وفيه مع شذوذ هذا القول إن بعض تلك الأخبار وان كان قد يتراءى منه ذلك لكن مناسبة التعليل الواقع في أغلبها ووقوع التعبير في بعضها بلفظ لا ينبغي وفي بعض اخر بلفظ يكره يجعلها ظاهرة في إرادة الكراهة مضافا إلى انها هي التي يقتضيها الجمع بينها وبين غيرها من الاخبار التي هي صريحة في الجواز كرواية محمد بن فرج قال كتبت إلى العبد الصالح أسئله عن مسائل فكتب إلى وصل بعد العصر من النوافل ما شئت وصل بعد الغداة من النوافل ما شئت وحيث إن الرواية واردة في مقام توهم الحظر لا يستفاد منها أزيد من الجواز الغير المنافي للكراهة مع أن المقصود بالكراهة في المقام هو الكراهة في العبادة الغير المنافية لرجحانها الفعلي كما عرفت توجيهها في مبحث الوضوء بالماء المسخن وقراءة القرآن للحائض والجنب وغير ذلك من المواضع المناسبة والتوقيع المروي عن الصدوق في الفقيه باسناده عن أبي الحسين جعفر الأسدي انه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه واما ما سئلت عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلان كان كما يقول الناس ان الشمس تطلع بين قرني شيطان و تغرب بين قرني شيطان فما أرغم انف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وارغم انف الشيطان والقدح في هذا التوقيع بأنها مقطوعة مع وهنه في حد ذاته حيث لا يظن صدور مثل هذا الكلام منه عن حدس واجتهاد من غير مراجعة الإمام عليه السلام مدفوع بان الصدوق رواه في اكمال الدين واتمام النعمة على ما حكى عنه عن جملة من مشايخه انهم قالوا حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال كان فيما ورد على الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري في جواب مسائل إلى صاحب الدار وذكر الحديث بعينه وعن الطبرسي في الاحتجاج نسبة الجواب إلى صاحب الزمان عجل الله فرجه فلا مجال للقدح فيه من هذه الجهة وهو كما تراه نص في الجواز وفي عدم صلاحية القضية المشهورة بين الناس من أن الشمس تطلع وتغرب بين قرني شيطان على تقدير صدقها علة للمنع عن الصلاة بل هي مقتضية لاستحبابها رغما لانف الشيطان فمن هنا يتحقق التنافي بين هذا التوقيع وبين الأخبار الناهية المعللة بهذه العلة ولا يجدي في رفعه حمل تلك الأخبار على الكراهة بعد ظهور التوقيع في عدم صلاحية ما فيها من التعليل تعليلا للنهي وكونه مقتضيا للاستحباب ولاجل تأخر التوقيع عن تلك الأخبار وصدوره عن امام العصر عجل الله فرجه وشهادته بمعروفية ما تضمنته تلك الأخبار بين الناس المقتضية لصدورها تقية قد يترجح في النظر الاخذ بظاهر التوقيع والالتزام بنفي الكراهة أيضا وحمل تلك الأخبار على التقية كما حكى القول بذلك عن الصدوق وتبعه غير واحد من المتأخرين لكنه لا يخلو عن اشكال حيث يستشعر من التوقيع ان القضية المعروفة بين الناس من المشهورات التي لا أصل لها مع أنه قد تكرر ذكرها في اخبار أهل البيت عليهم السلام في مقام الاستدلال وغيره واسنادها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام في جملة من تلك الأخبار كرواية الحلبي المتقدمة وخبر النفر من اليهود المتقدم عند البحث عن صلاة الوسطى الذين جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله اعلمهم عن مسائل وفيه في تعليل صلاة الفجر في الوقت المخصوص بها ما صورته واما صلاة الفجر فان الشمس إذا طلعت تطلع على قرني الشيطان فأمرني ربي عز وجل ان أصلي قبل طلوع الشمس صلاة الغداة وقبل ان يسجد لها الكافر تسجد أمتي إلى آخره وعن العلل فيما أجاب به أمير المؤمنين عليه السلام عن مسائل اليهود ما يقرب من ذلك لكن هذه الرواية متضمنة لفقرات تشبه قول الناس فلا وثوق بها ولا بسندها واما ساير الأخبار المشتملة على هذه القضية فيبعد صدورها بأسرها تقية خصوصا اخبار الباب فان صدور حكم تقية والاستدلال له بقضية لا أصل لها واسنادها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في غاية البعد فرفع اليد عنها مع كثرتها واشتهارها بين الأصحاب فتوى ورواية مشكل فالأولى حمل التوقيع على إرادة عدم صلاحية هذه القضية علة للتحريم كما زعمه الناس لا انها ليست صالحة للمنع رأسها حتى للكراهة وما فيه من الاشعار بأنها لا حقيقة لها فلعله بلحاظ معناها الحقيقي فلا ينافي ذلك صدورها عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام على ضرب من الاستعارة هذا ولكن الانصاف ان حمل تلك الأخبار المعللة بهذه العلة بأسرها على التقية أولى من التصرف في ظاهر التوقيع كما يؤيد ذلك ظهور أغلب تلك الأخبار في في لمشروعية لهذه العلة كما زعمه الناس ولكن مع ذلك الأقوى كراهة الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها لا لهذه العلة بل لدلالة بعض الأخبار المتقدمة الغير المعللة بهذه العلة وبعض الأخبار الآتية عليه وشهرة القول بها بين الأصحاب ولا ينافيها الامر بفعلها في التوقيع لوروده في مقام توهم الحظر مع انا لا نعني بكراهة الصلاة ما ينافي ذلك كما تقدمت الإشارة إليه وسيأتي توضيحه وليعلم ان الأصحاب رضوان الله عليهم بعد اتفاقهم على كراهة الصلاة في الجملة في الأوقات الخمسة المزبورة على ما ادعاه غير واحد اختلفوا في تشخيص موضوعها فمنهم من خصصها بالنوافل المبتدئة وقال بأنه لا باس بما له سبب كصلاة الزيارة والحاجة وقضاء النوافل المرتبة كما في المتن وغيره بل لعله هو المشهور وقد حكى القول بذلك عن الشيخ في المبسوط وعن نهايته الحكم بكراهة النوافل مطلقا أداء وقضاء عند الطلوع والغروب ولم يفرق بين ذي السبب وغيره ومن خلافه أنه قال فيما نهى عنه لأجل الوقت وهي المتعلقة بالشمس لا فرق فيه بين الصلاة والبلاد والأيام الا يوم الجمعة فإنه يصلي عند قيامها النوافل ثم قال وما نهى عنه لأجل الفعل وهي المتعلقة بالصلاة انما يكره ابتداء الصلاة فيه نافلة فاما كل صلاة لها سبب فإنه لا باس به وعن المفيد قدس سره الجزم بكراهة النوافل المبتداة وذات السبب عند الطلوع والغروب بل ربما استظهر من عبارته المحكية عن المقنعة التحريم حيث قال من زار أحد المشاهد عند طلوع الشمس أو غروبها اخر الصلاة حتى تذهب حمرة الشمس عند طلوعها وصفرتها عند غروبها وفيه نظر خصوصا بالنظر إلى ما هو المعروف عنه
(٧٧)