بعد ما صلى قال فليقضها ولا شئ عليه وعن الشيخ انه أجاب عن هذه الأخبار اما عما عدى الأخيرة فبالحمل على من لا يتيقن الترك ولا بأس به في مقام التوجيه كما تقدمت الإشارة إليه فما في خبر أبي بصير من الامر بالتكبير ان ذكرها وهو قائم يحمل على الاستحباب الا ان ضعف الخبر وتشابهه مانع عن اثباته واما عن الأخيرة فبان قوله عليه السلام فليقضها يعني الصلاة فكأنه رحمه الله حمل قوله عليه السلام كبرها في قيامه في موضع التكبيرة الخ على إرادة استيناف الصلاة والاتيان بالتكبيرة قائما في موضعها وكيف كان فهذا التوجيه لا يخلو عن بعد وابعد منه ما في الوسائل وغيره من حمله على غير تكبيرة الافتتاح والقضاء على الاستحباب وقد حمل صاحب الحدائق جميع هذه الأخبار على التقية بناء على ما أصله في مقدمات كتابه من أنه لا يشترط في ذلك موافقة العامة مع أنه حكى عن بعضهم بعض الأقوال الموافقة لبعض هذه الروايات فهذا الحمل أيضا لا يخلو عن وجه وان كان الأوجه رد علمها إلى أهله بعد وضوح عدم صلاحيتها بعد اعراض الأصحاب عن ظاهرها لمعارضة الروايات المتقدمة المعتضدة بعمل الطائفة الموافقة للأصول والقواعد وأجاب كاشف اللثام عن صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي المتقدمة بأنه يحتمل احتمالا ظاهرا انه اي الرجل الذي نسي تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع إذا كان متذكرا الفعل الصلاة عنده اجزئه يعني تكبير الركوع عن تكبيرة الافتتاح فليقرء بعده ان لم يكن مأموما ثم ليكبر مرة أخرى للركوع وليركع إذ ليس عليه ان ينوي بالتكبير انه تكبير الافتتاح كما في التذكرة والذكرى ونهاية الاحكام للأصل انتهى وفيه انه مع بعده في حد ذاته في غاية الاشكال إذ الظاهر أن التكبيرات الواردة في الصلاة من قبيل التكاليف المسببة عن الأسباب المختلفة التي يعتبر تعيينها بالقصد في مقام الإطاعة ولو على سبيل الاجمال الذي لا ينافيه الالتزام بكفاية الداعي أو الاستدامة الحكمية الحاصلة عند فعل الصلاة ولا أقل من الاحتمال خصوصا في تكبيرة الافتتاح التي هي بحسب الظاهر على ما هو المغروس في أذهان المتشرعة كما هو ظاهر الفتاوي مغايرتها بالنوع لسائر التكبيرات وقد عرفت فيما سبق ان مقتضى القاعدة في مثل الفرض وجوب قصد التعيين المقتضى لعدم جواز نقل النية من بعضها إلى بعض لا البراءة فالأظهر عدم كفاية التكبير المأتى به للركوع أو لغيره عما عداه مطلقا فضلا عن تكبيرة الافتتاح المبائنة لما عداها في الآثار والله العالم وصورتها ان يقول الله أكبر عند علمائنا كما عن المعتبر والمنتهى فإنه هو المتعارف من التكبير المنقول من صاحب الشرع واتباعه فعن الصدوق مرسلا قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله أتم الناس صلاة وأوجزهم كان إذا دخل في صلاته قال الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم فيجب متابعته في ذلك الا ان يدل دليل على عدم وجوبه عينا لا لعمومات التأسي إذ لا يتعين بها وجه الفعل بل لخصوص قوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي ولا يتطرق الخدشة في الاستدلال به في مثل هذه الأفعال المعلوم عدم جريها مجرى العادة وكونها من افعال الصلاة والا لم يمكن التمسكن به في شئ من موارده نعم لا يصلح مثل هذا