المواقيت فان هذا هو الوقت الذي يكون مأمورا بان يبدء عند حضوره بالمكتوبة لو صلى وحده دون ما قبل الذراع والذراعين الذي يكون الراجح فيه الابتداء بالنافلة نصا وفتوى فهذا الرواية أيضا كسابقتها تدل على جواز التطوع في وقت الفريضة عند انتظار الجماعة وكون المتبادر من أغلب هذه الروايات إرادة النوافل المرتبة غير قادح في الاستدلال بعد حكومة هذه الأخبار على الأخبار الناهية عن التطوع التي هي مستند القائلين بالمنع خصوصا مع أن الظاهر عدم قول يعتد به بالتفصيل بين النوافل المرتبة بعد خروج وقتها وبين النوافل المبتدئة هذا مع أن المنساق إلى الذهن من الخبرين الأخيرين إرادة مطلق النافلة لا خصوص الراتبة واستدل له أيضا بموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن فاتك شئ من تطوع الليل والنهار فاقضه عند زوال الشمس وبعد الظهر عند العصر وبعد المغرب وبعد العتمة ومن اخر السحر وهذه الموثقة انما يتجه الاستدلال بها في رد المشهور القائلين بعدم جواز التطوع في وقت الفريضة مطلقا عدى النوافل اليومية مؤداة والا فلو قيل باختصاص المنع بالنسبة إلى الظهرين بعد الذراع والذراعين وبالنسبة إلى العشاء بعد ذهاب الشفق كما هو غاية ما يمكن استفادته من أدلتهم على ما بيناه فيما سبق فيشكل استفادة ما ينافيه من هذه الموثقة كما لا يخفى ومما يؤيد المطلوب الأخبار المستفيضة التي ورد فيها الامر بصلوات خاصة بين المغرب والعشاء التي تقدم كثير منها في صدر الكاتب وقد أشرنا فيما تقدم إلى امكان توجيه بعضها بما لا ينافي المشهور واما (بعضها الآخر فهو نص في خلافهم مثل ما ورد فيه الامر بعشر) ركعات بعد المغرب ونافلتها بل مقتضى اطلاق مثل هذه الأخبار جواز مزاحمتها لايقاع العشاء في أول وقتها ولكنك عرفت ان سندها لا يخلو عن قصور ويؤيده اطلاق الأخبار الكثيرة المتقدمة عند البحث عن جواز تقديم النافلة على الزوال الدالة على أن النافلة بمنزلة الهدية وانها في اي ساعة من ساعات النهار اتي بها قبلت واطلاق غيرها مما ورد فيه الامر بالنوافل خصوصا ذوات الأسباب منها عند حصول أسبابها وعمومات قضاء الرواتب وفي خبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام المروي عن قرب الإسناد الامر بقضاء صلاة الليل والوتر فيما بين الظهر وبين صلاة العصر أو متى أحب قال سئلته عن رجل نسي صلاة الليل والوتر فيذكر إذا قام في صلاة الزوال فقال يبدء بالنوافل فإذا صلى الظهر صلى صلاة الليل وأوتر ما بينه وبين العصر أو متى أحب إلى غير ذلك من الشواهد المؤيدات التي لا تخفى على المتتبع واستدل أيضا بصحيح سليمان بن خالد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل دخل المسجد وافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلي إذ اذن المؤذن واقام الصلاة قال فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام ولتكن الركعتان تطوعا والصحيح عن محمد بن نعمان الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرين في صلاتهم فان كانت الأولى فليجعل الفريضة في الركعتين الأوليين وان كانت العصر فليجعل الأوليين نافلة والأخيرين فريضة أقول ونحوه مرسلة ابن أبي عمير عن أحدهما في مسافر أدرك الامام ودخل معه في صلاة الظهر قال فليجعل الأولتين الظهر والأخيرتين السبحة وان كانت صلاة