيضا في غاية الاشكال نعم قد يقوى في النظر التفصيل بين ما لو كان مأذونا في الصلاة في اخر الوقت أو في البقاء إلى اخر الوقت المستلزم للرخصة في ايقاع صلاته في ملكه بحيث يكون امره بالخروج رجوعا عن اذنه السابق وبين ما إذا لم يكن كذلك فيحرم البقاء بعد امره بالخروج في الثاني دون الأول لا لما قد يتخيل من أن الاذن في امر لازم التزام بلزومه فان هذا التخيل له وقع فيما إذا تعلق الاذن بتصرف موجب لحدوث حق لازم للغير في ملكه كما لو اذن له في رهنة أو دفن ميت فيه أو نحو ذلك لا في مثل ما نحن فيه مما تعلق الاذن فيه بايقاع فعل لازم عليه في ملكه من صلاة أو وضوء ونحوه ضرورة ان الاذن في مثل هذه الأفعال ليس الا رضاء بها ورخصة في ايقاعها لا التزاما بلزومها مع أنه لا يجب عليه الوفاء بهذا الالتزام ما لم يكن في ضمن عقد لازم بل له نقضه والرجوع عن اذنه قبل ان يفوت محله بحصول متعلق الاذن نعم لهذا التوهم مجال بعد دخوله في الصلاة لوجوب المضي فيها والنهي عن ابطالها فيكون لها بعد الشروع بمنزلة ما لو دفن الميت في ملكه باذنه ولكنك ستعرف
(١٧٦)