مما عرفت نعم لا يبعد دعوى انصرافها عن المحمول وان لا يخلو هذا أيضا عن تأمل اللهم الا ان يكون المحمول في كيس ونحوه فإنه لا ينبغي حينئذ التأمل في خروجه عن منصرف الرواية والله العالم الثاني صرح غير واحد بخروج الانسان عن موضوع هذا الحكم فلا باس بالصلاة في فضلاته الطاهرة وهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه من غير فرق بين فضلات نفسه وغيره لاستقرار السيرة على في لتحرز منها مع أن المنساق من الشئ الذي جعل مقسما في الموثقة ونحوها للمأكول وغير المأكول هو الحيوان الذي ينصرف اطلاقه عن الانسان (فإنه وان صدق على الانسان) لغة انه حيوان غير مأكول اللحم ولكن لا يطلق عليه ذلك عرفا مضافا إلى شهادة بعض الأخبار عليه ففي الصحيح عن ابن الريان قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام هل يجوز الصلاة في في ثبوت يكون فيه شعر من شعر الانسان وأظفاره من قبل ان ينفضه ويلقيه عنه فوقع يجوز وصححه الاخر قال سئلت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره ثم يقوم إلى الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه فقال لا باس وخبر الحسين بن علوان عن الصادق عن أبيه عليهما السلام المروي عن قرب الإسناد قال سئل عن البزاق يصيب الثوب قال لا باس به ومقتضى ترك الاستفصال في الرواية الأولى والأخيرة عدم الفرق بين كونه منه أو من غيره ويشهد له أيضا بعض الأخبار الدالة على جواز حمل المرضعة ولدها وارضاعها في الصلاة كخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد انه سئل أخاه موسى عليه السلام عن المرأة تكون في صلاة الفريضة وولدها إلى جنبها يبكي هل يصلح لها ان تتناوله فتقعده في حجرها وتسكنه وترضعه قال لا باس وخبر عمار عن الصادق عليه السلام لا باس ان تحمل المرأة صبيها وهي تصلي وترضعه فان حمل الصبي وارضاعه واسكانه لا ينفك عادة عن إصابة لعابه إلى ثدي المرضعة ودمعه إلى ثيابها عند بكائه ويؤيده أيضا خبر الإسكافي قال إن أبا جعفر عليه السلام سئل عن القرامل التي تضعها النساء في رؤسهن يصلنه بشعورهن قال لا باس بالمرأة ما تزينت به لزوجها وعن مكارم الأخلاق عن زرارة عن الصادق عليه السلام قال سئله أبي وانا حاضر عن الرجل يسقط سنة فيأخذ سن انسان ميت فيجعله مكانه قال لا باس فان اطلاق الروايتين واردا مورد حكم اخر الا ان اطلاق نفي الباس مع غلبة وقوع الصلاة في السن والشعر المفروضين في الروايتين لو لم يدل على المطلوب فلا أقل من كونه من المؤيدات كما أن الخدشة في الأخير بان غاية الأمر دلالته على جواز الصلاة إذا كان في الباطن وهذا مما لا كلام فيه غير قادحة في مقام التأييد وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في خروج الانسان عن منصرف اخبار المنع فلا ينبغي الاستشكال فيه حتى في مثل الثوب المنسوج من شعره فضلا عن شعرائه الملقاة على الثوب ونحوها قضت السيرة بعدم التجنب عنه الثالث مقتضى عموم الموثقة المعتضدة باطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية في لفرق في غير المأكول الذي نهى عن الصلاة فيه بين ذي النفس وغيره ودعوى اطلاق انصراف كلمات الأصحاب إلى ذي النفس وان هذا هو المراد من العموم في الموثقة بقرينة قوله عليه السلام في ذيلها ذكاة الذبح أولم يذكه المشعر بكون ما هو المفروض موضوعا للحكم ما كان قابلا للتذكية وغير ذي النفس ليس كذلك مدفوعة بمنع انصراف الاطلاق خصوصا بالنسبة إلى بعض اقسام غير ذي النفس مما كانت جثته عظيمة ولحمه كثير كالجري والحية وأشباههما فان دعوى انصراف الاطلاق