منها إرادة النهي عن قراءة العزيمة في الصلاة على حسب ما يقرء غيرها من السور القرآنية امتثالا للامر بقراءة السورة وقضية قصر الحكم على مورد العلة جواز ايقاعها بهذا الوجه لو لم يستلزم زيادة في المكتوبة فتصح ان قلت فالاخبار الناهية على هذا منصرفة عما لو قرأها لا بقصد جزئيتها من الصلاة قلت نعم ولكن يفهم حرمتها من العلة المنصوصة كما يفهم منها حرمة استماعها مع أنه خارج عن مورد النص هذا مع امكان ان يقال إن مفاد الأخبار الناهية بواسطة ما فيها من التعليل انما هو تقييد السورة التي تجب قرائتها في الفريضة بعدم كونها موجبة لزيادة السجدة كتقييدها بعدم كونها من حيث الطول مفوتة للوقت لا اخراج ذوات هذه السورة من حيث هي من عموم ما يجب قراءة في الصلاة كي يتوجه عليه الاشكال المزبور فافهم وكيف كان فلا فرق على الظاهر بين قراءة اية السجدة واستماعها كما عن جماعة التصريح به فان استماعها أيضا كقرائتها موجب لزيادة السجدة في المكتوبة فلا يجوز كما لا يجوز قرائتها لعموم العلة المنصوصة وهل تبطل الصلاة بمجرد الاستماع أم لا تبطل الا بفعل ما يوجبه من السجدة الوجهان المزبوران في قرائتها وحكى عن التذكرة أنه قال لو سمع في الفريضة فان أوجبناه اي السجود أو استمع أومى وقضى انتهى وربما يستشعر من كلامه عدم حرمة الاستماع كالسماع ويحتمل رجوعه إلى ما حكى عن غير واحد من الفرق بين القراءة والاستماع في المبطلية دون الحرمة فحكموا بحرمة القراءة وابطالها للصلاة وحرمة الاستماع ولكنه لا يسجد لها بل يمضي في صلاته فكان محط نظرهم في الفرق المزبور ما يظهر من بعضهم من التسالم على أن الكلام المحرم مبطل للصلاة قرانا كان أم غيره فمتى قرء العزيمة بطلت صلاته وتنجز التكليف بسجدتها فورا من غير أن يعارضه تكليف اخر وهذا بخلاف ما لو استمعها فإنه وان ارتكب الحرام ولكن لم تبطل صلاته إذ ليس كل محرم مبطلا ما لم يكن كلاما فيدور امره بعد الاستماع بين محذورين اما ابطال الصلاة أو الاخلال بالواجب الفوري اي السجدة ورعاية الأول أولى لدى الشارع كما ينبأ عن ذلك بعض الأخبار الامرة بالايماء في أثناء الصلاة في بعض الفروع الآتية مضافا إلى أن المرجع بعد تزاحم الواجبين وتعارض دليلهما إلى استصحاب حرمة القطع ووجوب المضي وعلى تقدير الخدشة فيها فالتخيير فلا يتعين عليه ابطال الصلاة وقطعها بسجدة العزيمة ولا ينافيه ظاهر الخبر الذي وقع فيه تعليل الحرمة بان السجود زيادة في المكتوبة الذي هو عمدة مستند الحكم بحرمة الاستماع إذ لا يكاد يفهم من ذلك الا ان السجود في أثناء الفريضة مبطل لها فلا يجوز فعل موجبة واما انه عند فعل ما يوجبه يتعين عليه السجود فلا يفهم من الخبر لامكان ان يكون النهي عن موجبة لاستلزامه اما الاخلال بما يقتضيه الموجب أو ابطال الصلاة بفعل السجود فورود المجذور فعلا وتركا هو السبب للنهي لا ان السجود الزائد المبطل لما كان لازما بمجرد تحقق الموجب كان فعل الموجب حراما لكونه سببا لابطال الصلاة كي يكون المحذور والموجب للنهي هو خصوص وجوب فعل السجود في الصلاة المستلزم لبطلانها بمقتضى التعليل هذا ولكن الانصاف ظهور الاخبار بل صراحة بعضها كخبر علي بن جعفر الذي وقع فيه السؤال عمن قرء سورة والنجم في الفريضة