واما بالنسبة إلى ما لو علم بزوال العجز قبل فوات الوقت أو احتمله فلا يخلو عن اشكال كما نبه عليه شيخنا المرتضى رحمه الله حيث قال بعد ان نقل الاستدلال عليه عن جماعة تبعا للذكرى بأصالة الصحة والامتثال المقتضى للاجزاء ما هذا لفظه ويشكل بان ارتفاع العجز وثبوت القدرة على الصلاة قائما في جزء من الوقت موجب لاختصاص الوجوب بذلك الجزء ولذا لو علم في أول صلاته بطرو العجز له في الأثناء (وارتفاعه) قبل خروج وقت الصلاة لم يجز له الدخول بناء على ما تحقق من وجوب تأخير أولي الأعذار في صورة العلم بارتفاعها قبل خروج الوقت وكذلك الكلام في القدرة المتجددة في الأثناء فإنها كاشفة عن عدم تعلق الامر بالفعل عند الدخول فيه فما اتى به من الاجزاء قاعدا انما كان باعتقاد الامر وتخيله كالمأتي به منها قائما في الصورة الأولى كما يوضح ذلك كله فرض العلم بتجدد الوصفين قبل الدخول في الفعل ولا ريب ان اتيان الشئ بتخيل الامر ليس مجزيا عن المأمور به الواقعي لكن الظاهر في لخلاف الصريح في عدم وجوب الاستيناف الا عن بعض العامة وان احتمل الوجوب في النهاية على ما قيل ولعل وجه اتفاقهم على الحكم دعوى ان المستفاد من الأدلة مثل قوله إذا قوى فليقم وقوله عليه السلام فإن لم تستطع قائما فصل جالسا عموم وجوب القيام الرخصة في القعود إذا طرء موجبهما في الأثناء فالاستمرار في الصلاة مستفاد من هذه الأدلة لا من قاعدة الاجزاء والنهي عن الابطال الممنوعين بأنهما انما يثبتان مع تحقق الامر لا مع تخليه واعتقاده انتهى وملخص الكلام في دفع هذا الاشكال هو ان المنساق من اخبار الباب بل وكذا من أغلب الأدلة اللفظية المثبتة لتكاليف اضطرارية في سائر الموارد كمواقع التقية وأشباهها انما هو إناطة هذه التكاليف بالعجز حال الفعل لا مطلقا فيجوز له البدار إلى الصلاة في سعة الوقت وان احتمل زوال العجز في الأثناء أو بعدها ويصح صلاته كما يؤيده اطلاق فتوى الأصحاب بالمضي في صلاته عند تجدد القدرة أو العجز في الأثناء من غير نقل خلاف فيه عن أحد منا ولا ينافيه الالتزام بعدم جواز الدخول في الصلاة لو علم بزوال عجزه قبل فوات الوقت لامكان دعوى انصراف أدلتها من مثل الفرض الا ترى انه لو امر المولى عبده باطعام شخص مثلا في الغد بخبر الحنطة مع الامكان وبالشعير لدى العجز فلم يجد العبد في البلد الا الشعير فاطعمه بذلك يعد ممتثلا وان احتمل حال الاطعام تجدد القاعدة من تحصيل الحنطة فيما بعد بخلاف ما لو علم بأنه سيتمكن من تحصيله في زمان يقع امتثالا للواجب و الحاصل انه فرق في المعذورية بالنسبة إلى التكاليف العذرية بين ما إذا علم قبل التلبس بالعمل بتجدد القدرة له وبين ما إذا لم يعلم بذلك وان احتمله فلا ينسبق إلى الذهن إرادة العاجز الذي يعلم بزوال عجزه قبل فوات الوقت من اطلاق أدلتها كما ينهانا عن ذلك في مبحث التيمم عند التكلم في جوازه في سعة الوقت وكذا في مبحث التقية في باب الوضوء فراجع فتلخص ان المتجه هو ما ذكره الأصحاب من المضي في صلاته على حسب ما يقتضيه حاله من الانتقال إلى الحالة الدنيا أو العليا ولكن الأحوط فيما لو عجز في الأثناء وعلم بزوال عجزه قبل فوات الوقت هو الاتمام ثم الإعادة بعد تجدد القدرة والله العالم ثم إنهم اختلفوا فيمن عجز قبل القراءة أو في أثنائها في أنه هل يجب عليه ان ينتقل إلى الحالة