حتى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شئ وليس له ان يدعه متعمدا والمتبادر من قوله عليه السلام قبل ان يضع يده الخ إرادة وضع اليدين على الركبتين على النحو المتعارف المعهود في الصلاة وهو لا ينفك غالبا عن بلوغ الراحتين فتدل الرواية بالالتزام على عدم تحقق الركوع ما لم ينحن بهذا المقدار فالقول باعتباره كما لعله المشهور أقوى ثم إن مقتضى قاعدة المشاركة المعتضدة باطلاق كلمات كثير من الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية بل قضية جعلهم الحد الذي ذكروه حد المهية الركوع من حيث هي في لفرق بين ركوع الرجل والمرأة في توقفه على الانحناء بالقدر المذكور كما عن بعضهم التصريح بذلك خلافا لصريح غير واحد من المتأخرين من أنه لا يعتبر في ركوعها هذا المقدار من الانحناء بل أقل من ذلك لصحيحة زرارة المروية عن الكافي قال إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرج بينهما وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها فإذا جلست فعلى إليها ليس كما يقعد الرجل وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالأرض فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض وإذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا والمناقشة فها بأنها مقطوعة فيحتمل كونها من كلام زرارة مما لا ينبغي الالتفات إليها فان صدور مثل هذه الأحكام لا يكون من مثل زرارة الا حكاية عنهم عليهم السلام مع أنه قد يستظهر من الكافي انه مروري عن أبي جعفر عليه السلام فإنه على ما حكى عنه روى قبل ذلك حديثا مشتملا على افعال الصلاة الواجبة والمستحبة بأسانيد متعددة عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ثم قال وبهذه الأسانيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال إذا قامت المرأة الخ فان ضمير قال بحسب الظاهر يرجع إلى أبي جعفر مع أنه رواها في الوسائل عن العلل مسندة إلى أبي جعفر عليه السلام فلا شبهة في جواز التعويل عليها ولكن قد يناقش في دلالتها على المدعى بأنه لا منافاة بين استحباب وضع اليدين فوق الركبتين وكون الانحناء فيها مساويا لانحناء الرجل لا انها لا تطأطأ كثيرا بان تضع يديها على ركبتيها وتردهما إلى خلف كما أنه يستحب للرجل لئلا يرتفع عجيزتها وفيه ان ظاهر قوله عليه السلام وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا انها انما أمرت بوضع يديها على فخذيها دون ركبتيها لأن يكون تطاطؤها أقل من التطاطؤ الذي يتوقف عليه وضع يديها على ركبتيها فيستفاد منها ان الراجح في حقها الاقتصار في تطأطؤها على القدر الذي يتوقف عليه هذا الفعل لا أزيد من ذلك فالقول بان الانحناء المعتبر في حقها أقل مما هو معتبر في حق الرجال أوفق بظاهر النص الا ان الاحتياط مما لا ينبغي تركه والله العالم تنبيه حكى عن غير واحد دعوى الاجماع على عدم وجوب وضع اليدين على الركبتين حال الركوع فان تحقق الاجماع عليه فهو والا فربما يستشكل في ذلك نظرا إلى تعلق الامر به في جملة من الروايات المتقدمة وظاهره الوجوب اللهم الا ان يقال إن عمدة ما يظهر منه الوجوب قوله صلى الله عليه وآله في النبوي المرسل ضع كفيك على ركبتيك وهذا مما لا تعويل عليه من حيث سنده واما ما عداه من الروايات فهي قاصرة عن إفادة الوجوب اما الاخبار الحاكية لفعلهم فواضح واما غيرها مما ورد فيه الامر بتمكين الكفين أو الراحتين من الركبتين فسوقه يشهد