في وجوب الاتيان بالسجود في الأثناء وان ذلك زيادة في الفريضة فلا يقرء العزيمة فيها كي يضطر إلى أن يزيد في الفريضة بالتسبيب بل هذا هو الذي ينسبق إلى الذهن من التعليل بان السجود زيادة في المكتوبة حيث إن ظاهره ان زيادة السجدة التي تجب بقراءة العزيمة هي العلة بذاتها للحرمة لا بما يلزمها من محذور اخر أعم اي لزوم مخالفة أحد التكليفين فالأقوى وجوب السجدة فورا عند ايجاد سببها من غير فرق بين القراءة والاستماع فتبطل الفريضة بها ان لم نقل بحصول البطلان بمجرد التكليف بايجاد المبطل كما لا يخلو عن وجه ولا يقاس ذلك بما لو تحقق سببها من غير اختار كما لو قرأها غفلة عن كونها عزيمة أو سمعها بلا قصد حيث لم ينقل القول ببطلان الصلاة به عن أحد وان احتمله بعض إذ غاية ما يمكن استفادته من التعليل بالتقريب المزبور انما هو لزوم الاتيان بالسجدة التي تتحقق بها الزيادة في المكتوبة عند الاتيان بموجبها اختيارا واما انه متى تحقق موجبه ولو من غير اختيار وجب العمل بما يقتضيه من فعل السجدة فورا ولو في أثناء الفريضة فلا يكاد يفهم من ذلك فإنه انما استفدنا كون ما دل على فورية السجود مقدما على حرمة القطع عند اختيار سببه بدلالة تبعية غير مقصودة بالخطاب ناشئة من جعل زيادتها من حيث هي علة لتحريم موجبه لا المحذور المترتب عليه فعلا وتركا فالموارد التي لا يصلح أن تكون زيادته موجبة لتحريم سببه لكونها خارجة عن اختيار المكلف خارج عن مورد العلة منطوقا و مفهوما فلا يمكن استفادة فورية السجدة فيها من ذلك الا بتنقيح المناط وهو غير منقح ولو سلم دلالته عليه فيرفع اليد عنه بالنسبة إلى ما لم يكن السبب اختياريا بالنصوص الآتية الدالة عليه في الجملة المتمم بعدم القول بالفصل مضافا إلى عدم خلاف يعتد به فيه على الظاهر وكيف كان فالظاهر عدم الخلاف بين الأصحاب في أنه لو قرء العزيمة سهوا أو سمعها لم تبطل صلاته ولكنهم اختلفوا بين قائل بتأخير السجود وقائل بأنه يؤمي في الأثناء بدلا عنه وقائل بأنه يجمع بين الايماء في الصلاة والسجود بعدها وعن كاشف الغطاء انه يسجد في الأثناء بناء منه على عدم بطلان الصلاة بسجدة العزيمة لمنع صدق الزيادة في الصلاة بالاتيان بفعل خارج مثابة للفعل الصلواتي من حيث الصورة بل مخالف له بناء على أنه لا يعتبر في سجدة التلاوة تساوي موضع الجبهة والموقف وغيره مما اعتم في سجدة الصلاة ولعموم بعض الرويات الدالة على وجوب السجدة في أثناء الصلاة وفيه مالا يخفي فإنه اجتهاد في مقابلة النص المصرح بان السجود زيادة في المكتوبة وقد أشرنا في مقام توجيه الرواية إلى أنه إذا تعذر حملها على إرادة ظاهرها من كونه زيادة في الصلاة حقيقة بحسب ما يتفاهم عرفا من لفظ الزيادة وجب حملها على إرادة الزيادة الحكمية أو إرادة كونه فعلا زائدا واقعا في أثناء الصلاة مخلا بها وكيف كان فالتعبير الواقع في النصوص بان السجود زيادة في الفريضة كالنص على كونه مخلا خصوصا مع اعتضاده بفهم الأصحاب وفتواهم بل عن غير واحد دعوى الاجماع على بطلان الفريضة بسجدة العزيمة كما ربما يؤيده أيضا بل يشهد له بعض الأخبار الآتية التي وقع فيها الامر بالايماء بدلا عن السجود إذا كان في الفريضة واما بعض الروايات التي زعم دلالتها
(٢٩٣)