يتمهما سواء كانتا الأوليين أو الأخريين واستدل لذلك بالنهي عن ابطال العمل ولان الصلاة على ما افتتحت عليه وفي المدارك بعد ان نقل عن الشهيد ما سمعت واستدل له بما عرفت قال وهو حسن وأحسن منه اتمام الأربع بالتلبس بشئ منها قبل ذهاب الشفق كما نقل عن ابن إدريس وأولى من الجميع الاتيان بالنافلة بعد المغرب متى أوقعها المكلف وعدم اعتبار شئ من ذلك انتهى أقول ما جعله أولى من عدم اعتبار شي من ذلك مبني على ما زعمه من أن النهي عن التطوع في وقت الفريضة يتوجه إلى غير الرواتب وقد عرفت ضعفه واما ما حكى عن ابن إدريس فلم يعرف وجهه نعم لو اعتبر التلبس بركعة في الوقت لأمكن دعوى استفادته مما ورد في من أدرك ركعة من الوقت من أنه بمنزله من أدرك الوقت كله فإنها وان ورد في الفريضة لكن لا يبعد دعوى ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوصية المورد وحيث إن نافلة المغرب مجموعها بمنزلة صلاة واحدة في أن لها وقتا واحدا أمكن دعوى استفادته من ذلك لكنها لا يخلو عن تأمل وان كان ربما يستأنس له بالموثقة المتقدمة في نافلة الظهرين فليتأمل واما الاستدلال لما حكى عن الشهيدين من اتمام ما شرع فيه بالنهي عن ابطال العمل ففيه ما ستعرف إن شاء الله من اختصاص حرمة القطع بالفريضة دون النافلة خصوصا في مثل الفرض الذي يعارض اطلاق دليل حرمة القطع بعد تسليمه اطلاق النهي عن التطوع في وقت الفريضة الذي مقتضاه حصول البطلان لا الابطال اللهم الا ان يحمل هذا النهي على الكراهة فلا ينافي حينئذ حرمة القطع واضعف من ذلك الاستدلال له بان الصلاة على ما افتتحت عليه إذ ليس معناه المضي فيما شرع فيه حتى مع اختلال شرائطه وحصول ما ينافيه كما هو واضح نعم لا يبعد دعوى انصراف الأخبار الناهية عن التطوع في وقت الفريضة عن مثل الفرض خصوصا لو أتمها مخففة فهذا القول لا يخلو عن قوة وان كان الأول أحوط بناء على حرمة التطوع في وقت الفريضة ولكنك ستعرف ضعف المبنى فالامر فيه سهل والله العالم والركعتان المسماتان بالوتيرة اللتان يؤتى بهما من جلوس بعد صلاة العشاء وان جاز فيهما القيام أيضا بل لعله أفضل كما عرفته في محله وقتهما يمتد من بعد العشاء بامتداد وقت الفريضة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن ظاهر المعتبر وصريح غيره دعوى الاجماع عليه واستدل له باطلاق الأدلة السالمة عن المعارض لكن قد يقال باعتبار البعدية العرفية لأنه المنساق من الأدلة فلا يجوز صلاة العشاء مثلا في أول الوقت وتأخير الوتيرة من غير اشتغال بنافلة إلى النصف مثلا أو إلى الطلوع بناء على امتداد الوقت إليه اما مطلقا أو لدى الضرورة أقول مقتضى هذا الدليل كون وقتها أطول من وقت الفريضة لأنها شرعت بعد الفريضة فمقتضي اطلاق دليلها جواز الاتيان بها بعد الفريضة مطلقا وان وقعت الفريضة في اخر وقتها اللهم الا ان يقال بامتداد وقت الفريضة إلى طلوع الفجر فعنده ينتهي وقت النافلة أيضا لحضور وقت فريضة أخرى فلا يكون وقتها حينئذ أطول من وقت الفريضة لكن بناء على ما هو المشهور من انتهاء وقت الفريضة عند انتصاف الليل يجب ان يتعدى عنه وقت الوتيرة بمقتضى هذا الدليل