يستحب له اتمامه حتى يتحقق التنافي عليه وبين النص وكيف كان فمستند هذا الحكم بحسب الظاهر هو الصحيح المزبور ومورده على ما هو المتبادر إلى الذهن انما هو ما لو سمع الأذان الناقص وارد الاكتفاء به في صلاته وهو باطلاقه يعم ما لو أراد ان يصلي بأذانه منفردا أو في الجماعة اما ما كان أو مأموما كما أن اطلاقه يشمل ما لو كان النقص سهوا أو عمدا كما في أذان المخالف الذي يترك بعض فصوله عمدا أو جهلا ولا ينافي ذلك في لاعتداد باذن المخالف إذ الاعتداد حينئذ بسماعة لا بأذان المخالف نعم لولا ظهور النص في شمول أذان المخالف لاتجه الالتزام بعدم كفاية سماع أذانه بناء على اشتراط الايمان في المؤذن بدعوى انصراف ما دل على كفاية الأذان إلى الأذان المشروع ولكن لا مجال لهذه الدعوى بالنسبة إلى الصحيح المزبور حيث إن المخالف المعهود منه نقص الأذان من اظهر المصاديق التي يتبادر إلى الذهن من اطلاق النص هذا مع أن دعوى انصراف قوله عليه السلام في خبر عمرو بن خالد يجزيكم أذان جاركم عن أذان المخالف مع غلبة كون جارهم مخالفا غير مسموعة فالأظهر جواز الاكتفاء بأذان المخالف عند سماعه واتمام ما فيه من النقص وان كان الأقوى في لاعتداد به من حيث هو والله العالم تذنيب قد ورد استحباب الأذان أو مع الإقامة في مواضع لم يتعرض لها المصنف منها عند تولع القول كما عبر به بعض أو في الفلوات الموحشة كما في عبارة بعض لما رواه الصدوق مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه قال إذا تولعت بكم الغول فاذنوا وعن محاسن البرقي باسناده عن جابر الجعفي عن محمد بن علي عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا تغولت بكم الغيلان فاذنوا بأذان الصلاة وعن الذكرى حاكيا عن الجعفريات مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله نحوه وعن دعائم الاسلام عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا تغولت بكم الغيلان فاذنوا بالصلاة وعن الذكرى انه بعد ان روى مرسلة الصدوق وعن الجعفريات مرسلا عن النبي نحو خبر جابر قال ورواه العامة وفسره الهروي بان العرب تقول ان الغيلان في الفلوات ترائى للناس تغول تغولا اي تلون تلونا تضلهم عن الطريق وتهلكهم وروى في الحديث لا غول وفيه ابطال الكلام العرب فيمكن ان يكون الأذان لدفع الخيال الذي يحصل في الفلوات وان لم يكن له حقيقة انتهى كلام الذكرى وعن النهاية الأثيرية انه بعد ان ذكر في تفسير لا غول الوارد في الحديث بعض الكلام الذي يشبه ما تقدمت حكايته عن الهروي قال ما لفظه وقيل قوله لا غول ليس نفيا لعين الغول ووجوده وانما فيه ابطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله فيكون المضي بقوله لا غول انه لا يستطيع ان يضل أحد أو يشهد له الحديث الاخر لا غول ولكن السعالي سحرة الجن اي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل ومنه الحديث إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان اي ادفعوا شرها بذكر الله تعالى انتهى وكيف كان فلا اشكال في استحباب الأذان في الحال المزبور ومنها الأذان في اذن المولود اليمنى والإقامة في اليسرى كما يدل عليه مرسلة الصدوق عن الصادق عليه السلام قال المولود إذا ولد يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى ومنها الأذان في اذن من ساء خلقه كما يشهد له صحيحة هشام بن سالم أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال اللحم ينبت اللحم ومن تركه أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه فاذنوا في اذنه وخبر ابان الواسطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لكل شئ قرما وان قرم الرجل اللحم ومن تركه أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه فليؤذن في أذنه اليمنى أقول في المجمع القرم بالتحريك شدة سهوة اللحم حتى لا يصبر عنه انتهى وما في هذه الرواية من التقييد باليمنى يحمل على الأفضلية إذ لا مقتضى لتقييد الاطلاق بالمقيدات في المستحبات كما عرفته مرارا وخبر حفص عن أبي عبد الله عليه السلام عن ابائه عن علي عليهم السلام قال كلوا اللحم فان اللحم من اللحم واللحم ينبت اللحم وقال من لم يأكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه فإذا ساء خلق أحدكم من انسان أو دابة فاذنوا في اذنه الأذان كله قيل وكذا يستحب في البيت لخبر سليمان الجعفري قال سمعته يقول اذن في بيتك فإنه يطرد الشيطان ويستحب من اجل الصبيان أقول الظاهرة انه أريد به الأذان المعهود وعن الذكرى انه عد منها الأذان المتقدم على الصبح قلت قد تقدم تحقيق المبحث فيه وقد وقع في بعض الأخبار التصريح بأنه ليس بمسنون ولكنه ينفع الجيران فلا بأس به وفي الجواهر قال قد شاع في زماننا الأذان والإقامة خلف المسافر حتى استعمله علماء العصر فعلا وتقريرا الا انى لم أجد به خبرا ولا من ذكره من الأصحاب انتهى أقول اما الأذان فهو متعارف عند الناس واما الإقامة فلم أعهده عنهم وكيف كان فمستنده غير معلوم ولعله نشا من استحباب الأذان في الفلوات فتخطوا عن مورده من باب المسامحة المعرفية والله العالم وقد فرغ من تسويد الجزء الثاني من كتاب الصلاة من الكتاب المسمى بمصباح الفقيه مصنفه محمد رضا الهمداني في يوم الأربعاء من شهر جمادى الثانية من سنة الف وثلاثمائة وست من الهجرة النبوية سنة 1306
(٢٣٢)