على غير ذلك فلا باس فإنه منصرف عما لو خرج خصوص القدمين ولا أقل من عدم ظهوره في ارادته من الاطلاق وربما يظهر ممن قيد القدمين في مقام الاستثناء بظاهرهما التفصيل بين الظاهر والباطن فكأنهم زعموا ان المرأة كلها عورة يجب ستر جميع جسدها في الصلاة ولكن ثبتت الرخصة في ظاهر القدمين بما دل على جواز الصلاة في قميص ولم يثبت ذلك بالنسبة إلى باطنهما لاستتاره حال القيام بالوقف عليهما وعدم ظهورهما وفي حال التشهد ونحوه بالدرع وفيه ما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق من الخدشة في صغرى هذا الدليل وكبريه فلا نعقل من كون المرأة عورة الا وجوب ستر جسدها في الصلاة عن الناظر المحترم الذي ليس بمماثل ولا محرم والقدر المتيقن الذي ثبت وجوب ستره في الصلاة ما عدا محل الكلام ففي المقام ونظائره يرجع إلى قاعدة البراءة نعم لو قلنا بقاعدة الاشتغال عند الشك في الشرطية اتجه الالتزام بوجوبه لو لم نقل بدلالة ما دل على جواز الصلاة في درع وخمار على عدم وجوب ستر ما دون الساق حيث إن الدرع قد لا يتعداه فليتأمل وربما يقال في ابطال هذا التفصيل بأنه لو وجب ستر باطن القدمين لوجب كونه بثوب لما ستعرف من أنه لا عبرة بساترية الأرض ونحوها ولا يجب ستره بثوب بالضرورة فلا يجب ستره رأسا وفيه نظر إذ لا عبرة بساترية الأرض وشبهها على سبيل الاستقلال لا في مثل افرض الا ترى ان مباشرة بعض جسد المرأة للأرض حال جلوسها عليها للتشهد لا تنافي صدق كونها بجملتها مستورة بالثوب ولا يقدح ذلك في صحة صلاتها بل وكذا لو استلقت على الأرض وتغطت بثوب وصلت مؤمية فقد حصل ستر جسدها وصحت صلاتها لو كان فرضها الصلاة مستلقية وهذا بخلاف ما لو استقلت الأرض بالساترية كما لو دارت تحت الأرض أو وقفت في بئر محيطة بجسدها فإنه لا اعتداد بسترها حينئذ وكيف كان فالعمدة ما عرفت بقي الكلام في الشعر وهو خارج عن مسمى الجسد فلا يعمه قولهم انه يجب على المرأة ستر جميع جسدها عدى ما استثنى ولذا صرح بعض بخلو كلام أكثر الأصحاب عن التعرض له بل في الحدائق قل من تعرض للكلام فيه من أصحابنا وفي المدارك قال في هذا المقام واعلم أنه ليس في العبارة كغيرها من عبارات أكثر الأصحاب تعرض لوجوب ستر الشعر بل ربما ظهر منها انه غير واجب لعدم دخوله في مسمى الجسد ويدل عليه اطلاق الامر بالصلاة فلا يتقيد الا بدليل ولم يثبت إذ الاخبار لا تعطي ذلك واستقرب الشهيد في الذكرى الوجوب لما رواه ابن بابويه عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال صلت فاطمة في درع وخمار وليس عليها أكثر مما وارت به شعرها واذنيها وهي مع تسليم السند لا تدل على الوجوب نعم يمكن الاستدلال بها على عدم وجوب ستر العنق وفي رواية زرارة المتقدمة اشعار به أيضا انتهى أقول و ربما يغلب على الظن ان من لم يتعرض لوجوب ستر الشعر زعم أنه من توابع الجسد فالحقه به حكما والا لنبه على عدم وجوب ستره دفعا لتوهم التبعية وكيف كان فما أورده على الاستدلال بالرواية من عدم دلالتها على الوجوب يمكن دفعه بان المنساق من الرواية كونها مسوقة لبيان أدنى ما تصلي المرأة فيه لحكاية فعل فاطمة صلوات الله عليها فالمراد بها بحسب الظاهر بيان انه لا يعتبر في صلاة المرأة أزيد من ذلك وظاهرها حصول موارات الشعر والاذنين عن عمد فيكشف ذلك عن اعتباره في الصلاة اللهم الا ان يناقش فيه بامكان كونه على سبيل الاستحباب فليتأمل واما ما ذكره من دلالتها على عدم وجوب ستر العنق ففيه منع ظاهر فكأنه قدس سره زعم أن