بإرادة الاستحباب نعم ربما يستشعر من قوله عليه السلام في ذيل خبري زرارة فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك الخ ان وضع اليدين في الجملة مما لابد منه وكون الامر بتمكين الكفين أو الراحتين من باب انه أفضل افراد الواجب ولكنك عرفت فيما سبق قوه احتمال كون هذه الفقرة مسوقة لبيان حد الركوع لا بيان كون وصول أطراف الأصابع أقل ما يجزي من تمكين الكفين المأمور به في صدر الحديث بل لا يبعد دعوى ظهورها في ذلك فتكون حينئذ أجنبية عن المدعى فليتأمل فان كانت يداه في الطول بحيث تبلغ ركبتيه من غير انحناء أو في القصر بحيث لا تبلغهما الا بغاية الانحناء أو مقطوعتين أو كانت ركبتاه مرتفعتين أو منخفضتين أو نحو ذلك انحنى كما ينحني مستوى الخلقة على حسب النسبة بمعنى انه ينحني بمقدار لو كانت أعضائه متناسبة لتمكن من وضع يديه على ركبتيه إذ التحديدات الشرعية الواردة في نظائر المقام منزلة على الافراد المتعارفة فيفهم حكم الافراد الغير المتعارفة منها بتنقيح المناط كما في تحديد الوجه في باب الوضوء ونظائره وإذا لم يتمكن من تمام الانحناء لعارض اتى بما تمكن منه بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن المعتبر دعوى الاجماع عليه لعموم قوله عليه السلام الميسور لا يسقط بالمعسور وما يقال من أن الاستدلال بهذه القاعدة لا يتم الا على تقدير كون الركوع مجموع الانحناء أو كون الانحناء واجبا في الصلاة ووصوله إلى حد الركوع واجبا اخر والكل يمكن منعه إذ الذي يقوى في النظر انه مقدمة لتحصيل الركوع كهوى السجود مدفوع بما بيناه مرارا من أن كونه كذلك شرط في جواز التمسك بقوله عليه السلام إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم بناء على كون كلمة من للتبعيض كما هو الظاهر وكذا بقوله ما لا يدرك كله لا يترك كله واما قاعدة الميسور فالمدار في جريانها على كون الشئ ذا مراتب بنظر العرف بحيث يعد المأتى به لدى العرف نحوا من انحاء وجودات تلك الطبيعة التي تعلق بها الطلب ولو بنحو من المسامحة العرفية فما نحن فيه من اظهر مجاريها بل الظاهر كون الانحناء الغير البالغ إلى الحد المعتبر شرعا مصداقا حقيقيا للركوع العرفي من غير مسامحة خصوصا بالنسبة إلى غير القادر من زيادة الانحناء فيمكن ان يستدل له أيضا باطلاقات أدلة الركوع مقتصرا في تقييدها بمرتبة خاصة من زيادة الانحناء إلى أن يبلغ يداه ركبتيه بالنسبة إلى القادر لا مطلقا ودعوى ان الركوع شرعا اسم للانحناء المخصوص فلا يعم اطلاقه مثل الفرض محل نظر بل منع كما تقدمت الإشارة إليه انفا ولكن مقتضى هذا الدليل الاكتفاء بمسماه عند تعذر المرتبة الحاصة الا ان يتمسك لتقييد اطلاقه بقاعدة الميسور فليتأمل هذا مع أن دعوى كون هوى الركوع كهوى السجود مقدمة لتحصيله عرية عن الشاهد بل قضية تفسير الركوع بفعل الانحناء الظاهر في ارادته بمعناه الحدثي لا الهيئة الحاصلة منه القائمة بالشخص أو المرتبة الخاصة من الانحناء اتي ينتهي عندها الهوى كونه من حين التلبس بفعل الانحناء اخذا في الركوع إلى أن يتحقق الفراغ منه الا ان صدق عنوانه عليه مراعى عرفا بحصول مقدار معتد به من الانحناء وشرعا بلوغه إلى حد خاص وقياسه على هوى السجود الذي حقيقته وضع الجبهة على الأرض قياس مع الفارق ودعوى ان المتبادر من الامر بالركوع هو الامر بايجاد هذه الهيئة من حيث هي ممنوعة بل المتبادر منه الامر بان ينحني إلى الحد المعتبر شرعا واما
(٣٢٧)