وفي كلتا المتقدمتين نظر بل منع اما الأولى فلما تقرر في محله من أن الألفاظ أسامي للصحيحة واما الثاني فلوضوح عدم كون مثل هذه المطلقات مسوقة لبيان كيفية الصلاة حتى يتمسك باطلاقها لنفي ما يحتمل اعتبارها في الصحة كما لا يخفى نعم لولا الأدلة الاجتهادية المتقدمة والاجماعات المحكية المعتضدة بالشهرة وعدم معروفية الخلاف لكان المرجع عند الشك في اشتراط الاستقلال في كل ركعتين من النوافل وعدم اتصالهما بلاحقتهما وانفصالهما عن سابقتهما أو الشك في جزئية التشهد والتسليم لكل ركعتين من النوافل الثابتة مشروعيتها كثمان ركعات نافلة الزوال مثلا اصالة البراءة وأصالة عدم تعلق الامر بالمقيد أو المركب من الاجزاء المشتملة على التشهد والتسليم وأصالة عدم تعلق الامر الغيري بالجزء المشكوك جزئيته كما تقرر في محله وتقدمت الإشارة إليه عند البحث عن جواز تبعيض النوافل المرتبة واما ما لم تثبت مشروعيتها ذاتا كنافلة ذات ركعة أو ذات ثلاث ركعات أو خمس أو نحو ذلك فمقتضى الأصل عدم مشروعيتها بل يكفي في حرمة الاتيان بها بعنوان العبادة مجرد الشك في تعلق الامر بالصلاة بهذه الكيفية من غير حاجة إلى اصالة العدم والحاصل انه متى شك في كون الفعل الخاص مشروعا كالصلاة ركعة واحدة مثلا يحرم ايجاده بعنوان كونه عبادة ومتى شك في كون الكيفية الخاصة شرطا لما هو المشروع أو جزء له بعد ان ثبت أصل المشروعية كثمان ركعات نافلة الزوال ونحوها يرجع إلى الأصول المتقدمة لو لم يكن دليل على خلافها واما صلاة الاعرابي فهي ما أرسلها الشيخ في محكي المصباح عن زيد بن ثابت قال اتى رجل من الاعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وآله انا نكون في هذه البادية بعيدا من المدينة ولا نقدر ان نأتيك في كل جمعة فدلني على عمل فيه فضل صلاة الجمعة إذا مضيت إلى أهلي أخبرتهم به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان ارتفاع النهار فصل ركعتين تقرء في أول ركعة الحمد مرة وقل أعوذ برب الفلق سبع مرات واقرء في الثانية الحمد مرة واحدة وقل أعوذ برب الناس سبع مرات فإذا سلمت فاقرء آية الكرسي سبع مرات ثم قم فصل ثماني ركعات بتسليمتين واقرء في كل ركعة منها الحمد مرة وإذا جاء نصر الله والفتح مرة وقل هو الله أحد خمسا وعشرين مرة فإذا فرغت من صلاتك فقل سبحان الله رب العرش الكريم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم سبعين مرة فوالله الذي اصطفاني بالنبوة ما من مؤمن ولا مؤمنة يصلي هذه الصلاة يوم الجمعة كما أقول الا وانا ضامن له الجنة ولا يقوم من مقامه حتى يغفر له ذنوبه ولأبويه ذنوبهما وفي الجواهر بعد نقل الرواية قال وظاهره انها عشر ركعات بثلاث تسليمات وقال غير واحد كالصبح والظهرين فان أرادوا به ما ذكرنا كان جيدا وان أرادوا بحيث يشمل التشهد الوسط في الرباعيتين فيها ونحوه كما يفهم من الروضة طولب بدليل ذلك انتهى أقول مرادهم بحسب الظاهر كونها كالظهرين في اشتمالها على التشهد عقيب كل ركعتين وهذا ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط إذ لقائل ان يقول إنه ان أراد بقوله بثلاث تسليمات الاتيان بالتسليمات من غير أن يسبقها التشهد بان يقول بعد رفع الرأس من السجدة السلام عليكم بلا تشهد ففيه ما لا يخفى مخالفته لما هو المعهود من كون التسليم في الصلاة عقيب التشهد وان أراد الاتيان بها بعد التشهد فما هو الدليل على اعتبار التشهد قبل التسليم هو الدليل على اعتباره عقيب الركعة الثانية توضيحه انه مهما امر الشارع بعبادة خاصة من صلاة أو صوم أو غسل أو نحو ذلك لا يتعرض في مقام بيان كيفية تلك العبادة الا لخصوصياتها المختصة بها واما سائر اجزائها وكيفياتها المشاركة مع سائر افراد تلك العبادة فمعرفتها موكولة إلى معهوديتها في الشريعة فكما انا لا نحتاج في اثبات سجدتين في كل ركعة من هذه العشر ركعات إلى دليل سوى معهوديته في الشريعة كذلك في التشهد عقيب كل ركعتين فنقول لا ريب ان التشهد كالسجود والركوع والقنوت والتكبيرات من اجزاء طبيعة الصلاة من حيث هي وموضوعة على ما هو المعهود في الشريعة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية وفي الركعة الأخيرة من كل صلاة فيتحد موضعه في كل صلاة ثنائية ويتعدد فيما زاد عليها كالظهرين والعشائين فالقول باعتباره عقيب كل ركعتين من هذه الصلاة أيضا كغيره من الأمور المعتبرة في سائر الصلوات لا يخلو عن وجه والله العالم ثم إن الرواية وان كانت ضعيفة السند لكن أفتى المشهور بمضمونها على ما قيل بل عن مفتاح الكرامة قد استثناها جمهور الأصحاب وفي الجواهر لا أجد من أنكرها على البت ومستندهم بحسب الظاهر ليس الا هذه الرواية وكفى بذلك جابرا لضعفه هذا مع أن المقام مقام المسامحة فإنه من اظهر مصاديق المعتبرة المستفيضة الدالة على أن من بلغه عن النبي صلى الله عليه وآله ثواب على عمل فعمله بالتماس ذلك الثواب أوتيه وان لم يكن الامر كما بلغه اللهم الا ان يقال إن لا موقع للمسامحة بعد ان دل دليل معتبر على خلافها وقد دل الخبران المتقدمان باطلاقها على نفي شرعية الاتيان بأربع ركعات موصولة ويمكن دفعه بان غاية ما يمكن ادعائه انما هو شمول الخبرين مقتضى ترك الاستفصال في الأول واطلاق نوافلك في الثاني لمطلق النوافل المتعارفة لا خصوص النوافل المرتبة كما قد يدعى انصرافهما إليها واما مثل هذه الصلاة الغير المتعارفة التي لها وقت خاص وكيفية خاصة فاطلاقهما منصرف عنها قطعا هذا مع أن تقييد الاطلاق أهون من تخصيص عموم اخبار من بلغ بالنسبة إلى هذا الفرد فليتأمل وسنذكر تفصيل باقي الصلوات وبعض ما أجملناه فيما يتعلق بالنوافل المفصلة في مواضعها إن شاء الله المقدمة الثانية في المواقيت والنظر في مقاديرها واحكامها اما الأول فلا ريب في أن الفرائض اليومية واجبات موقتة لا يجوز تقديمها على أوقاتها ولا تأخيرها عنها بلا خلاف فيه بل عليه دعوى اجماع علماء الاسلام كافة عدا انه حكى عن ابن عباس والشعبي في صلاة الظهر من جواز تقديم المسافر لها قليلا فما بين زوال الشمس إلى غروبها وقت للظهر والعصر بلا خلاف فيه في الجملة عدى ما حكى عن الحلبي
(١٤)