انسب بما يقتضيه قاعدة التسامح مع أنه يكفي في اثبات الكراهة فتوى المشهور المعتضدة بالاجماعين المحكيين وهل تختص الكراهة بما عدى المسلخ أم تعمه فيه قولان صرح غير واحد بالتعميم وحكى عن الصدوق في الخصال أنه قال واما الحمام فإنه لا يصلي فيه على كل حال واما مسلخ الحمام فلا بأس بالصلاة فيه فإنه ليس بحمام وعنه في الفقيه قال لا بأس بالصلاة في مسلخ الحمام وانما يكره في الحمام لأنه مأوى الشياطين وعن الشيخ انه بعد ان ذكر موثقة عمار حملها على المسلخ و عن الشهيدين أيضا التصريح بنفي الكراهة في المسلخ ومستندهم بحسب الظاهر ادعاء خروجه عن مسمى الحمام أو عن منصرفه وفيه تأمل بل منع ولكن ربما يؤيد مدعاهم ما عن الفقيه من أنه بعد ان روى صحيحة علي بن جعفر المتقدمة قال يعني المسلخ فيحتمل كون التفسير من علي بن جعفر فيكون شاهدا على أن المراد من بيت الحمام الذي نفي البأس عن الصلاة فيه هو المسلخ والقدح في تفسيره باستناده إلى اجتهاده فلا يكون حجة على غيره مما لا ينبغي الالتفات إليه بعد كونه اعرف بمراده من بيت الحمام الذي سئل عن حكمه وبالقرائن المرشدة إليه ولكن يحتمل قويا كونه من كلام الصدوق لزعمه انه ليس بحمام كما صرح في عبارته المحكية عن الخصال فالأوفق بظواهر الأخبار وأنسب بما يقتضيه المسامحة هو التعميم كما هو مقتضاها اطراد الحكم ولو مع العلم بطهارة المكان الذي يصلى فيه إذ لم يعلم أن علة الكراهة هي مظنة النجاسة كي يكون الحكم دائرا مدارها فلعله لكون الحمام مأوى للشياطين كما أشار إليه في العبارة المتقدمة عن الفقيه أو كون مظنة النجاسة حكمة للحكم لا علة أو غير ذلك فما عن ظاهر بعض متأخري المتأخرين من دورانها مدارها ضعيف ولعل مستنده في ذلك دعوى استفادته من قوله عليه السلام في موثقة عمار وصحيحة على إذا كان الموضع نظيفا فلا بأس بحمل المنطوق على إرادة ما إذا لم يكن فيه مظنة النجاسة والمفهوم على مظنتها والله العالم وكذا تكره الصلاة في بيوت الغائط كما عن المشهور ولعل مستندهم قوله عليه السلام في خبر عبيد بن زرارة الأرض كلها مسجد الا بئر غائط أو مقبرة إذ الظاهر أن المراد ببئر غائط هو البيت المشتمل على حفرة معدة للتغوط اي بيت الخلا والا فنفس البئر بنفسها غير صالحة للصلاة كي يتوهم دخولها في العموم حتى يقصدها بالاستثناء وربما يؤيده النهي عن الصلاة في المزبلة والمجزرة وغيرهما من مظان النجاسة وعن الأرض المتخذة مبالا وعن الصلاة إلى حائط ينز من بالوعة أو إلى عذرة مضافا إلى كفاية فتوى المشهور في الكراهة بناء على المسامحة وفي مبارك الإبل وعن بعض الأصحاب بل المشهور التعبير بمعاطن الإبل كما في اخبار الباب وهو لغة على ما حكى عن جملة من اللغويين أخص من المبارك حيث فسروا المعاطن بمبارك الإبل حول الماء ولكن صرح غير واحد بأنه في عرف الفقهاء وأهل الشرع مطلق المبارك قال ابن إدريس رحمه الله في السرائر عند تعداد المكروهات ومعاطن الإبل وهي مباركها حول الماء للشرب هذا حقيقة المعطن عند أهل اللغة الا ان أهل الشرع لم يخصصوا ذلك بمبرك دون مبرك انتهى وعن المحقق الثاني في جامع المقاصد عن (هي؟) ان الفقهاء جعلوا المعاطن هي المبارك التي تأوي إليها الإبل انتهى والأصل في هذا الحكم اخبار مستفيضة منها مرسلة عبد الله بن الفضل المتقدمة وصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في أعطان الإبل فقال إن تخوفت الضيعة على متاعك فاكنسه