بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين الركن الثاني في افعال الصلاة وهي واجبة ومسنونة فالواجبات ثمانية الأول النية واعتبارها في الصلاة على الظاهر من الضروريات فضلا عن انعقاد الاجماع عليه ولكن وقع الخلاف بين الاعلام في أنها هل هي شرط للصلاة كما صرح به غير واحد أو جزء منها كما قواه آخرون وربما يظهر من المتن اختياره حيث عده من افعال الصلاة وقد أطال البحث عنه جماعة وقواه آخرون لقلة فائدته خصوصا على القول بكفاية الداعي الذي لابد من استدامته حال الصلاة نعم على القول بان النية المعتبرة في العبادات عبارة عن الإرادة التفصيلية المتوقفة على استحضار صورة الفعل في النفس ربما يظهر ثمرة القولين خصوصا لو قيل بجواز تقديمها عن أول الفعل من حين الاخذ في مقدماته حيث إنه على القول بالجزئية لابد ان يراعي حين فعلها شرائط الصلاة من الطهارة والقيام والاستقبال ونحوها بخلاف الشرطية كما لا يخفى وكيف كان فلم نعثر فيما ذكروه من أدلة الطرفين على ما يعتمد عليه ولكن الحق انها شرط للصلاة كغيرها من التكاليف التعبدية التي يتوقف صحتها على حصولها بقصد الإطاعة ضرورة اشترطا افعال الصلاة بصدورها عن قصد الإطاعة وعدم كونها تكاليف توصلية فلو صدر شئ منها بلا قصد أو بقصد شئ اخر غير إطاعة الامر بالصلاة لم تصح فالنية شرط في صحة سائر الأجزاء جزما واما كونها بنفسها ملحوظة في المهية على حد سائر الأجزاء مع قطع النظر عن اشتراط الاجزاء بحصولها عن قصد فلا دليل عليه والحاصل انه لا شبهة بل لا خلاف في أنه يشترط في صحة افعال الصلاة انبعاثها عن إرادة الإطاعة واما كون إرادة الإطاعة بهذه الافعال من حيث هي مأخوذة في مهية الصلاة على سبيل الجزئية بحيث تكون هي في حد ذاتها مع قطع النظر عن متعلقاتها مقصودة بالطلب فلا دليل عليه وكفاك شاهدا على ما ادعيناه من تسالمهم على اشتراط وقوع الافعال بعنوان الإطاعة المتوقفة على القصد التدبر في كلماتهم عند البحث عن انه هل يعتبر في صحة الصلاة وغيرها من العبادات استحضار صورة العبادة ووجهها من الوجوب والندب وغيرهما من التفاصيل فإنهم بنوا اعتبار التفاصيل وعدمها على كفاية ايجاد المأمور به بداعي الامر في صدق الإطاعة المعتبرة في صحة العبادة وعدمها فلو كان القصد في حد ذاته جزءا خارجيا معتبرا في مهية العبادة لم يكن دعوى صدق الإطاعة على ايجاد المأمور به بداعي امره مجدية في نفي شئ من هذه التفاصيل ولا انكاره مجديا في اثباتها كما لا يخفى على المتأمل هذا مع أنه لو لم تكن النية شرطا لسائر الافعال للزم صحة تلك الأفعال من حيث هي عند عرائها عن القصد ومع قصد الخلاف مع أنه باطل بلا شبهة ان قلت بطلان الجزء العاري عن القصد أو المقرون بقصد الخلاف ليس مسببا عن عرائه عن قصد إطاعة امره كي يكون هذا القصد شرطا لصحة ذلك الجزء من حيث هو بل مسبب عن عدم ترتبه على القصد الذي هو جزء اخر للصلاة متقدم عليه في الرتبة قلت انا نفرض كونه عازما على فعل الصلاة من أول الأمر وباقيا على عزمه إلى حين صدور هذا الفعل منه كما لو قصد فعل الصلاة ودخل فيها ثم عرض له عند إرادة السجود