على السجدتين بل لم يطلق عليهما هذا الاسم في الأدلة السمعية وانما اطلق عليهما ذلك في فتاوي الأصحاب ومعاقد اجماعاتهم المحكية فنشأ من ذلك الاشكال المزبور من أنه كيف يصح اطلاق الركن عليهما مع تفسيره بالمعنى المزبور كما هو المشهور فالمقصود بحل الاشكال انما هو توجيه كلمات الأصحاب ورفع التنافي عنها فنقول في حل الاشكال ان الركن هو مجموع السجدتين وهما معا جزء واحد من اجزاء الصلاة فهو جزء مركب ولكن تركيبه اعتباري كتركيب العشرة من اجادها فلا يكون انتفاء جزء منه موجبا لانتفائه رأسا كما في المركب الحقيقي بل موجب لانتفاء بعضه المستلزم لفوات وصف التركيب القائم بالمجموع كعنوان العشرة في المثال والاثنينية في المقام المفروض كونه اعتباريا غير مأخوذ في قوام ذات المركب فلو امر باعطاء عشرة دراهم على زيد فأعطاه خمسة صدق عليه انه أعطاه بعض ما امره به وترك بعضا فلو قيل إنه لم يأت بالمأمور به فمعناه انه لم يأت بجميعه لا انه تركه رأسا ولا يتفاوت الحال في ذلك بين كون المركب ارتباطيا كاجزاء الصلاة أو غير ارتباطي كما في المثال على تقدير ان لا يكون المجموع من حيث المجموع مرادا له والا فهو أيضا كالصلاة لأن كونه ارتباطيا يوجب فساد الجزء المأتي به ولغويته على تقدير عدم ضم الباقي إليه لا خروجه عن كونه مصداقا لبعض ذلك الشئ الذي تعلق الامر به حتى يصح ان يقال إنه لم يأت بشئ منه والمراد بالنقص في قولهم في تفسير الركن ما كان نقصه وزيادته عمدا وسهوا كما يظهر من مراجعة كلماتهم هو الترك لا النقص المقابل للكمال فيحمل الترك على إرادة الترك المطلق الذي لا يتحقق فيما كان له اجزاء الا بتركه رأسا كما لعله هو المتبادر من اطلاقه لا تركه مطلقا ولو بترك بعض اجزائه كما أن المراد بزيادته هو زيادته على الاطلاق لا مطلق زيادته ولو بزيادة جزء منه فلو قيل مثلا ان فاتحة الكتاب ركن لا يراد منه في مصطلحهم الا ان هذا الجزء الذي هو عبارة عن مجموع هذه السورة له على اجماله دخل في قوام مهية الصلاة وجودا وعدما فتبطل بتركه وزيادته ولو سهوا واما ان له بجميع اجزائه دخل في قوام المهية وجودا وعدما كي يلزمه البطلان لدى تبعيضه زيادة أو نقصا فلا يكاد يفهم من اطلاق اسم الركن عليه فإذا لا منافاة بين كون السجدتين ركنا ولا تبطل الصلاة بنقص واحدة ولا بزيادة واحدة وواجبات السجود ستة الأول السجود على سبعة أعظم الجبهة والكفين والركبتين وابهامي الرجلين في المدارك قال في شرح العبارة هذا مذهب الأصحاب بل قال في التذكرة انه قول علمائنا أجمع الا المرتضى رحمه الله فإنه جعل عوض الكفين المفصل عند الزندين أقول وفي السرائر أيضا التصريح بذلك فقال ويكون السجود على سبعة أعظم الجبهة ومفصل الكفين عند الزندين وعظمي الركبتين وطرف ابهامي الرجلين والارغام بطرف الانف مما يلي الحاجبين من السنن الأكيدة انتهى وربما نسب هذا القول إلى الإسكافي أيضا وحكى عن بعض انه ذكر بدل الابهامين أطراف الأصابع كما ستعرف ولعله لم يقصد به الخلاف وكيف كان فيدل على جميع ما ذكر مضافا إلى عدم خلاف يعتد به في شئ منها جملة من الاخبار منها صحيحة زرارة المروية عن التهذيب قال قال أبو جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله السجود على سبعة