خير البرية فمما لا يعمل عليه في الأذان والإقامة فمن عمل به كان خطئا وعن المنتهى أنه قال ما روى من الشاذ من قول ان عليا عليه السلام ولي الله وآل محمد خير البرية فمما لا يعول عليه انتهى أقول ولولا رمي الشيخ والعلامة لهذه الاخبار بالشذوذ وادعاء الصدوق وضعها لأمكن الالتزام بكون ما تضمنته هذه المراسيل من الشهادة بالولاية والامارة وان محمدا وآله خير البرية من الأجزاء المستحبة للأذان والإقامة لقاعدة التسامح كما نفى عنه العبد المحدث المجلسي في محكى البحار تعويلا على هذه المراسيل وأيده بما في خبر القاسم بن معاوية المروي عن احتجاج الطبرسي عن أبي عبد الله عليه السلام إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل على أمير المؤمنين وغيره من العمومات الدالة عليه ولكن التعويل على قاعدة التسامح في مثل المقام الذي اخبر من نقل الينا الخبر الضعيف بوضعه أو شذوذه مشكل فالأولى ان يشهد لعلى عليه السلام بالولاية وإمرة المؤمنين بعد الشهادتين قاصدا به امتثال العمومات الدالة على استحبابه كالخبر المتقدم لا الجزئية من الأذان والإقامة كما أن الأولى والأحوط الصلاة على محمد وآله بعد الشهادة له بالرسالة فهذا القصد والله العالم الثانية حكى عن جملة من الأصحاب التصريح بان الأذان والإقامة يقصران مع العذر وفي السفر اي يجوز الاقتصار فيهما على كل فصل مرة ويشهد له صحيحة أبي عبيدة الحذاء قال رأيت أبا جعفر عليه السلام يكبر واحدة واحدة في الأذان فقلت له لم تكبر واحدة واحدة لا بأس به إذا كنت مستعجلا وخبر يزيد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال الأذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة الأذان واحدا واحدا والإقامة واحدة واحدة وخبر نعمان الرازي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول يجزيك من الإقامة طاق طاق في السفر وما في بعض الأخبار من اطلاق ان الإقامة مرة مرة اما مطلقا كصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال الأذان مثنى مثنى والإقامة واحدة واحدة أو فيما عدى التكبير كصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال الإقامة مرة مرة الا قول الله أكبر فإنه مرتان فيحتمل صدوره تقية ويحتمل كونه منزلا على صورة الاستعجال وكيف كان فلابد من رد علمه إلى أهله لعدم صلاحية مثل هذه الأخبار المعارضة غيرها من الأخبار الدالة على أنهما مثنى مثنى والله العالم والترتيب بنى الفصول شرط في صحة الأذان والإقامة بلا خلاف فيه على الظاهر لأن الآتي بهما على خلاف الترتيب لم يكن اتيا بهما على النحو الذي تعلق بهما التكليف فلا تصحان ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال من سهى في الأذان فقدم أو اخر أعاد على الأول الذي اخره حتى يمضي على اخره وما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا قال قال أبو جعفر عليه السلام تابع بين الوضوء إلى أن قال وكذلك الأذان والإقامة فابدأ بالأول فالأول فان قلت حي على الصلاة قبل الشهادتين تشهدت ثم قلت حي على الصلاة وكما يفسدان بمخالفة الترتيب كذلك يفسد ان يترك شئ من فصولهما من غير فرق بين العمد والسهو فان المركب ينتفي بانتفاء جزئه أو شرطه سواء كان عمدا أو سهوا اللهم الا ان يدل دليل تعبدي على في لاخلال به سهوا نظير ما عدى الأركان من اجزاء الصلاة كما ربما يظهر ذلك من موثقة عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام أو سمعته يقول إن نسي الرجل حرفا من الأذان حتى يأخذ في الإقامة فليمض في الإقامة وليس