ان الستر بما عدى الثوب من حشيش ونحوه أيضا متعارف ولكنه عند تعذر الثوب ونحوه فالترتب بين المصاديق عرفي يتنزل عليه اطلاقات الأدلة هذا مع ما ورد في المرأة من الأخبار الدالة عليه كصحيحة زرارة الدالة على أن أدنى ما تصلي المرأة فيه درع وملحفة وغيرها من الأخبار الدالة بظاهرها على اعتبار تسترها بالثوب لدى الامكان فيتم في غيرها بعدم القول بالفضل مدفوعة بأنه ليس فيما بأيدينا من الأدلة اطلاق لفظي مسوق لبيان هذا الحكم كي يدعى انصرافه إلى المتعارف المعهود كما لا يخفي على المتتبع وعلى تقدير التسليم فلا نسلم انصرافه إلى نوع معهود فان المتبادر من الامر بستر العورة ليس الا إرادة مهية الستر من حيث هو ولو سلم الانصراف فهو بدوي منشأه انس الذهن بالمتعارف ولذا لا يشك أحد في جواز التستر بالألبسة المستحدثة التي لا تندرج في مسمى الثوب واما الأخبار الواردة في المرأة كصحيحة زرارة وغيرها فلم يقصد بها الخصوصية لما تضمنتها من الدرع والملحفة والخمار وغير ذلك مما اشتمله تلك الأخبار كما عرفته في محله فتخصيص ما تضمنته تلك الأخبار بالذكر جار مجرى العادة وعلى تقدير ارادته بالخصوص كما هو ظاهر بعضها فمحمول على الاستحباب والحاصل ان غاية ما يمكن استفادته من الأدلة انما هو اعتبار مهية الستر من حيث هي في الصلاة واما اعتبار كونه بشئ خاص اي بالثوب لدى التمكن منه أو بكيفية خاصة فلا يكاد يفهم من شئ منها أصلا نعم قد يوهمه عبائر الأصحاب في فتاويهم وبعض معاقد اجماعاتهم المحكية كما في المتن وغيره حيث علقوا الستر بورق الشجر والحشيش على ما إذا لم يجد ثوبا فيستشعر منه الاشتراط ولكنك خبير بجري الشرطية مجرى العادة فلا يفهم منها التعليق بل المتأمل في كلماتهم لا يكاد يشك في عدم ارادتهم الاشتراط كما أوضحه في الجواهر وكيف كان فلا دليل عليه والأصل بنفيه بناء على ما هو التحقيق من جريان اصالة البراءة في مثل المقام لا قاعدة الشغل كما زعمه غير واحد ولنا على الدعوى الثانية ان المنساق من الأخبار الواردة في المرأة وكذا من صحيحة علي بن جعفر الواردة في العاري وغيرها من الأدلة انه يعتبر في صحة الصلاة اختيارا ان لا يكون المصلي عاريا بل لابسا لما يستر رأسه وجسده من درع وملحفة أو ما هو بمنزلتهما في الساترية ان كان امرأة أو لما يستر عورته من ثوب أو حشيش أو غير ذلك ان كان رجلا ومن الواضح انه لا يخرج الشخص بطلي الطين أو الحناء ونحوه عن مصداق اسم العاري فكما يفهم من قوله عليه السلام أدنى ما تصلي المرأة فيه درع وملحفة بطلان صلاتها حال كونها مكشوفة الجسد كذلك يفهم منه بطلان صلاتها عند عرائها عن اللباس وان لطخت الطين أو الحناء على ساير جسدها ووقف في ماء كدر ولا ينافي ذلك ما ادعيناه من أن ذكر الدرع والملحفة أو الخمار وغير ذلك في النصوص من باب المثال ضرورة ان الطين والماء ونحوه ليس شبه المذكورات في صيرورة الشخص بواسطته خارجا عن مصادق اسم العاري وكذا لا يكاد يخطر في الذهن إرادة مثل الطين والوحل والماء من عمو الشئ في قوله عليه السلام في صحيحة علي بن جعفر فإن لم يجد شيئا يستر به عورته كيف ولو كان الطلي بالطين فضلا عن الغور في الماء ونحوه من مصاديق الستر المعتبر في الصلاة للزم تنزيل الأخبار المستفيضة الواردة في كيفية صلاة العاري جماعة وفرادى على الفرق النادر إذ الغالب تمكنه من تحصيل ما يطلي على عورته من طين ونحوه ولو يمزج شئ من التراب في فضالة ظهوره بل في الماء الذي يتوضأ به عند في لكفاية لهما فان رعاية الستر أهم من الطهارة المائية كما لا يخفى وجهه (وكيف