عن مثل ذلك وشموله لمطلق ذي النفس مجازفة وانما ادعينا مثل هذه الدعوى في الأخبار المانعة عن الصلاة في جلد الميتة لبعض القرائن المقتضية لصرفها إلى إرادة ذي النفس مما تقدمت الإشارة إليه وهذا بخلاف المقام فإنه لا قرينة مقتضية لذلك بل الامر بالعكس كما لا يخفى على المتأمل واما الموثقة فهي كما تراها قوية الدلالة على العموم لوقوعها في مقام اعطاء الضابط وبيان مناط الحكم مع ما فيها من التعبير بالعموم مكررا بعبائر المختلفة فيشكل ارتكاب التخصيص فيها الا بنص صريح وما في ذيلها لا يصلح شاهدا لذلك لان غايته الاشعار بان ما فرض موضوعا للقضية ليس الا ما قابل التذكية وهذه مما لا يلتفت إليه في مقابل ما عرفت بل لمانع ان يمنع اشعاره بذلك فان قوله عليه السلام ذكاه الذبح أو لم يذكه كلام ذكر استطراد البيان عدم مدخلية التذكية في ذلك وإناطة المنع بكون الحيوان في حد ذاته محرم الاكل فالفقرة المذكورة على خلاف المطلوب أدل حيث يفهم منه إناطة الحكم بعنوان كونه غير المأكول لا غير مذكى نعم لا يبعد ان يقال إنه لا ينسبق إلى الذهن من قوله عليه السلام الصلاة في وبر كل شئ حرام اكله الخ الا إرادة هذا الصنف من الحيوان الذي له وبر وشعر وروث والبان الا مطلقة وهو أخص من ذي النفس أيضا ولكن يتوجه عليه ما أشرنا إليه من أن المتأمل في الرواية لا يكاد يشك في كونها مسوقة لبيان إناطة الحكم بكونه مأكول اللحم وغير مأكول اللحم فالأشياء المذكورة فيها جارية مجرى التمثيل هذا ولكن الانصاف ان استفادة المنع عن مثل الحشرات والطيور من هذه الموثقة لا تخلو عن تأمل الا بضميمة في لقول بالفصل وتمامية في غير ذي النفس محل نظر فالقول بالجواز كما يظهر من بعض المتأخرين قوي ولكن المنع مطلقا ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط هذا كله فيما له لحم يعتد به بنظر العرف كالجري وأشباهه واما ما لا لحم له عرفا كالبق والبرغوث والقمل والزنبور والخنافس وأشباهها فلا ينبغي التأمل في انصراف الأدلة عنه ولذا لا يتوهم أحد من العوام المنع عن الصلاة في الثوب المخيط بالإبريسم بل ولا في الحرير المخص بلحاظ كونه من فضلات غير المأكول ولا فيما اصابه شئ من العسل أو شمعه مع معهودية اتخاذ هذه الأشياء من غير المأكول و مغروسية المنع عن الصلاة في غير مأكول اللحم في أذهانهم فما عن بعض من الاستشكال في الشمع ونحوه مما ليس فيه سيرة قطعية نظرا إلى عموم أدلة المنع ضعيف لا يقال من الموثقة المزبورة التي هي العمدة في الباب خالية عن ذكر اللحم وانما وقع فيها تعليق المنع على كون الشئ محرم الاكل وهو يصدق عرفا على كل حيوان لا يجوز اكله ولو مثل البق والبرغوث وان لم يطلق عليه اسم غير مأكول اللحم لأنا نقول أولا ان المتبادر من الموثقة أيضا بعد الغض عن المناقشة المتقدمة ليس الا إرادة الحيوانات التي لا يؤكل لحمها كما يفصح عن ذلك مقابلة غير المأكول في الموثقة بقوله عليه السلام وان كان مما يؤكل لحمه الخ منع وقوع التعبير عنه فيما قبل هذه الفقرة بما حل الله اكله وثانيا ان الالتزام بعموم الموثقة لكل حيوان وخروج مثل البق والبرغوث والقمل مثلا لأجل السيرة أو دليل نفي الحرج أو؟
كما في الحرير مثلا ليس بأولى من جعلها كاشفة عن أن المراد بالشئ الذي جعل مقسما هو الحيوان القابل للاتصاف بحلية اللحم وحرمته فليتأمل وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أنه لا يستفاد من الموثقة فضلا عن غيرها شمول المنع لمثل هذه الحيوانات فمقتضى الأصول جواز التلبس بها هذا مع استقرار السيرة على في لتحرز عن فضلات