لما دل عليه في التكبير بل عن بعض احتمال تقديمها على الذكر لقربها إلى القران وليس بشئ بل الأقوى في لاعتبار بترجمة القراءة من حيث هي أصلا ضرورة عدم كونها قرانا ولا ميسورة بعد وضوح ان لألفاظ القران دخلا في قوام قرآنيتها فقياس القراءة على التكبير الذي قد يقال بان المقصود به أولا وبالذات انما هي مهية التكبير الغير المتوقفة على خصوصية لفظها المعروف قياس مع الفارق نعم بناء على الاجتزاء بمطلق الذكر لدى العجز عن قراءة شئ من القران اما مطلقا أو لدى العجز عن التسبيح والتحميد والتهليل اتجه الاجتزاء بترجمة الفاتحة ونظائرها لا من حيث كونها ترجمة للقران بل من حيث كونها من مصاديق الذكر وهذا بخلاف سائر الآيات القرآنية التي من قبيل القصص والحكايات فلا يجتزي بترجمتها أصلا بل لا يجوز التلفظ بها لكونها من الكلام المبطل ولو عجز عن القراءة وبدلها مطلقا قام بقدر القراءة على ما صرح به غير واحد وهو لا يخلو عن وجه ولكنك خبير بأنه مجرد فرض يمتنع وجود مصداق له بحسب العادة كما نبه عليه المحقق الثاني على ما حكى عنه والأخرس يحرك لسانه بالقراءة بلا خلاف فيه على الظاهر والأظهر اعتبار الإشارة بإصبعه أيضا معه كما يدل عليهما خبر السكوني عن الصادق عليه السلام قال تلبية الأخرس وتشهده وقراءة القرآن في الصلاة تحريك لسانه واشارته بإصبعه ويعقد بها قلبه اي يتعقلها تفصيلا ان أمكنه والا فاجمالا حتى يتأتى منه قصد امتثال الامر المتعلق بها بإشارته وتحريك لسانه كما عرفت تفصيل الكلام فيه في تكبيرة الافتتاح وربما زعم بعض انه يعتبر في حق الأخرس ان يعقد قلبه بمعناها اي تعقل معنى الفاتحة والسورة ويؤديها بالإشارة على حسب ما يؤدي سائر مقاصده بالإشارة كما يجب على غيره ان يؤدي تلك المعاني بألفاظها في ضمن القراءة وهو خطأ كما أوضحناه في تكبيرة الافتتاح فلا نطيل بالإعادة بل لو التزمنا به هناك كما هو ظاهر المتن فلا نلتزم به هيهنا ضرورة كون معاني القراءة من حيث هي خارجة عن مهية المأمور به وانما المقصود بالطلب حكاية كلام الله تعالى ولو بالإشارة لدى العجز عن النطق بها لا حكاية معاينها من حيث هي فلو عرف قصة يوسف عليه السلام على الترتيب الذي حكاها الله تعالى في سورة يوسف وحكاها في صلاته بالإشارة على حسب ما يحكيها للغير عند إرادة نقلها له ليس له ان يقصد بهذا امتثال الامر بحكاية سورة يوسف لكونه أجنبيا عن مهية المأمور به بل عليه لدى الامكان ان يتعقلها تفصيلا بان يتصورها في ذهنه كما ربما يتصور بعض الاشعار والكلمات المنظومة ويقصدها بالإشارة ولكن هذا متعذر عادة فيما لو كان خرسه أصليا فعليه عند تعذر القصد إليها تفصيلا ان يعقد بها قلبه على سبيل الاجمال بان يميزها في ذهنه بوجه من الوجوه المميزة لها المصححة للقصد إلى الخروج عن عهدة امتثال امرها فيقصدها بإشارته وحركة لسانه والحاصل ان عقد القلب بمعاني القراءة ما لم يكن عبارتها التي هي بها تتقوم قرآنيتها مقصودا بالإشارة لا تفصيلا ولا اجمالا غير مجد في حصول إطاعة امرها كما هو واضح والمصلي في كل ثالثة ورابعة بالخيار ان شاء قرأ الحمد وان شاء سبح بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر بل عن كثير من الأصحاب دعوى اجماع علمائنا عليه ومقتضى اطلاق كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم بل صريحها في لفرق في ذلك بين المنفرد و والجامع