كان) فلا ينبغي الارتياب في عدم حصول الستر المعتبر في الصلاة يطلي الطين ونحوه نعم لا يبعد الاكتفاء بذلك في الستر الذي قصد به حفظ الفرج عن النظر حيث إن المقصود بالستر في ذلك الباب مجرد المنع عن تعلق الرؤية بالعورة سواء خرج بذلك عن مصداق العاري أم لا وهذا المعنى يحصل بالطلي بالطين كما يحصل بالستر باليدين وبالأليتين وبالبعد المفرط والاستتار في مكان مظلم وهذا بخلاف هذا المقام الذي يكون ليس الساتر من حيث هو مطلوبا بالذات ولا يفي فيه مجرد الستر بمعنى الاختفاء عن النظر كما في ذلك الباب فالاستشهاد للاجتزاء به في المقام باخبار النورة لا يخلو عن نظر هذا مع أن الالتزام بكفاية طلي الطين أو النورة وأشباهه في ذلك الباب أيضا على اطلاقه لا يخلو عن اشكال لامكان مع مساعدة العرف على اطلاق حفظ الفرج بمجرد طلي الطين عليه (الا ان يكون ما عليه) من الطين من الكثرة بحيث يكون بمنزلة جسم مستقل مانع عن ظهور العورة لونا وحجما فيكون العورة حينئذ كالمدفونة فلا يبعد الالتزام بكفايته حينئذ في باب الصلاة أيضا ولعل اخبار النورة أيضا صدرت في مثل هذا الفرض فلا يستفاد منها كفاية مطلق الطلي لكونها حكاية فعل مجمل والله العالم ومع عدم ما يستر به يصلي عريانا بلا خلاف في ذلك نصا وفتوى انما الخلاف في أنه هل يصلي قائما مطلقا أو جالسا مطلقا أو قائما ان كان يامن ان يراه أحد وان لم يامن صلى جالسا فعن السيد المرتضى وغيره انه يصلي جالسا مؤميا وان امن المطلع وعن ابن إدريس انه يصلي قائما مؤميا في الحالين ونسب التفصيل إلى المشهور بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا وعن الغنية الاجماع عليه والأصل في الخلاف اختلاف الاختبار ففي بعضها يصلي قائما على الاطلاق وفي بعضها يصلي جالسا كذلك وفي بعضها التفصيل فما يدل على أنه يصلي قائما قوله عليه السلام في صحيحة علي بن جعفر المتقدمة وان لم يصب شيئا يستر به عورته اومي و هو قائم وفي ذيل صحيحة ابن سنان المتقدمة في المسألة السابقة وان كان معه سيف وليس معه ثوب فيتقلد السيف ويصلي قائما وموثقة سماعة على ما عن التهذيب في رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه الا ثوب واحد واجنب فيه وليس عنده ماء قال يتيمم ويصلي عريانا قائما أو يومي ايماء ولكن عن الكافي عوض قائما قاعدا فهذه الرواية مضطربة المتن لا تنهض حجة لاحد القولين لو لم نقل بان ما في الكافي أوثق ومما يدل على أنه يصلي جالسا صحيحة زرارة أو حسنته قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلي فيه فقال يصلي ايماء وان كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وان كان رجلا وضع يده على سوئة ثم يجلسان فيوميان ايماء ولا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما تكون صلاتهما ايماء برؤسهما قال وان كانا في ماء أو بحر لجي لم يسجد عليه أو موضوع عنهما التوجه فيه يوميان في ذلك ايماء ورفعهما توجه ووضعهما بوجهه وخبر أبي البختري المروي عن قرب الإسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام أنه قال من غرقت ثيابه فلا ينبغي له ان يصلي حتى يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثيابا فإن لم يجد صلي عريانا جالسا يؤمي ايماء يجعل سجوده اخفض من ركوعه فان كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثم صلوا كذلك فرادى وخبر محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اصابته جنابة وهو بالفلاة وليس عليه الا ثوب واحد وأصاب ثوبه مني قال يتيمم ويطرح ثوبه
(١٥٥)