فان حكى ما تحته لم يجز كما عرفته فيما سبق وكذا يكره ان يأتزر فوق القميص كما عن الشيخين واتباعهما بل في الحدائق نسبته إلى المشهور ويدل عليه خبر أبي بصير المروي عن الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا ينبغي ان التوشح بازار فوق القميص وأنت تصلي ولا تتزر بازار فوق القميص إذا أنت صليت فإنه من زي الجاهلية ولكن نقل في المدارك هذه الرواية عن التهذيب هكذا ولا ينبغي ان تتوشح بازار فوق القميص إذا أنت صليت باسقاط وأنت تصلي والا تتزر بازار فوق القميص ثم ناقش في استدلال الشيخ بها على المدعى بان التوشح غير الاتزار فلا تدل الرواية على كراهة الاتزار وفيه ان ما وقع من التهذيب بحسب الظاهر من سهو القلم فلا يقدح في حجية ما في الكافي في الذي هو أوثق واضبط خصوصا في مثل المقام الذي يقع فيه كثير اما الخطأ من النساخ باعتبار تكرار لفظ فوق القميص كما لا يخفى والحاصل ان عدم اشتمال ما في التهذيب على الاتزار لا يخل باعتبار ما في الكافي فهو حجة معتمدة ولا يعارضه ما رواه الشيخ في الصحيح عن موسى بن القاسم البجلي قال رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام يصلي في قميص وقد اتزر فوقه منديل وهو يصلي وفي الصحيح عن موسى بن عمر بن بزيع قال قلت للرضا عليه السلام أشد الإزار والمنديل فوق قميصي في الصلاة قال لا باس به لجواز ان يكون المقصود بنفي الباس في الرواية الأخيرة نفي الحرمة واما الصحيحة الأولى فهي حكاية فعل لا تصلح لمعارضة القول فيمكن ان يكون صدوره لضرورة مقتضية له أو لبيان جوازه أو غير ذلك من المحامل فما في المدارك من نفي الكراهة ضعيف ويكره أيضا التوشح فوق القميص بل وكذا تحته وتحت الرداء كما يدل عليه اخبار متكاثرة منها خبر أبي بصير المتقدم ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه عن أحدهم عليهم السلام قال الارتداء فوق التوشح في الصلاة مكروه والتوشح فوق القميص مكروه وخبر زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه السلام انه سئله رجل وهو حاضر عن الرجل يخرج من الحمام أو يغتسل فيتوشح ويلبس قميصه فوق ازاره فيصلي وهو كذلك قال هذا من عموم قوم لوط فقلت له انه يتوشح فوق القميص قال هذا من التنجيز و خبر الهيثم المروي عن كتاب العلل عن أبي عبد الله عليه السلام قال انما كره التوشح فوق القميص لأنه من فعل الجبابرة وخبر يونس عن جماعة من أصحابه عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام انه سئل ما العلة التي من اجلها لا يصلي الرجل وهو متوشح فقال لعلة التكبر في موضع الاستكانة والذل وعن كتاب الخصال عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن ابائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلي الرجل في قميص متوشحا به فإنه من افعال قوم لوط ويتأكد ذلك في الامام كما يدل عليه موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن رجل يؤم بقوم يجوز له ان يتوشح فوق القميص قال لا لا يصلي الرجل بقوم وهو متوشح فوق ثيابه وان كان عليه ثياب كثيرة لان الامام لا يجوز له الصلاة وهو متوشح ولا ينافي ذلك ما في حسنة حماد بن عيسى قال كتب الحسن بن علي بن يقطين إلى العبد الصالح عليه السلام هل يصلي الرجل وعليه ازار متوشح به فوق القميص فكتب نعم وخبر علي بن جعفر المروي عن كتاب المسائل وقرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يتوشح بالثوب فيقع على الأرض أو يجاوز عاتقه أيصلح ذلك قال لا باس لامكان حملهما على إرادة الجواز الغير المنافي للكراهة كما اومي إليه الصدوق في الفقيه حيث قال على ما حكى عنه بعد ان روى ما يدل على الكراهة وقد رويت رخصة في التوشح بالإزار عن العبد الصالح وعن أبي الحسن الثالث وعن أبي جعفر الثاني عليهم السلام وبها اخذوا فمتى وفي الحدائق بعد نقل هذه العبارة عن الفقيه قال وما ذكره من الرواية عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن عليهما السلام فلم يصل الينا فيما وصل من المنقول ولكنه الصدوق فيما يقول بقي الكلام في معنى التوشح فعن الجوهري يقال توشح الرجل ثوبه وسيفه إذا تقلد بهما وعن القاموس توشح الرجل بثوبه تقلد به وعن الفيومي في المصباح المنير توشح به هو ان يدخله تحت إبطه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم أقول والظاهر في لتنافي بين هذين المعنيين كما يشير إلى ذلك ما عن كتاب المقرب حيث قال على ما حكى عنه توشح الرجل وهو ان يدخل ثوبه تحت يده اليمنى ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم وكذلك الرجل يتوشح بحمائل سيفه فيقع الحمائل على عاتقه الأيسر تكون اليمنى مكشوفة بل لم يظهر التنافي بينهما وبين ما عن النهاية الأثيرية فيه انه كان يتوشح به اي يتغشى به والأصل فيه من الوشاح إذ لم يعلم أنه أراد بذلك ما ينافي التفسير المتقدم فان عبارته لا تخلو عن اجمال خصوصا ما نبه عليه من أنه ما خوذ من الوشاح فلا يبعد ان يكون مراده بالتغشي النوع الخاص منه الحاصل بالكيفية المزبورة فيكون قوله تفسيرا بالأعم كقولهم سعدانة بنت أو انه أراد بذلك تفسيره في خصوص مورد ولقد أومى إلى ذلك كله في مجمع البحرين حيث قال في الحديث التوشح في القميص من التجبر وفيه الارتداء فوق التوشح في الصلاة مكروه وفيه انه كان يتوشح بثوبه اي تغشى به والأصل في ذلك كله من الوشاح لكتاب وهو شئ ينسج من أديم عريضا ويرصع بالجواهر ويوضع شبه قلادة تلبسه النساء يقال وشح الرجل بثوبه أو بإزاره وهو ان يدخله تحت إبطه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم وكما يتوشح الرجل بحمائل سيفه فتقع الحمائل على عاتقه اليسرى وتكون اليمنى مكشوفة انتهى إذ الظاهر أن قوله يقال وشح الرجل الخ بيان لما أجمله أولا وعن النودي في شرح صحيح مسلم ان التوشح ان يأخذ طرف ثوب ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى ثم يعقدهما على صدره بالمخالفة بين طرفيه والاشتمال بالثوب بمعنى التوشح انتهى وهذا التفسير بظاهره مبائن للتفاسير المتقدمة فلو أريد به قصر مورد استعماله على ذلك فلا اعتماد عليه في مقابل ما سمعت ولو أريد به كونه هو معناه الأصلي الذي استعمل فيما عداه لعلاقة أو على سبيل الاشتراك أو لكونه موضوعا للقدر المشترك فيمكن تصديقه في ذلك بعد كونه من أهل الخبرة خصوصا مع كونه انسب بما حكى عن القاموس في تفسير الوشاح الذي هو بحسب الظاهر مأخذ هذه الاستعمالات و لكن الظاهر أن هذا المعنى غير مراد باخبار الباب فان هذا الوضع مما لا يناسب التجبر والتكبر الذي علل به المنع في الاخبار فإنه ربما يستعمله الشيوخ ومن به وجع الصدر ونحوه صونا عن البرد هذا مع أن الذي يظهر من كلمات معظم اللغويين ان المتبادر من اطلاق توشيح بثوبه أو بإزاره إرادة التقلد به اما مطلقا أو بالكيفية التي سمعته عن المصباح وغيره فكان هذه الكيفية هو القدر المتيقن الذي يراد باطلاق التوشح بالثوب فلا ينبغي الاستشكال في كراهته بهذا الكيفية واما ما عداها من مطلق التقلد أو التغشي فمحل تأمل
(١٦٣)