اماما كان أو مأموما ولكن صرح شيخنا المرتضى رحمه الله بأن معقد هذه الاجماعات هو المفرد واما غيره فسيأتي الخلاف فيه في باب الجماعة وكيف كان فيشهد للمدعى جملة من الاخبار منها خبر علي بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الركعتين الأخيرتين ما اصنع فيهما فقال إن شئت فاقرء فاتحة الكتاب و ان شئت فاذكر الله فهو فيه سواء قال قلت فأي ذلك أفضل فقال هما والله سواء ان شئت سبحت وان شئت قرأت وغير ذلك من الاخبار الآتية وما في بعض الأخبار مما ينافي ذلك كخبر الحميري المروي عن الاحتجاج وكتاب الغيبة للشيخ انه كتب إلى القائم عجل الله فرجه يسئله عن الركعتين الأخيرتين وقد كثرت فيهما الروايات فبعض يروى (في بعض النسخ يرى بدل يروي في الموضعين) ان قراءة الحمد وحدها أفضل وبعض يروي ان التسبيح فيهما أفضل فالفضل لأيهما لنستعمله فأجاب عليه السلام قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح والذي نسخ التسبيح قول العالم عليه السلام كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج الا للعليل ومن يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة عليه فلابد من رد علمه إلى أهله خصوصا مع ما فيه من احتمال التقية لما حكى من الشافعي والأوزاعي واحمد القول تبيعن التفاحة في كل ركعتين من الأوائل والأواخر ويحتمل ان يكون المراد به الفضل كما سيأتي تقريبه وتحقيق ما تقتضيه الجمع بينه وبين غيره من الاخبار المنافية له إن شاء الله وربما يظهر من بعض الأخبار تعين القراءة على من نسبها في الأوليين كرواية الحسين بن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أسهو عن القراءة في الركعة الأولى قال اقرأ في الثانية قلت أسهو في الثانية قال اقرأ في الثالثة قلت أسهو في صلاتي كلها قال إذا حفظت الركوع والسجود تمت صلاتك وقد حكى عن الشيخ في الخلاف القول به وعن بعض المحدثين من المتأخرين نفي البعد عنه وعن اخر انه أحوط واستدل له أيضا بصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته قال لا صلاة له الا ان يقرأ بها في جهر أو اخفات وبقوله صلى الله عليه وآله بفاتحة الكتاب وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل نسي القراءة في الأوليتين فذكرها في الأخيرتين فقال يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الذي فاته في الأوليتين في الأخيرتين ولا شئ عليه ولكن في الوسائل رواها بإسقاط قوله في الأخيرتين ووجهها بالحمل على استحباب القضاء بعد التسليم فعلى هذا يخرج عن محل الاستشهاد واما بناء على ما رواها المستدل من التصريح فيها بأنه يقضي ما فاته في الأوليين في الأخيرتين فظاهرها وجوب تدارك جميع ما فاته من الأوليين القراءة والتكبير والتسبيح من غير اخلال بما هو وظيفة الأخيرتين من حيث هي وهذا مع أنه أجنبي عما نحن فيه لم ينقل القول به عن أحد منا بل قيل بموافقته لأبي حنيفة فيحتمل صدورها تقية والا لعارضه بعض الأخبار الآتية الدالة على خلافه وكيف كان فالاستدلال بهذه الرواية للقول المزبور في غاية الضعف ونظيره الاستدلال له بصحيحة محمد بن مسلم لظهورها في العامد ويتلوهما في الظهرين الاستشهاد بالنبوي لا لما قيل من قصوره من حيث السند وعدم الجابر له بالنسبة إلى ما نحن فيه لامكان ان يدعى ان اشتهاره بين الأصحاب واستدلالهم به في سائر المقامات
(٢٨٢)