مثلا داع للسجود كاستماع العزائم ونحوه فسجد له من غير أن يعدل عن قصده للصلاة أو المضي فيها فالإرادة الاجمالية التي نعبر عنها بالداعي ونعتبرها في صحة العبادة محققة في الفرض كما أن الإرادة التفصيلية التي يعتبرها القائلون بالاخطار متحققة واستدامة حكمها التي يعتبرون بقائها إلى تمام العلم أيضا تائبة فالمانع عن صحته في الفرض ليس الا عدم انبعاث هذا الفعل الخاص عن تلك الإرادة وذلك الداعي فليتأمل وعلى كل حال فهي ركن في الصلاة ولكن لا بمعناه المصطلح وهو ما كان تركه وزيادته عمدا وسهوا موجبا للبطلان فان زيادة النية اما غير معقولة خصوصا على القول بشرطيتها حيث إن الزيادة لا تكون الا في الأجزاء الخارجية أو انها غير قادحة بلا شبهة بل بمعنى انه لو أخل بها وتركها عامدا أو ناسيا لم تنعقد صلاته وقد عرفت في باب الوضوء انه ليس للنية حقيقة شرعية أو متشرعة بل هي لغة وعرفا وشرعا لإرادة والقصد كما فسرها بها المصنف رحمه الله في الوضوء حيث قال هي إرادة تفعل بالقلب ولكن ربما وقع في عبائر القائلين بوجوب الاخطار حين الفعل تفسيرها بالصورة المخطرة التي يتوقف عليها الإرادة التفصيلية مسامحة فنية الصلاة التي يتوقف عليها صحتها حقيقتها القصد إلى فعلها طاعة لله وتقربا إليه تعالى وهو يتوقف على استحضار مهية الصلاة وصفة الصلاة الخاصة الواقعة في خير الطلب الذي أراد امتثاله المميزة لها عما يشاركها في المهية في الذهن اي تصورها بالخصوص كما أنه ما يتوقف على تصور غايتها التي هي الإطاعة والتقرب فتفسيرها باستحضار صفة الصلاة في الذهن مسامحة فإنه من مقدمات النية وليس بداخل في حقيتها وانما حقيقتها القصد بها إلى فعلها طاعة لله تعالى ولا يعتبر فيها أزيد من ذلك كما عرفت تحقيقه في باب الوضوء ولكن المشور بين الأصحاب رضوان الله عليهم اعتبار أمور أخر كالمصنف في الكتاب حيث اعتبر القصد بها إلى أمور أربعة الوجوب أو الندب والقربة والتعيين وكونها أداء أو قضاء وقد عرفت في المبحث المشار إليه ان الوجوب والندب ونظائرهما مما هو من لو أحق الطلب لا يعتبر قصده في مقام الامتثال وانما المعتبر تشخيص متعلق الطلب واتيانه بداعي طلبه لا تشخيص مراتب الطلب فضلا عن قصدها نعم ربما يستغنى بقصد الوجوب والندب عن تعيين المهية المأمور بها كما لو انحصر ما هو واجب عليه في قسم خاص كصلاة العصر مثلا فقصد بفعله الصلاة الواجبة عليه بالفعل فإنه حينئذ قاصد للمهية المأمور بها بعينها وقد تقدم تفصيل الكلام فيما يتعلق بالمقام من النقض والابرام في نية الوضوء فلا نطيل بالإعادة وملخصه انه لا يعتبر في صدق الإطاعة التي يوقف عليه صحة العبادات الا اختيار الفعل الذي تعلق به التكليف قاصدا به الخروج عن عهدة ذلك التكليف وهذا لا يتوقف الا على تخصيص ذلك الفعل بالقصد بتوصيفه بشئ من خواصه التي تجعله موافقا للمأمور به كي يصح اتصاف ذلك الفعل الموافق للمأمور به من حيث كونه كذلك بكونه صادرا عن قصد واردة فالذي يعتبر في المقام انما هو تعيين القسم الخاص من الصلاة كالظهر والعصر أو نافلتهما أو الآيات أو صلاة جعفر أو الاستسقاء أو الصيد أو
(٢٣٣)