كما تقدمت الإشارة إليه مرارا والله العالم الثانية مقتضى الجمود على ظواهر الأدلة التعبدية انما هو استحباب رفع اليدين معا فلو رفع إحديهما أو رفعهما على سبيل التعاقب لا يجزي نعم لدى الضرورة أمكن القول باستحباب ما تيسر منه لقاعدة الميسور ونحوها والله العالم الثالثة المشهور بين أصحابنا رضوان الله عليهم في كيفية الرفع كما ادعاه غير واحد انه يبتدء في التكبير بابتداء رفع يديه وينتهى بانتهائه ويرسلهما بعد ذلك بل في محكى المعتبر والمنتهى هو قول علمائنا وعللوه بأنه هو رفع اليدين بالتكبير وناقش فيه في الحدائق بان الرفع بالتكبير وان كان لا يتحقق الا بهذا الا ان هذه العبارة غير موجودة في شئ من اخبار المسألة وانما هي في كلام الأصحاب ولا حجة فيه وارد عليه في الجواهر بان النص موجود ولكن دعوى ان هذا هو معناه لا يخلو من نظر أقول اما النص فهي رواية العلل المتقدمة حيث وقع فيها التعبير بلفظ رفع اليدين بالتكبير ولكن في بعض الكتب المصنفة وحدتها بنفسه في بدل الباء ولعله سهو من الناسخ وكيف كان فالمتبادر من الامر برفع اليد في التكبير أو بالتكبير أو عند كل تكبيرة أو إذا كبرت كما ورد جميع ذلك في النصوص المتقدمة انما هو إرادة المقارنة العرفية كما صرح به في الجواهر وغيره لا المطالبة الحقيقية ابتداء ووسطا وانتهاء ولعل المشهور أيضا لم يقصد والا هذا وحكى عن بعض القول بان التكبير بعد تمام الرفع وقبل الارسال لظاهر قوله عليه السلام في صحيحة الحلبي أو حسنته إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات الحديث وفيه انه لم يقصد بلفظه ثم في هذه الرواية الترتيب كما لا يخفى على من تدبر فيها كما أنه لم يقصد الترتيب بالعكس من لفظه الفاء في صحيحة زرارة إذا أقمت الصلاة فكبرت فارفع يديك الحديث بل المراد به بحسب الظاهر هو الرفع حال التشاغل بالتكبير وكيف كان فظاهره عدم ارادته قبل التكبير فلو سلم ظهور الخبر المزبور في المعنى المذكور فليجمع بينه و بين سائر الأخبار بالتخيير والله العالم وحكى عن ثالث القول بأنه حال الارسال ولم يعلم مستنده قيل لعله لدعوى ان المراد من البسط في الرواية هو الارسال وفيه ما لا يخفى الرابعة يستحب أن تكون اليدان حال الرفع مبسوطتين مضمومتي الأصابع مستقبلا ببطنهما القبلة اما البسط والاستقبال فلصحيحة منصور بن حازم قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه واستقبل القبلة ببطن كفيه فإنها كما تدل على الاستقبال تدل على البسط أيضا بالالتزام ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام في خبر الحلبي المتقدم ثم ابسطهما بسطا الخ وقد أشرنا انفا إلى أن لفظة ثم في هذه الرواية بحسب الظاهر لم يقصد بها الا الترتيب الذكرى واما ضم الأصابع فربما استظهر من كلمات الأصحاب اتفاقهم على استحبابه فيما عدى الابهام واما الابهام فقد اختلفوا فيه قال في محكى الذكرى ولتكن الأصابع مضمومة وفي الابهام قولان وفرقة أولى واختاره ابن إدريس تبعا للمفيد وابن براء وكل ذلك منصوص انتهى أقول وكفى بما ذكره من أن كل ذلك منصوص في جواز الالتزام والاخذ بكل منه من باب التسليم بعد البناء على المسامحة وربما يستدل أيضا لاستحباب الضم بخبر حماد المشتمل على تعليم الصلاة حيث قال