يترائى التنافي بين الأخبار المتقدمة وبين خبر زريق الخلقاني المروي عن مجالس الشيخ عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يصلي الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أول ما يبدو قبل ان يستعرض وكان يقول وقران الفجر ان قران الفجر كان مشهودا ان ملائكة الليل تصعد وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر فانا أحب ان تشهد ملائكة الليل وملائكة النهار صلاتي وكان يصلي المغرب عند سقوط القرص قبل ان تظهر النجوم لكن يدفعه ان المراد بالاستعراض صيرورته عريضا من فوق اي انتشاره في جهة المشرق لا الاعتراض في الأفق المعتبر في تحقق الطلوع نصا وفتوى فلا منافاة بينهما وبين اعتبار العناوين المتقدمة في حصول الصبح فما توهمه غير واحد من التنافي بين الاخبار حتى ارتكب بعضهم التأويل في الطائفة الأولى التي من جملتها صحيحة أبي بصير التي وقع فيها التشبيه بالقبطية البيضاء على استحباب التأخير وآخرين بالعكس لما في الأخبار الأخيرة من التصريح بأفضلية التقديم من عند طلوع الفجر فتكلفوا في توجيه الطائفة الأولى بحملها على بعض المحامل التي منها استحباب التأخير ان لا يدرك الفرق بين الفجرين الا بذلك مع أنك قد عرفت ان جملة من الأخبار المتقدمة التي منها خبر أبي بصير نص في إرادة أول الوقت الذي يحرم عنده الاكل للصائم فكيف يحمل على استحباب التأخير فالذي يقتضيه التحقيق انه يعتبر في تحقق الفجر اعتراضه في الأفق على وجه يشبه نهر سوري والقبطية البيضاء وفي حصول المشابهة بهما في مبادي اخذ الأفق في البياض قبل ان يضئ حسنا تأمل بل صدق تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود كما أنيط به حرمة الاكل في الكتاب والسنة أيضا لا يخلو عن خفاء فالأحوط ان لم يكن أقوى هو التأخير في الجملة حتى يتبين استطالته في الأفق بحيث يرى في سواد الليل كنهر مرئي من بعيد أو كثوب ابيض رقيق منشور تنبيهان الأول حكى عن شيخنا البهائي رحمه الله في كتاب الحبل المتين في شرح قوله عليه السلام في حسنة علي بن عطية كأنها نباض سوري أنه قال وسوري على وزن بشري موضع بالعراق من ارض بابل والمراد بنياضها نهرها كما في رواية هشام بن الهذيل عن الكاظم عليه السلام ثم ساق الرواية كما قدمناها وقال في حاشية الكاتب على ما حكى عنه النباض بالنون والباء الموحدة واخره ضاد معجمة واصله من نبض الماء إذا سال وربما قرء بالباء الموحدة والياء المثناة من تحت انتهى وقال قدس سره في الكتاب المذكور والقبطية بكسر القاف واسكان الماء الموحدة وتشديد الياء منسوبة إلى القبط ثياب تتخذ بمصر انتهى وعن المصباح المنير القبط بالكسر نصارى مصر والواحد قبطي على غير القياس والقبطي بالضم ثوب من كتان رقيق يعمل بمصر نسبة إلى القبط على غير القياس انتهى وفي المجمع في الحديث الفجر الصادق هو المعترض كالقباطي بفتح القاف وتخفيف الموحدة قبل الألف وتشديد الياء بعد الطاء المهملة ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر واحدها قبطي بضم القاف نسبة إلى القبط بكسر القاف وهم أهل مصر انتهى الثاني مقتضى ظاهر الكتاب والسنة وكذا فتاوي الأصحاب اعتبار اعتراض الفجر وتنبيه في الأفق بالفعل