وانضحه وصل ولا بأس بالصلاة في مرابض الغنم وصحيحة علي بن جعفر المروية في كتابه عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الصلاة في معاطن الإبل قال لا تصلح الا ان تخاف على متاعك ضيعة فاكنسه ثم انضح بالماء ثم صل وسئلته عن مرابض الغنم تصلح الصلاة فيها قال نعم لا بأس وموثقة سماعة قال سئلته عن الصلاة في أعطان الإبل وفي مرابض الغنم والبقر فقال إذا نضحته بالماء وقد كان يابسا فلا بأس بالصلاة فيها فاما مرابض الخيل والبغال فلا وصحيحة الحلبي انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في مرابض الغنم فقال صل فيها ولا تصل في أعطان الإبل الا ان تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء وصل فيه وخبر المعلى بن خنيس المروي عن محاسن البرقي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في معاطن الإبل فكرهه ثم قال إن خفت على متاعك شيئا فرش بقليل ماء وصل و ربما يستشعر من الاخبار المقيدة لها بعدم تخوف الضياع ان المراد بالمعاطن مطلق المبارك كما فهمه الأصحاب على ما حكى عنهم وربما يؤيده أيضا المروي عن الفقيه في جملة المناهي انه نهى ان يصلي الرجل في المقابر والطرق والأرحية والأودية ومرابط الإبل فان المرابط بحسب الظاهر تعم المبارك مطلقا ويؤيده أيضا التعليل الواقع في الخبر المروي عن دعائم الاسلام عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى عن الصلاة في أعطان الإبل لأنها خلقت من الشياطين والنبوي العامي قال إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فأخرجوا منها وصلوا فإنها هي جن من جن خلقت الا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها هذا كله مع أنه حكى عن بعض اللغويين تفسير المعاطن بالمعنى الأعم فلا ينبغي الاستشكال في الكراهة في مطلق مواطنها مع أنه يكفي في ذلك فتوى الأصحاب على ما نسب إليهم من باب التسامح وكيف كان فما حكى عن المفيد والحلبي من القول بالمنع ضعيف الا ان يكون مقصودهما به الكراهة لأن في الاخبار قرائن كثيرة تشهد بإرادتها كالتعبير بلفظ لا تصلح والكراهة والرخصة فيه عند الخوف على المتاع من غير أن يأمره بنقل متاعه إلى مكان اخر مع الامكان كما هو الغالب وتعليل المنع في النبويين بما يناسب الكراهة ونفي البأس عنه وعن مرابض الغنم والبقر في موثقة سماعة مطلقا إذا نضحه بالماء وكان يابسا بخلاف مرابض الخيل والبغال التي ستسمع ان النهي عنها أيضا على سبيل الكراهة لدى المشهور فتكون حينئذ نصا في المدعى هذا مع أن تقييد هذه الموثقة ما إذا كان له هناك متاع وخاف عليه التلف جمعا بينها وبين الأخبار المتقدمة مع عدم اعتبار هذا القيد في مرابض الغنم والبقر التي شاركت المعاطن في الحكم بمقتضى ظاهر الموثقة ليس بأولى من حمل النهي في تلك الأخبار على الكراهة كما لا يخفى وكذا تكره في مساكن النمل المعبر عنها في مرسلة عبد الله بن الفضل المتقدمة بقرى النمل وهو جمع قرية وهي مجمع ترابها كما عن القاموس وغيره وعن غير واحد من اللغويين تفسير قرى النمل بمأواها ولعل الاختلاف في التعبير ويدل عليه أيضا خبر عبد الله بن عطا المروي عن الكافي وعن كتاب المحاسن قال ركبت مع أبي جعفر عليه السلام وسار وسرت حتى إذا بلغنا موضعا قلت الصلاة جعلني الله فداك قال هذه ارض وادى النمل لا يصلي فيها حتى إذا بلغنا موضعا اخر قلت له مثل ذلك فقال هذه ارض مالحة لا يصلي
(١٨٦)