الأخرى المروية أيضا عن أبي جعفر عليه السلام اختصاص جملة من الآداب التي تضمنتها الاخبار المزبورة بالرجال دون النساء قال إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرج بينهما وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها فإذا ركعت وضعت يديها (فوق ركبتيها) على فخذيها لئلا تتطأطأ كثيرا فترتفع عجزتها فإذا جلست فعلى أليتيها ليس كما يعقد الرجل وإذا سقطت للسجود بدئت بالقعود بالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالأرض فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض وإذا نهضت انسلت انسلالا لا يرفع عجيزتها أولا وللقاعد شيئان أحدهما ان يتربع المصلي قاعدا في حال قرائته وثانيهما ان يثني رجليه في حال ركوعه في المدارك هذا قول علمائنا وأكثر العامة ويدل عليه صحيحة حمران بن أعين عن أحدهما عليهما السلام قال كان أبي عليه السلام إذا صلى جالسا يربع وإذا ركع ثنى رجليه قال في المنتهى وليس هذا على الوجوب بالاجماع ولما رواه ابن بابويه عن معاوية بن ميسره انه سئل أبا عبد الله عليه السلام يصلي الرجل وهو جالس متربع ومبسوط الرجلين فقال لا بأس بذلك وروى أيضا عن الصادق عليه السلام أنه قال في الصادق عليه السلام أنه قال في الصلاة في المحمل صل متربعا وممدود الرجلين وكيف ما أمكنك انتهى وروى مرسلا ان النبي صلى الله عليه وآله لما صلى جالسا تربع والمراد بالتربع في هذا المقام على ما فسره بعض بل في الجواهر لا اعرف خلافا فيه هو ان يجلس على إليه وينصب ساقيه وفخذيه ولكن قد يشكل ذلك بأنه مما لا يتباعد عليه كلام حامل اللغة فإنهم فسروا الجلوس متربعا بغير هذه الكيفية ففي مجمع البحرين تربع في جلوسه وجلس متربعا هو ان يقعد على وركيه ويمد ركبته اليمنى إلى جانب يمينه وقدمه إلى جانب يساره واليسرى بالعكس قاله في المجمع انتهى فكان الأصحاب فهموا إرادة المعنى الأول منه في المقام من قرائن خارجية كما يؤيده انه بهذا يحصل التوفيق بالجمع بين المرسل المزبور وبين ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يجلس ثلاثا القرفصاء وعلى ركبتيه وكان يثني رجلا واحدة ويبسط عليها الأخرى ولم ير صلى الله عليه وآله متربعا قط والمراد بثني الرجلين على ما في الجواهر وغيره فرشهما واضعا للفخذ على الساق وقيل يتورك في حال تشهده في المدارك القول للشيخ رحمه الله تعالى في المبسوط وجماعة وربما ظهر من حكاية المصنف رحمه الله له بلفظ قيل التوقف في هذا الحكم ولا وجه له لثبوت استحباب التورك في مطلق التشهد انتهى وما ذكره جيد وكذلك الحال بالنسبة إلى ما بين السجدتين والخبر المزبور لا يصلح مقيدا لاطلاق ما دل على استحباب التورك في الحالين إذ لا ظهور له الا في إرادة التربع في الجلوس الذي اتى به في صلاته بدلا عن القيام والله العالم الرابع من افعال الصلاة القراءة وهي واجبة في الصلاة بلا شبهة بل ولا خلاف فيه في الجملة ويتعين بالحمد في كل ثنائية وأحادية كركعة الاحتياط والوتر وفي الأوليين من كل رباعية وثلاثية كما هو المعروف لدى المتشرعة على حسب ما عرفوه من صاحب الشرع قولا وفعلا عند بيان مهية الصلاة التي هي عبادة توقيفية في ضمن الاخبار البيانية وغيرها وربما يشهد له أيضا بعض الأخبار المتضمنة لبيان حكمه افعال الصلاة ووجه اعتبار الفاتحة فيها مثل ما رواه الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام أنه قال انما امر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا وليكون محفوظا مدروسا فلا يضمحل ولا يجهل وانما أمروا بالحمد في كل قراءة دون سائر السور لأنه ليس شئ من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد وذلك أن قوله عز وجل الحمد لله انما هو أداء لما أوجب الله عز وجل على خلقه من الشكر الحديث قال وقال الرضا عليه السلام انما جعل القراءة في الركعتين الأولتين والتسبيع في الأخيرتين للفرق بين ما فرضه الله من عنده وبين ما فرضه رسول الله صلى الله عليه وآله فيفهم من الخبر الأخير اعتبار القراءة في الأوليين ومن الأول تعين الفاتحة في كل قراءة فيتم بهما المطلوب ويدل عليه أيضا بعض الأخبار الآتية الدالة على عدم جواز الاخلال بها عمدا وانه يجب تداركها مع الاخلال لدى الامكان إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي سيمر عليك في طي المباحث الآتية مما يظهر منها كون اعتبار الفاتحة في الصلاة من الأمور المسلمة المفروغ عنها واجمال بعض الأدلة من حيث تعيين موضع الفاتحة كما في النبوي المرسل لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته قال لا صلاة له الا ان يقرء بها في جهر أو اخفات غير قادح في الاستدلال لكونها منزلة على إرادة قرائتها في موضعها المعهود في الشريعة على حسب معهوديتها فيه من الصدر الأول لا كيفما اتفقت فليتأمل وكيف كان فقضية اطلاق الخبرين اختلال الصلاة بتركها مطلقا حتى مع النسيان ولكن يجب تقييدهما بالعمد بشهادة ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عمن ترك قراءة القرآن ما حاله قال إن كان متعمدا فلا صلاة له وان كان نسي فلا بأس وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور (والوقت) والقبلة والركوع والسجود ثم قال القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال إن الله عز وجل فرض الركوع والسجود والقراءة سنة فمن ترك متعمدا أعاد الصلاة ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته إلى غير ذلك من النصوص المستفيضة الآتية في محلها الدالة على عدم بطلان الصلاة بنسيان القراءة فالقول بركنيتها كما حكاه الشيخ في محكى مبسوطه عن بعض أصحابنا وعن التنقيح نسبة إلى أبي حمزة ضعيف في الغاية ولا فرق فيما ذكر من وجوب الفاتحة عينا في كل كل صلاة وبطلانها بتركها بين الفريضة والنافلة كما هو المشهور لاطلاق أكثر ما تقدم مضافا إلى ما قررناه مرارا من أن مقتضى القاعدة مشاركة النافلة للفريضة فيما يعتبر فيها شرطا أو شطرا الا ان يدل دليل على خلافه ويشعر به أيضا خبر إسماعيل بن جابر أو عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني أقوم اخر الليل وأخاف الصبح قال اقرأ الحمد واعجل (واعجل) فإنه مشعر بعدم شرعية النافلة بلا فاتحة والا لكان المناسب للاستعجال الرخصة في تركها ويؤيده أيضا ما روى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله تنفلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين فإنهما تورثان دار الكرامة قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما ساعة الغفلة قال ما بين المغرب والعشاء وقيل يا رسول الله وما معنى خفيفتين قال يقرء فيهما الحمد وحدها فما عن العلامة
(٢٧٢)