فلا يكفي التقدير مع القمر لو اثر في تأخر تبين البياض المعترض في الأفق ولا يقاس ذلك بالغيم ونحوه فان ضوء القمر مانع عن تحقق البياض ما لم يقهره ضوء الفجر والغيم مانع عن الرؤية لا عن التحقق وقد تقدم في مسألة التغير التقديري في مبحث المياه من كتاب الطهارة ماله نفع للمقام فراجع ويعلم الزوال الذي قد أنيطت الصلاة به المعبر عنه في الكتاب العزيز بالدلوك بأمور وقع التنبيه عليها في الاخبار وفي كلمات الأصحاب رضوان الله عليهم الأول بزيادة الظل الحاصل للشاخص المنصوب على سطح الأفق اي على سطح الأرض بحيث يكون الشاخص عمودا على السطح اي واقفا على جهة الاستواء غير مائل إلى جهة من جوانبه بعد نقصانه أو حدوثه بعد انعدامه كما قد يتفق في بعض البلاد في يوم أو يومين فإنه إذا طلعت الشمس وقع للشاخص المفروض قائما على سطح الأفق ظل طويل في جانب المغرب ثم لا يزال ينقص حتى تبلغ الشمس كبد السماء وتصل إلى دائرة نصف النار وهي دائرة عظيمة موهومة تفصل بين المشرق والمغرب تقاطع دائرة الأفق على نقطتين هما نقطة الجنوب والشمال وقطباها نقطتا المشرق والمغرب وحينئذ يكون ظل الشاخص المذكور واقعا على خط نصف النهار اي الخط الموهوم الواصل بين نقطتي الجنوب والشمال وهناك ينتهي نقصان الظل المذكور وقد لا يبقي حينئذ للشاخص ظل في بعض البلاد التي يتفق فيها مسامته الشمس لرأس الشاخص مسامته حقيقية فإذا زالت الشمس عن وسط السماء ومالت عن تلك الدائرة إلى المغرب فإن لم يكن بفي ظل حدث حينئذ في جانب المشرق وكان ذلك علامة الزوال وان كان قد بقي اخذ في الزيادة فتكون الزيادة حينئذ علامة له ولا اختصاص لهذه العلامة كبعض العلائم الآتية بموضع دون موضع بل هي مطردة في جميع الأماكن وبها يميز أيضا الوقت الذي يشك في كونه قبل الزوال أو بعده فإنه ينصب مقياسا ويقدر ظله ثم يصير قليلا ويعتبره فان نقص عن الأول علم بذلك ان الوقت لم يدخل وان زاد استكشف به دخول الوقت وان أراد تعيين أول الوقت فعليه ان يعتبره ويقدره بحيث يميز انتهاء نقصانه وأول اخذه في الزيادة فهذا أول الوقت وقد ورد التنبيه على هذه العلامة في جملة من الاخبار منها مرفوعة سماعة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك متى وقت الصلاة فاقبل يلتفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت هذا تطلب قال فأخذ العود فنصبه بحيال الشمس ثم قال إن الشمس إذا طلعت كان الفئ طويلا ثم لا يزال ينقص حتى تزول الشمس فإذا زالت زاد فإذا استبنت فيه الزيادة فصل الظهر ثم تمهل قدر ذراع ثم صل العصر وخبر علي بن أبي حمزة قال ذكر عند أبي عبد الله عليه السلام زوال الشمس قال فقال أبو عبد الله عليه السلام تأخذون عودا طوله ثلاثة أشبار وان زاد فهو أبين فيقام فما دام ترى الظل ينقص فلم تزل فإذا زاد الظل بعد النقصان فقد زالت ومرسلة الصدوق قال قال الصادق عليه السلام تبيان زوال الشمس ان تأخذ عودا طوله ذراع وأربع أصابع فتجعل اربع أصابع في الأرض فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته ثم زاد فقد زالت الشمس وتفتح أبواب السماء وتهب الرياض وتفضي الحوائج العظام الثاني بميل ظل الشاخص عن خط نصف النهار إلى جانب المشرق ضرورة
(٢٥)