أعظم الجبهة واليدين والركبتين والابهامين وترغم بانفك ارغاما اما الفرض بهذه السبعة واما الارغام بالأنف فسنة من النبي صلى الله عليه وآله وعن الصدوق باسناده عن زرارة نحوه الا أنه قال والكفين وفي صحيحة حماد الواردة في كيفية صلاة الصادق عليه السلام لتعليم حماد وسجد على ثمانية أعظم الكفين والركبتين وأنامل ابهامي الرجلين والجبهة والانف وقال سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله في كتابه فقال وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وهي الجبهة (والكفان) والركبتان والابهامان ووضع الانف على الأرض سنة وخبر عبد الله بن ميمون القداح المروي عن قرب الإسناد عن جعفر بن محمد عليه السلام قال يسجد ابن ادم على سبعة أعظم يديه ورجليه وركبتيه وجبهته وعن العياشي في تفسيره عن أبي جعفر عليه السلام انه سئله المعتصم عن السارق من اي موضع يجب ان يقطع فقال إن القطع يجب ان يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف قال وما الحجة في ذلك قال قول رسول الله صلى الله عليه وآله السجود على سبعة أعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرافق لم يبق له يد يسجد عليها وقال الله تبارك وتعالى وان المساجد لله يعني بها الأعضاء السبعة التي يسجد عليها فلا تدعوا مع الله أحدا وما كان لله لا يقطع وعن كتاب الفقيه في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية قال الله وان المساجد لله يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين وما في بعض الأخبار من اطلاق اليدين لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته عند الامر بوضعهما على الأرض إلى إرادة الكفين فلابد من صرفه إليه جمعا بين الاخبار واما القول المحكى عن السيد والحلي والإسكافي من اعتبار السجود على مفصل الزندين فلم يعرف مستنده كما صرح به بعض فمن هنا يستبعد ارادتهم ظاهره وقد حكى عن الذكرى انه حمله على إرادة الاجتزاء بهما عن الكفين لأنه مبدئهما ويتحقق بوضعهما على الأرض مسمى وضع الكفين وحمله بعض على تحديد ابتداء اليد التي يسجد عليها والذي يغلب على الظن انهم يوجبون الاستيعاب في وضع اليدين أو الراحتين إلى الزندين ويزعمون ان مقتضاه وقوع السجود على مفصل الزندين إذ ليس مجرد ملاصقة العضو حال السجود للأرض مصححا لاطلاق اسم السجود على بل يعتبر فيه كون الشخص واقعا عليه فإذا وضع كفيه على الأرض حال سجوده يكون مفصل زنده هو الذي يقع السجود عليه لا ما عداها من اجزاء الكف ولعل في صدر عبارة الحلى ايماء إلى إرادة ما ذكرناه في توجيه كلماتهم فإنه بعد ان بين كيفية الركوع ذكر في بيان كيفية السجود ما لفظه واهوى إلى السجود ويتلقى الأرض بيديه جميعا قبل ركبتيه ويكون سجوده على سبعة أعظم الجبهة ومفصل الكفين من الزندين الخ إذ الظاهر أنه لم يقصد الا السجود على النحو المتعارف من بسط يديه على الأرض بل يحتمل ان يكون المراد بقوله جميعا مجموع يديه فيكون على هذا أوضح في إرادة ما ذكر وكيف كان فان أرادوا اعتبار خصوص المفصل فهو مع أنه مما لم نجد له دليل ينفيه ظواهر النصوص وفتاوي الأصحاب وان أرادوا الاجتزاء به بالتقريب المتقدم أو بيان حد اليد التي يسجد عليها فنعم الوفاق
(٣٣٩)