وهذا خلاف ظواهر كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعقد اجماعهم المحكى حيث إن المتبادر من قولهم يمتد وقتهما بامتداد وقت الفريضة إرادة تبعيتها له في الوقت وعدم كون وقتها أطول من وقت الفريضة وما قيل من اعتبار البعدية العرفية مع ما فيه من منع مستنده غير مجد في توجيه ما يظهر من كلماتهم من انتهاء وقتها بانتهاء وقت الفريضة فان مقتضاه انه لو صلى الفريضة في اخر وقتها ثم اشتغل بعده بالتعقيبات وغيرها من النوافل لا يخرج وقت الركعتين ما لم يخرج عن مسمى البعدية العرفية وهذا مع مخالفته لظواهر كلماتهم لا يخلو عن بعد فان المنساق من اخبارها كما في بعضها التنبيه عليه انما هو إرادة ايقاعها قبل المبيت كي ينام الرجل عن وتر وفي رواية أبي بصير المتقدمة في محلها الإشارة إلى أن حكمة تشريع الوتيرة قيامها مقام الوتر ان حدث بالانسان حدث الموت وان لم يحدث به حدث الموت صلى الوتر في اخر الليل ولذا لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي هاتين الركعتين لعلمه صلى الله عليه وآله بأنه لا يموت في هذه الليلة لمكان الوحي فلم يكن يخاف من فوت الوتر في وقتها حتى يأتي بالوتيرة بدلا عنها فيظهر من ذلك ان وقتها انما هو في زمان يخاف فيه من فوت الوتر في وقتها وهذا لا يكون الا قبل حضور وقت الوتر بمقدار معتد به فالذي ينبغي ان يقال هو ان المتبادر من اخبارها إرادة ايقاعها في النصف الأول من الليل فيما بين العشاء والمبيت الذي لا يتجاوز وقته المتعارف بين الناس بحسب الغالب عن نصف الليل كما يؤيده الوجه المذكور في الرواية حكمة لتشريعها ولكن الامر فيها سهل بعد مشروعية فعلها في خارج الوقت كغيرها من النوافل وعدم مزاحمتها لفريضة حاضرة حتى يطلع الفجر ولعله إلى ما أشرنا إليه من ظهور الأدلة في إرادة ايقاعها قبل المبيت أشار المصنف رحمه الله تبعا للمحكى عن الشيخين واتباعهما بقوله وينبغي ان يجعلهما خاتمة نوافله اي نوافله التي يريد ان يأتي بها قبل ان ينام كنوافل شهر رمضان وغيرها ليكون نومه عن وتر والا فالأولى ان يجعل خاتمتها الوتر بان يأتي بنافلة الليل في وقتها ثم الشفع ثم الوتر ولا يتركها أو يخالف الترتيب الموظف كما يشهد لذلك مضافا إلى اخبارها الدالة عليه ما روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال وليكن اخر صلاتك وتر ليلتك والمتبادر منها صلاة الوتر لا الوتيرة فهذه الرواية بحسب الظاهر مسوقة لبيان تأخر مرتبة الوتر عن نافلة الليل وركعتي الشفع وقد فسر في الحدائق الوتر في هذه الرواية بالوتيرة فجعلها دليلا لما سمعته عن الشيخين مع أنه لا مقتضى لصرف الرواية عن ظاهرها فكان الذي أوقعه في ذلك وضوح كون الوتر متأخرة في الرتبة عن نوافل الليل فلم يخطر بذهنه إرادة هذا المعنى وأنت خبير بان وضوح كونها كذلك انما نشاء من الأخبار الواردة فيها التي منها هذه الرواية فلا داعي لارتكاب التأويل فيها والله العالم ووقت صلاة الليل بعد انتصافه وكلما قرب من الفجر كان أفضل كما في المتن وغيره بل عن المعتبر والمنتهى دعوى اجماع علمائنا عليه ويدل على الحكم الأول جملة من الاخبار منها
(٤٧)