الدنيا من القعود أو الاضطجاع أو الاستلقاء قارئا وكذا لو كان قبل الذكر الواجب في الركوع أو في أثنائه عليه ان ينتقل إلى الحالة الدنيا اتيا بما تيسر له من الذكر في حال هوية أم لا يجب بل لا يجزي الا بعد انتقاله واستقراره صرح بعض بالأول بل عن الروض نسبة إلى الأكثر بل عن الشهيد في الذكرى نسبة إلى الأصحاب وهو مشعر بالاتفاق ولكنه بحسب الظاهر غير مراد له والا لم يكن يرجح خلافه كما ستسمع حكايته عنه بل في دروسه نسبه إلى القيل فإنه بعد ان ذكر انه ينتقل القادر والعاجز إلى الاعلى والأدنى ولا يستأنفان قال ما صورته قيل ويقرء في الانتقال إلى الأدنى لا الاعلى انتهى وهذا مشعر بشذوذ هذا القول وضعفه لديه بل قيل بخلو كلام المتقدمين عن التعرض له وربما نزل عبارة المتن على هذا القول بحمل كلمة مستمرا على الاستمرار على ما كان متلبسا به من القراءة ونحوها وهو لا يخلو عن بعد فإنه مع قصورة حينئذ عن إفادة الحكم فيما إذا طرء العجز قبل التلبس بالقراءة أو الذكر لا يستقيم ارادته بهذا المعنى في صورة العكس حيث إن ما ذكروه وجها له في صورة الأصل من كونه أقرب إلى القيام وغيره مما ستسمعه يقتضي خلافه في صورة العكس ولذا لم ينقل القول باستمراره على القراءة في العكس عن أحد وكيف كان فقد حكى عن الذكرى وجملة ممن تأخر عنه كالمحقق الثاني وصاحب المدارك وشيخه المحقق الأردبيلي وغيره اختيار القول الثاني نظرا إلى اعتبار الطمأنينة والاستقرار حال القراءة مع الامكان كما يدل عليه قوله عليه السلام وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة بالتقريب الذي عرفته في محله ويؤيده أيضا رواية السكوني المتقدمة في محلها الدالة على وجوب الكف حال القراءة فان حال الهوى ليس الا كحال المشي في في لاستقرار كما نبه عليه كاشف اللثام حيث قال في شرح قول العلامة يقرأ في حال هوية ما لقطه ولكن يشكل كما في الذكرى بأن الاستقرار شرط مع القدرة ولم يحصل في الهوى فالقراءة فيه كتقديم المشي على القعود أقول بل أسوء حالا من ذلك لما في المشي من الانتصاب الذي ليس في الهوى ومن هنا قد يقوى في النظر فيما لو دار الامر بين ان يصلي ماشيا أو هاويا وناهضا من غير استقرار ترجيح الأول إذ الظاهر أنه أقرب إلى الهيئة المعتبرة في الصلاة حال القراءة بنظر العرف وقد ظهر بما ذكرنا ضعف الاستدلال للقول الأول بان الهوى أقرب إلى القيام فيجب المبادرة حاله إلى الاتيان بما تيسر من القراءة تحصيلا لشرطه بقدر الامكان فان مجرد الأقربية إلى القيام غير مجد في ذلك ما لم يكن هذه الحالة بنظر العرف من المراتب الميسورة للمهية المعتبرة حالها وقد أشرنا إلى أن الهوى ليس كذلك بل هو ابعد من تلك الهيئة عن المشي الذي يتحقق معه القيام حقيقة ولا يتمشى بالنسبة إليه قاعدة الميسور كما تقدمت الإشارة في محله ونظير ذلك في الضعف الاستدلال له بان كل مرتبة من الانحناءات الغير القادرة المندرجة إلى القعود هيئة خاصة مستقلة من القيام مقدمة في الرتبة على القعود وان لم يكن معها استقرار كما عرفته في محله فيجب ان يوقع فيها ما تسعه من القراءة فان الانحناءات الغير القارة المندرجة في الوجود حال الهوى أو النهوض ليست لدى العرف من مصاديق القيام بل ولا من مراتبه الميسورة التي لا تسقط بمعسوره حتى في أوائل الاخذ في الهوى أو أواخر
(٢٦٩)