ان انصرافه إليه بدوي منشأه ندرة الوجود فليتأمل فالانصاف ان الحكم لا يخلو عن تردد فلا ينبغي ترك الاحتياط فيه ولكن هذا بالنسبة إلى موضع الجبهة واما موضع باقي المساجد فلا ينبغي الارتياب في عدم لزوم انفصاله عن المساجد اما بالنسبة إلى موضع الابهامين والركبتين فواضح وبالنسبة إلى موضع اليدين فيدل عليه مضاف إلى الأصل ما عن مستطرفات السرائر من كتاب جامع البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال سئلته عن الرجل يسجد ثم لا يرفع يديه من الأرض بل يسجد الثانية هل يصلح ذلك قال ذلك نقص في صلاته وعن الحميري في قرب الإسناد باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام نحوه وظاهر التعبير بالنقص الكراهة كما لا يخفى وقد جزم كاشف الغطاء بلزوم انفصاله الجبهة فقال ويلزم انفصاله محل مباشرة الجبهة عمنا يسجد عليه فلو استمر متصلا إلى وقت السجود مع الاخبار لم يصح ولا يلزم فصله فورا لو اتصل حال الرفع بل انما يلزم لسجود اخر على الأقوى بخلاف الستة الباقية وفي دلالة الاطلاق وكراهة مسح التراب ونحوه عن الجبهة ضعيف فلا يقوى على اصالة الشغل مع أن ما دل على رفع الحصى عنها أقوى انتهى ولقد أشار بقوله وما دل على رفع الحصى إلى ما عن الشيخ باسناده عن علي بن جميل أنه قال رأيت جعفر بن محمد عليهما السلام كلما سجد فرفع رأسه اخذ الحصى من جبهته فوضعه على الأرض ولا يخفى ما في دلالته على المدعى من القصور واما اصالة الشغل فيتوجه عليها ما قررناه في محله من أن المرجع في المقام البراءة واما كراهة مسح التراب على الجبهة التي أشار إليها في أثناء كلامه فلم أجد في الوسائل ما يدل عليه بل عقد فيها فاما لاستحباب مسح الجهة من التراب بعد السجود وأورد فيه بعض الأخبار الذي يظهر منه الاستحباب مثل ما عن الشيخ باسناده عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته أيمسح الرجل جبهته في الصلاة إذ الصق بها تراب فقال نعم قد كان أبو جعفر عليه السلام يمسح جبهته في الصلاة إذ الصق بها التراب ولكنه قدس سره اعرف بما قال فلعله عثر على ما لم نعثر عليه والله العالم الثلث ان ينحني للسجود حتى يساوي موضع جبهته موقفه الا ان يكون علوا يسيرا فلا يصح السجود على موضع أعلى من موقفه علوا يعتد به بلا خلاف فيه على الظاهر وقدر الشيخ وكثير ممن تأخر عنه بل المعروف فيما بينهم بل عن بعض نسبته إلى جميعهم حد الجواز بمقدار لبنة بكسر اللام وسكون الباء وبفتح اللام وكسر الباء والمراد بها ما كانت معتادة في زمن الأئمة عليهم السلام وقد قدرها الأصحاب بأربع أصابع منضمات تقريبا ويؤيده اللبن الموجودة في أبنية بني العباس ونظائرها من الابنية القديمة لا أزيد لما عن الشيخ بأسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن السجود على الأرض المرتفعة فقال إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس إذ الظاهر أن السؤال وقع عن الجواز فيفهم من التحديد الواقع في الجواب المنع عما إذا كان أكثر واما الشرطية فهي مسوقة لبيان تحقق الموضوع وليس لها مفهوم كما لا يخفى وعن الكليني مرسلا قال في حديث اخر في السجود على الأرض المرتفعة قال إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا بأس ولعل مراده بالحديث الاخر هو الخبر الأول فيضعف به ما احتمله بعض في الرواية الأولى بل حكى عن بعض النسخ مواضع يديك بالبائين بدل بدنك مع أن هذا الاحتمال في حد ذاته ضعيف كما نبه عليه في الجواهر وغيره ففي الجواهر بعد ان قال انا لم نتحقق وجوده كذلك في بعض النسخ قال ما لفظه بل ظاهر استدلال الأصحاب به والفتوى بمضمونه على اختلاف طبقاتهم ونسخهم وفيهم المثبت غاية التثبت ككشف اللثام وغيره يشرف الفقيه على القطع بعدم هذه النسخة وانه ان وجد في بعض الكتب فهو من النساخ قطعا مع أنه على تقديرها يمكن الاستدلال بالفحوى ضرورة أولوية الموقف من اليدين بذلك قطعا انتهى مع أن الجواب على هذا التقدير لا يناسب السؤال الا ان يراد باليدين الكفاية عن سائر المواضع وكيف كان فيكفي شاهدا لاثبات المدعى ما ارسله في الكافي بعد اعتضاده بمعروفية هذا التحديد بين الأصحاب بل عدم خلاف يعتد به فيه فإنه يصلح جابرا لضعف سنده كما أنه يصلح مرجحا للنسخ التي أورد فيها الخبر الأول بلفظ بدنك بالنون فلا ينبغي الاستشكال في هذا التحديد فيرفع اليد بظاهر هذين الخبرين عن ظاهر ما رواه أيضا عبد الله بن سنان في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن موضع الجبهة أيكون ارفع من مقامه قال لا ولكن مستويا وفي بعض النسخ وليكن مستويا فيحمل الصحيحة اما على الاستحباب أو الاستواء العرفي المقابل للارتفاع المعتد به الذي هو أزيد من لبنة بل لا يبعد ان يدعى ان المتبادر من الامر بالاستواء ليس الا الاستواء العرفي الذي لا ينافيه الارتفاع اليسير الذي هو بمقدار لبنة فما دون لتعسر احراز الاستواء الحقيقي أو تعسره غالبا ولكن هذا ان سلم ففي التدريجي لا الدفعي وقد حكى عن العلامة في تذكرته ونهايته الاستدلال على المطلوب بأنه لا يتمكن من الاحتراز عنه غالبا وانه لا يعد علوا عرفا ويتوجه عليه ما أشرنا إليه من أنه ان تم ففي التدريجي لا مطلقا وكيف كان فعمدة ما يصح الاستناد إليه لاثبات المدعى (خصوصا) بالنسبة إلى تحديد مقدار الجواز باللبنة هو الخبر المزبور وهو كما يدل على جواز الارتفاع بقدر لبنة كذلك يدل على المنع عما زاد عليها كما تقدمت الإشارة إليه انفا ويدل أيضا على المنع عما زاد الصحيحة المزبورة إذ لا مقتضى لرفع اليد عن ظاهرها بالنسبة إلى الأزيد من اللبنة اللهم الا ان يقال إن ظاهرها الاستواء الحقيقي وهو ليس بواجب اجماعا فيحمل على الاستحباب ويدفعه ان حمله على الاستواء العرفي الذي لا ينافيه الاختلاف اليسير الذي دل عليه الرواية الأولى أولى من حملها على الاستحباب هذا مع أنه لم يعرف الخلاف فيه من أحد فإنه وان عبر بعضهم بالعلو المعتد به ولكنه لم يعلم ارادته ما ينافي التحديد باللبنة فليتأمل واستدل المصنف رحمه الله في محكى المعتبر الاستدلال على المنع عن العلو بما يعتد به بعد ان ادعى ان عليه علمائنا بأنه يخرج بذلك عن الهيئة المنقولة عن صاحب الشرع وفيه انه انما يتجه على القول بأصالة الاحتياط لدى الشك في الشرطية وهو خلاف التحقيق واضعف منه الاستدلال عليه بمنع اسم السجود عرفا على السجود على المرتفع بأكثر من لبنة فإنه مكابرة محضة خصوصا في التدريجي كما لا يخفى ثم إنه صرح غير واحد باعتبار عدم كون موضع جبهته اخفض من موقفه بأكثر من لبنة كما يدل عليه موثقة عمار عن الصادق عليه السلام في المريض يقوم على فراشه ويسجد على الأرض فقال إذا كان الفراش غليظا قدر اجزه أو أقل استقام له ان يقوم عليه ويسجد على الأرض وإذا كان أكثر
(٣٤٤)