تنهضان لمعارضة ما عرفت فالأظهر ما هو المشهور من استحباب الاتيان به قائما فلو كبر هاويا فقد ترك الأفضل ولكنه جائز كما صرح به في محكى الذكرى وغيره لاطلاق بعض ما دل عليه كالصحيحتين الأخيرتين وعدم المقتضى لتقييده بما قبل الهوى كما أوضحناه مرارا في نظائر المقام من المستحبات فلاحظ وحكى عن العماني القول بأنه يبدء بالتكبير قائما ويكون انتهائه بالتكبير مع مستقره ساجدا ولعل مستنده الخبر المزبور وفيه مع ما عرفت انه لا ينطبق على هذا القول إذ لا شهادة فيه على الامتداد المزبور ويستحب التكبير للسجدة الثانية أيضا قبل الاخذ في هويها وللرفع من الأولى بل وكذا من الثانية بعد ان يستوي جالسا كما يدل عليه فيما عدى الأخير صحيحة حماد ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال الله أكبر ثم قعد على جانبه الأيسر ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى وقال استغفر الله ربي وأتوب إليه ثم كبر وهو جالس وسجد الثانية وقال كما قال في الأولى الحديث واما الأخير فقد صرح به جملة من الأصحاب ولعله كاف في اثباته من باب المسامحة ويمكن الاستشهاد له بما ارسله السيد في محكى المصباح من أنه قال روى أنه إذا كبر للدخول في فعل من افعال الصلاة ابتدء بالتكبير حال ابتدائه وللخروج بعد الانفصال عنه إذ الظاهر أن المراد بابتدائه حين الاخذ في الهوى وبالانفصال عنه بعد ان استوى جالسا وكفى به دليلا في مثل المقام من باب المسامحة ولا ينافيه في لالتزام بما تضمنه صدره لأجل معارضته بالاخبار المعتبرة التي تقدمت الإشارة إليها لأجل معارضته بما عرفت مما دل على أنه يستحب ان يكبر قائما ثم يهوى للسجود كما لا يخفى ويستحب أيضا ان يكون سابقا بيديه إلى الأرض كما يشهد له ما عن الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد وإذا أراد ان يقوم رفع ركبتيه قبل يديه وعن محمد بن مسلم قال سئل عن الرجل يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه قال نعم يعني في الصلاة وعن الحسين بن أبي العلاء قال سألت عن الرجل يضع يديه قبل ركبتيه في الصلاة قال نعم وعن الصدوق بأسناده عن طلحة السلمي انه سئل أبا عبد الله عليه السلام لأي علة توضع اليدان على الأرض في السجود قبل الركبتين فقال لأن اليدين هما مفتاح الصلاة وفي صحيحة زرارة الطويلة إذا أردت ان تسجد فارفع يديك بالتكبير وخر ساجدا وابدأ بيديك فضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا ولا تفترش ذراعيك افتراش السبع ذراعيه ولا تضعن ذراعيك على ركبتيك وفخذيك ولكن تجنح بمرفقيك ولا تلزق كفيك بركبتيك ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك ولكن تحرفهما عن ذلك شيئا وابسطهما على الأرض بسطا واقبضهما إليك قبضا وان كان تحتهما ثوب فلا يضرك وان أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل ولا تفرجن بين أصابعك في سجودك ولكن ضمهن جميعا ورواية حفص الأعور عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام إذا سجد يتخوى كما يتخوى البعير الضامر يعني بروكه فان المنساق إلى الذهن من تفسيره بروكه إرادة وضع اليدين على الأرض قبل الركبتين ولعله لذا عبر عن هذا المستحب في الذكرى على ما حكى عنه بالتخوية والا فالتخوية على ما يظهر من كلمات اللغويين هو التجافي والتجنح فعن ابن الأثير في نهايته قال فيه اي في الحديث انه كان إذا سجد خوى اي جافى بطنه عن الأرض ورفعه وجافى عضديه عن جنبيه حتى يخوى ما بين ذلك ومنه حديث علي عليه السلام إذا سجد الرجل فليتخو وإذا سجدت المرأة فلتحتفز وفي القاموس خوى في سجوده تخوية تجافى وفرج بين عضديه وجنبيه انتهى ويحتمل ان يكون المراد بالرواية المزبورة أيضا هذا المعنى إذ البعير الضامر يتجافى في بروكه هذا مع أن التفسير بحسب الظاهر من الراوي فلا وثوق بفهمه كما أنه قد يؤيد إرادة هذا المعنى منه ما رواه في الوسائل عن صاحب الصحاح قال وفي الحديث عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إذا صلت المرأة فلتحتفز اي تتضام إذا جلست وإذا سجدت ولا تتخوى كما يتخوى الرجل إذ الظاهر أن المراد به بقرينة المقابلة انما هو إرادة التجنح والتجافي وكيف كان فالامر سهل بعد شهادة اخبار معتبرة باستحباب كل منها للرجل بخلاف المرأة فإنها إذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة للأرض كما في صحيحة زرارة الأخرى مضافا إلى شهادة الخبر المتقدم أيضا عليه ويفهم من الصحيحة الطويلة جملة من الأمور المسنونة في السجود فلاحظ وحكى عن ظاهر الصدوق في الأمالي القول بوجوب وضع اليدين قبل الركبتين وعدم جواز العكس ولعله لظاهر الامر بوضع اليدين قبل الركبتين في الصحيحة المتقدمة وفيه بعد تسليم ظهور الامر المتعلق به في الوجوب انه يتعين صرفه عن هذا الظاهر جمعا بينه وبين موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس إذا صلى الرجل ان يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل إذا ركع ثم رفع رأسه يبدء فيضع يديه على الأرض أم ركبتيه قال لا يضره باي ذلك بدء هو مقبول منه وأن يكون موضع سجوده مساويا لموقفه لقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان أو حسنته المتقدمة سابقا وليكن مستويا أو اخفض كما صرح به غير واحد وعلل بأنه ادخل في الخضوع وفيه ما لا يخفى فيشكل الالتزام به مع مخالفته لظاهر الامر بالاستواء فليتأمل وان يرغم انفه حال سجوده بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن جملة من الأصحاب دعوى الاجماع عليه ويدل عليه جملة من الاخبار منها قوله عليه السلام في صحيحة حماد ووضع الانف على الأرض سنة وهو الادغام وفي صحيحة زرارة وترغم بأنفك ارغاما إلى أن قال واما الارغام بالأنف فسنة من النبي صلى الله عليه وآله وموثقة عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال قال علي عليه السلام لا يجزي صلاة من لا يصيب انفه ما يصيب جبينه ومرسلة ابن المغيرة قال أخبرني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول لا صلاة لمن لم يصب انفه ما يصيب جبينه وظاهر الخبرين الأخيرين الوجوب ولكنه يتعين صرفهما عن ذلك جمعا بينهما وبين غيرهما من النصوص الظاهرة أو الصريحة في نفيه كخبر محمد بن مصادف قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول انما السجود على الجبهة وليس على الانف سجود و الصحيحتين المتقدمتين اللتين وقع فيهما التصريح بأنه سنة فان ظاهرهما إرادة الندب والأخبار الدالة على أن ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف
(٣٤٩)