عليه شئ فان نسي حرفا من الإقامة عاد إلى الحرف الذي نسيه ثم يقول من ذلك الموضع إلى اخر الإقامة الحديث فان ظاهرها الاجتزاء بذلك الأذان وعدم الحاجة إلى تدارك المنسي فضلا عن الاتيان به مع ما بعده على وجه يحصل معه الترتيب ولكن قد يعارضها موثقة الأخرى قال سئل أبو عبد الله عن الرجل نسي من الأذان حرفا فذكره حين فرغ من الأذان والإقامة قال يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف إلى اخره ولا يعيد الأذان كله ولا الإقامة ومقتضى الجمع بينهما اما حمل الخبر الأول على كونه مسوقا لدفع توهم لزوم التدارك فأريد به بيان عدم كون الاهتمام به إلى حد يلزم رعايته بعد الاخذ في الإقامة لا ان ما صدر منه أذان صحيح ممضا شرعا أو حمل الخبر الثاني على الاستحباب والأول أوفق بالقواعد وكيف كان فالموثقة الثانية بظاهرها بل صريحها تدل على أنه ان نسي حرفا من الأذان يأتي بذلك الحرف مع ما بعد إلى اخر الأذان ولا يعيد الإقامة وهذا هو الذي يقتضيه الأصل لأن الإقامة وقعت صحيحة لأنها ليست مشروطة بان يبقها أذان ولذا يجوز الاكتفاء بها بلا أذان وتأثير الأذان اللاحق في بطلانها كي يكون صحتها مراعاة بان لا يلحقها أذان خلاف الأصل ولكن ادعى في الجواهر الاجماع بقسميه على اشتراط الترتيب بين الأذان والإقامة وانه لو نسي حرفا من الأذان يعيد من ذلك الحرف إلى الاخر واستدل عليه مضافا إلى ذلك بالأصل والتأسي وامكان دعوى القطع باستفادته من تصفح النصوص ثم قال فما في خبر الساباطي من الاقتصار على إعادة الأذان وحده دون الإقامة لابد من طرحه إلى أن قال فمن أقام عازما على الاقتصار عليها ثم بدا له بعد فراغها الاتيان بالأذان وجب عليه إعادة الإقامة أيضا ان كان أراد حوز الفضيلتين والا اقتصر على الأذان وكان كالمصلي به ابتداء بلا إقامة كما هو واضح انتهى أقول من الواضح انه كان حين الاتيان بالإقامة مكلفا بها ولم يكن فعلها مشروطا بان يسبقه الأذان قد اتى بها بداعي الامتثال فسقط التكليف بها القاعدة الاجزاء واشتراط الترتيب بينهما لو سلم حتى مع السهو أو العزم على ترك الأذان فهو لا يقتضي تخصيص القاعدة العقلية وانقلاب الإقامة عما وقعت عليه عن الصحة بل مقتضاه عدم مشروعية الأذان بعدها بفوات محله فلو دل دليل شرعي من نص أو اجماع أو أصل كاستصحاب بقاء التكليف بالأذان على جواز تداركه ما لم يدخل في الصلاة فمقتضاه اما انتفاء شرطية الترتيب في مثل الفرض وصحة وقوع الأذان بعد الإقامة أو استحباب إعادة الإقامة بعده مقدمة لتحصيل ادراك فضيلة الأذان ووقوعه في محله اي ما قبل الإقامة وتحصيل صفة كمال في الإقامة وهي ترتبها على الأذان فيكون اعادتها بعد الأذان كإعادة المنفرد صلاته جماعة لادراك فضيلة الجماعة وعلى اي تقدير فلا يعقل ان يؤثر الأذان اللاحق في بطلان الإقامة السابقة وانقلابها عما هي عليه من الصحة وجواز الاكتفاء بها اللهم الا ان يدل دليل شرعي تعبدي على اشتراط الإقامة بان لا يقع بعدها الأذان وهذا ما لا يفي باثباته الأدلة التي استظهروا منها شرطية الترتيب كما لا يخفى على المتأمل فكأنه قدس سره جعل ما نحن فيه كسائر المقامات التي يعتبر فيها الترتيب كاجزاء الأذان والإقامة والوضوء ونحوها أو كالظهرين ونحوهما مما لا يتنجز التكليف بالمتأخر الا بعد الفراغ من المتقدم فلو عكس الترتيب يقع المتأخر الذي قدمه باطلا دون المتقدم الذي اخره كما لا يخفى وجهه ومن الواضح ان ما هو مناط بطلان الذي قدمه في سائر المقامات وهو عدم تنجز التكليف به حين فعله منتف في المقام فالترتيب بين الأذان
(٢٢١)