فيها فقام أبو عبد الله عليه السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه إلى أن قال وقال بخشوع الله أكبر فإنه وان لم يذكر في الخبر رفع اليدين حال تكبيرة الاحرام ولذا ناقش صاحب الحدائق في الاستدلال به للمدعى الا ان ما تضمنه من أنه عليه السلام ارسل يديه جميعا على فخديه قد ضم أصابعه بحسب الظاهر لم يكن الا مقدمة للرفع الذي ينبغي الجزم بعدم تركه في هذه الصلاة التي أريد بها تعليم الصلاة التامة الحدود خصوصا بعد الالتفات إلى أنه رفع يديه حيال وجهه إذا كبر للركوع وإذا كبر للسجود فمن المستبعد جدا تركه للرفع في الافتتاح مع أنه أهم فلا يبعد سقطه من الرواية أو ان حماد لم يتعرض لنقله اما غفلة أو لعدم تعلق غرضه الا بنقل الخصوصيات الخارجة عما كان متعارفا لديهم في صلاتهم ورفع اليدين حال تكبيرة الاحرام كان معروفا لدى الخاصة والعامة فلم يكن له داع إلى نقله هذا ولكن الانصاف عدم ثبوت الأحكام الشرعية بمثل هذه الدعاوي المبنية على الحدس والتخمين هذا مع أن من الممكن كونه عليه السلام تاركا لرفع اليدين في الافتتاح في تلك الصلاة التي كان المقصود بها تعليم آدابها على الوجه الأكمل دفعا لتوهم وجوبه الناشي من معروفيته لدى الخاصة والعامة مع عدم احتياج أصل مشروعيته إلى البيان وكون ما صدر منه من الرفع في تكبير الركوع والسجود وافيا ببيان كيفية فليتأمل وربما يستدل له أيضا بما عن المحدث المجلسي في البحار عن زيد الترسي عن أبي الحسن عليه السلام انه رآه يصلي فكان إذا كبر في الصلاة الزق أصابع يديه الابهام والسبابة والوسطى والتي يليها وفرج بينهما وبين الخنصر ثم يرفع يديه بالتكبير قبال وجهه ثم يرسل يديه ويلصق بالفخذين ولا يفرج بين أصابع يديه فإذا ركع كبر ورفع يديه بالتكبير قبال وجهه ثم يلقم بركبتيه كفيه ويفرج بين الأصابع فإذا اعتدل لم يرفع يديه وضم والأصابع بعضها إلى بعض كما كانت ويلصق يديه مع الفخذين ثم يكبر ويرفعهما قبالة وجهه كما هي ملتصقة الأصابع بعضها إلى بعض فيسجد الحديث و لكن هذا الخبر تضمن تفريق الخنصر وهو خلاف المشهور ولذا رمى هذه الفقرة بالشذوذ وقيل لا منافاة بينه وبين الاستشهاد بسائر فقراته للمدعى وفيه اشكال ولكن اشكال في الاخذ بظاهره من باب التسامح وان كان مخالفا للمشهور فان عمومات أدلة التسامح لا يقصر عن شموله والله العالم الواجب الثالث من افعال الصلاة كتابا وسنة واجماعا القيام اما الأول فقوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا المفسر في اخبار أهل البيت بان الصحيح يصلي قائما والمريض جالسا وعلى جنوبهم واما السنة ففي صحيحة زرارة المتقدمة في المسألة السابقة وقم منتصبا فان رسول الله صلى الله عليه وآله من لم يقم صلبه فلا صلاة له إلى غير ذلك من الاخبار التي ستمر بك إن شاء الله وهو في الجملة ركن في كل ركعة من ركعات الصلاة من القدرة فمن أخل به وتركه عمدا أو سهوا بطلت صلاته بلا خلاف فيه بل باجماع العلماء كما عن جماعة نقله منهم المصنف في المعتبر بل علماء الاسلام كما عن المنتهى وظاهر النصوص والفتاوي بل صريح بعضا انه من حيث هو معتبر في الصلاة ومن جملة افعالها ولا ينافيه شرطيته لسائر الافعال الواقعة حاله من التكبير والقراءة والركوع الذي
(٢٥٤)