المقصود بقوله عليه السلام وليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها انها صلوات الله عليها جمعت شعرها على رأسها ولفت الخمار عليه بحيث لم يتجاوز عن اذنيها فبقي عنقها مكشوفا وفيه ما لا يخفى فان من الجائز ان يكون قوله عليه السلام وليس عليها الخ تأكيدا لما بينه أولا من أنها صلت في درع وخمار قصد به التصريح بالانحصار فمعناه انه لم يكن عليها أكثر من الخمار الذي سترت به شعرها وأذنيها من مقنعة أو ازار أو غير ذلك ويحتمل ان يكون المقصود به بيان صغر الخمار وعدم كونه كالخمر المتعارفة مشتملا على طول زائد على ما يحصل به مواراة الشعر المسترسل مع ما هو عليه من استرساله والحاصل انه لا ظهور في الرواية في عدم مستورية عنقها ولا سيما بالنسبة إلى مؤخره والعجب من صاحب الحدائق حيث أذعن بإرادة المعنى الأول ولكن ادعى صراحة الخبر في كونه من باب الاضطرار وأنت خبير بأنه ليس في الخبر اشعار بكونه في مقام الضرورة مفضلا عن صراحته فيه مع أن الغالب امكان ستر العنق خصوصا مؤخره بالخمار الذي يحصل به مواراة الشعر فليتأمل ويجوز ان يصلي الرجل عريانا إذا ستر قبله ودبره بخلاف ما إذا لم يسترهما مختارا فإنها لا تجوز بل لا تصح بلا خلاف فيه على الظاهر بل في الجواهر اجماعا بقسميه منا ومن أكثر العامة وربما يستدل له بقوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد بناء على ما قيل من اتفاق المفسرين من أن الزينة هنا ما يواري به العورة للصلاة والطواف لأنهما المعبر عنهما بالمسجد ولا يخفى عليك انه انما يعول على اتفاق الفسرين لو ثبت وصول التفسير إليهم من أهل بيت الوحي والا فلا عبرة لقولهم وكيف كان فيدل عليه مضافا إلى الاجماع ومفهوم قوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة في الرجل يصلي في قميص واحد إذا كان كثيفا لا بأس النصوص الآتية في العاري فإنها تدل على وجوب ستر العورة في الصلاة واعتباره في صحتها من وجوه كما لا يخفى على المتأمل و يؤيده أيضا بل يدل عليه المستفيضة المتقدمة الدالة على جواز الصلاة في ثوب واحد حيث يظهر مما وقع فيها سؤالا وجوابا كون اعتبار لبس الثوب في الجملة لديهم من الأمور المسلمة المفروغ عنها وان الثوب الواحد هو أدنى ما يجري في الصلاة وكيف كان فهذا اجمالا مما لا شبية فيه بل كاد ان يكون من الضروريات ومقتضى اطلاق كلمات الأصحاب انه لا فرق في ذلك بل وكذا في المسألة السابقة اي وجوب ستر المرأة جسدها في الصلاة بين النافلة والفرضية تعم ربما يظهر من بعضهم حيث جوز حمل ما في خبر ابن بكير عن نفي الباس عن صلاة الحرة مكشوفة الرأس على النافلة التفصيل وهو ضعيف لما أشرنا إليه مرارا وأوضحناه عند التكلم في كيفية صلاة الاعرابي واعتبار التشهد فيها عقيب الركعة الثانية من أن مقتضى القاعدة مشاركة النافلة مع الفريضة فيما يعتبر فيها من الاجزاء والشرائط الا ان يدل دليل على خلافها نعم لا تتمشى هذه القاعدة في صلاة الأموات التي هي مبائنة لغيرها بالذات ولا تشاركها الا في مجرد التسمية فمقتضى الأصل فيها عدم اعتبار الستر والله العالم وهي تختص شرطية الستر بصورة العمد والالتفات أم تعم صورة النسيان والغفلة ونحوها فلو صلى مكشوف العورة ناسيا أو معتقدا سترها أعادها في الوقت وخارجه أو خارجه أو في الوقت دون خارجه أو يفصل بين ما لو تذكر في الأثناء أو لم يتذكر الا بعد الفراغ أو بعد حصول الستر فيعيد في الأول دون غيره وجوه أقواها الأول لقصور ما دل على شرطية الستر
(١٥٢)