الدليل مقيدا لاطلاق الامر بالتكبير لو قلنا بظهوره في الأعم كما لا يخفى وجهه على المتأمل ولكن المطلقات الواردة في التكبير غير مسوقة لبيان الاطلاق من هذه الجهة بل هي واردة مورد حكم اخر كما لا يخفى على من تأمل فيها هذا مع أن اطلاق التكبير في كلمات الشارع والمتشرعة ينصرف إلى المتعارف المعهود ويؤيده أيضا ما عن المنتهى والغنية وغيرهما من الاجماع على أن الله تعالى لا يقبل صلاة امرء حتى يضع الظهور مواضعه ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر وربما يستدل له أيضا بتوقيفية العبادة ولم يثبت جوازها بغير هذه الصورة وفيه نظر يظهر وجهه مما حققناه في الأصول وأشرنا إليه مرارا في مطاوي كلماتنا السابقة من أن المرجع لدى الشك في شرطية شئ للعبادة أو جزئيته هي البراءة لا الاشتغال وان كان قد يتأمل فيه في مثل المقام الذي يدور الامر فيه بين التعيين والتخيير فليتأمل وكيف كان فلا مجال للارتياب بعد وضوح معروفية هذه الصورة بالخصوص في تكبيرة الاحرام بل وكذا في سائر التكبيرات بحيث كاد ان يكون انحصارها فيها من الضروريات واستفاضة نقل الاجماع عليه في أنه لا تنعقد الصلاة بمعناها سواء أدى بلغة عربية غيرها وان رادفتها أو فارسية أو غيرهما ولو أخل بحرف منها لم تنعقد صلاته إذا كان لحنا بلا شبهة واما نحو همزة الوصل في لفظ الجلالة عند الوصل بلفظ النية مثلا أو بالأدعية الموظفة أو بالتكبيرات المندوبة أو نحو ذلك فكذلك على ما صرح به غير واحد بل عن بعض نفي الخلاف فيه فيجب الوقف على الكلام السابق مقدمة للافتتاح بالتكبير على النحو المعهود في الشريعة اي باثبات الهمزة على وجه لا يخالف قانون اللغة كما صرح به في المدارك حيث قال بعد ان ادعى ان المنقول من صاحب الشرع قطعها حيث إنها في ابتداء الكلام فان النية امر قلبي ما لفظه ومن هنا ينقدح تحريم التلفظ بها اي بالنية مع الدرح لاستلزامه اما مخالفة أهل اللغة أو مخالفة الشارع ولكن قد يقال بجواز ترك الوقف على الكلام السابق وهو لا ينافي وجوب قطع الهمزة لأن التلفظ بها كلام لغو معترض لا يعد معه الكلمة المتأخرة وسطا حتى يسقط همزتها قال الشهيد على ما حكى عنه ان التكبير الوارد من صاحب الشرع انما كان بقطع الهمزة ولا يلزم من كونها همزة وصل سقوطها إذ سقوط همزة الوصل من خواص الدرج بكلام متصل ولا كلام قبل تكبيرة الاحرام فلو تكلفه فقد تكلف ما لا يحتاج إليه يعني ما ليس من اجزاء عمله فلا يخرج اللفظ عن أصله المعهود شرعا انتهى أقول قد تقدم توجيه هذا الكلام في مبحث الإقامة عند التكلم في جواز قطع الهمزة مع الدرج ولكن غاية ما أمكننا ادعائه انما هو جواز اثبات الهمزة في مثل المقام وعدم كونه لحنا الا عدم جواز اسقاطها فلا شبهة ان اسقاطها مع الدرج ولو بكلام لغو مهمل لا يجعله لحنا فالشأن في المقام انما هو في اثبات وجوب قطع الهمزة من لفظ الجلالة وعدم كفاية الاتيان به على الوجه الصحيح المعتبر عند أهل اللسان ومن الواضح ان الأدلة المزبورة قاصرة عن اثبات ذلك ولذا لم يدع أحد وجوب الوقف أو الوصل في سائر المواضع من القراءة أو الأذكار لأجل التأسي وتوفيقية العبادة ومن هنا ذهب بعض متأخري الأصحاب على ما حكى عنه إلى القول باسقاط الهمزة إذا اقترن بلفظ النية ولكنه مع مخالفته لظاهر
(٢٤٢)