العصر فليجعل الأولتين السبحة والأخيرتين العصر ويرد على الاستدلال بالصحيحة الأولى ان الخصم بحسب الظاهر يلتزم بمفادها ويخصص بها الأخبار الناهية لكونها أخص مطلقا من تلك الأخبار بل يظهر من بعض في لخلاف في ذلك فلا تكون هذه الصحيحة حجة عليهم واما الخبران الأخيران فلا بد من حمل النافلة فيهما على الفريضة المعادة والا فهما من الشواذ التي يجب رد علمها إلى أهله فالمقصود بجعل الأولتين نافلة جعلهما إعادة الظهر لادراك فضيلة الجماعة وان كان قد يشكل ذلك بالنسبة إلى ما في المرسلة من جعل الأخيرتين سبحة ان كانت ظهرا فان مشروعية إعادة ما صلاها جماعة لا يخلو عن تأمل وكيف كان فان أريد بها صلاة التطوع فهي من الشواذ والا فخارج عن محل الكلام سواء أريد بها المعادة أو قضاء الصلوات الماضية أو اعادتها احتياطا أو استحبابا وما يقال من أن اطلاق كلمات المانعين يشمل المعادة وقولهم باستحباب الإعادة لمن صلى وحده أعم من ذلك فيخصص بما لا يستلزم تطوعا في وقت فريضة مما لا ينبغي الالتفات إليه فان اطلاق كلماتهم ينصرف عن المعادة خصوصا مع عموم قولهم باستحبابها لمن صلى وحده ولا أقل من عدم ثبوت التزامهم بعدم الفرق كي يصح الاستشهاد في ردهم بمثل هذه الأخبار فالعمدة في تضعيف مذهبهم ما عرفت من قصور أدلتهم عن اثبات مدعاهم على سبيل العموم وحكومة الأخبار الدالة على الجواز على الأدلة الدالة على المنع وكون المعارضة بينهما من قبيل معارضة النص والظاهر القابل للتوجيه القريب الذي ربما يستأنس له ببعض ألفاظ الروايات من كون المنع عن التطوع للحث على ايقاع الفريضة في أول وقتها الذي هو أفضل أو لكراهة الاشتغال بالسنن والمسامحة في امر الفريضة التي هي حق الله الأهم أو كراهته عند انعقاد صلاة الجماعة فيكون المراد بوقت الفريضة هو هذا الحين الذي يكون الاشتغال فيه بالتطوع منافيا لاحترام الجماعة أو غير ذلك من المحامل هذا مع أن ما في النفس من استبعاد حرمة النافلة التي هي خير موضوع في الوقت الصالح لفعلها من حيث هو بمجرد اشتغال الذمة بفريضة موسعة يجوز تأخيرها إلى اخر الوقت والاتيان بسائر الافعال المباحة وبما يصرف النواهي عن إرادة الحرمة فظهر بما ذكرنا ان الأقوى انما هو جواز التطوع في وقت الفريضة مطلقا ما لم يتضيق وقتها كما لعله المشهور بين المتأخرين وقد وقع التصريح به في الموثقة المتقدمة وهل يكره ذلك على حد غيره من العبادات المكروهة التي عرفت توجيهها غير مرة كالوضوء بالماء المسخن أو قراءة القرآن للحايض والجنب أو انه مرجوح بالإضافة إلى البدئة بالفريضة والا فهي في حد ذاتها صلاة تامة كاملة غير مشتملة على منقصة فيه تردد وان كان الأظهر هو الكراهة لكن في وقت فضيلة الفرائض لا مطلقا اي بعد مضي مقدار ذراع أو ذراعين في الظهرين وفي العشاء بعد غيبوبة الشفق خصوصا عند انعقاد الجماعة وشروع المؤذن في الإقامة بل لو قيل باختصاص الكراهة بهذه الصورة ومرجوحية الإضافة في غيرها لم يكن خاليا عن وجه كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق والله العالم تذنيب اختلف الأصحاب رضوان الله عليهم في جواز النافلة لمن عليه قضاء فريضة قبل بالمنع اختاره في الحدائق ونسبه إلى الأكثر بل المشهور وقيل بالجواز وربما نسب هذا القول أيضا إلى ظاهر الأكثر وكيف كان فهذا هو الأظهر ولو
(٦١)