وصحيح ابن أبي عمير عن الخزاز قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انا ابتلينا وكنا في السفينة فأمسينا ولم نقدر على مكان نخرج فيه فقال أصحاب السفينة ليس نصلي يومنا ما دمنا ما نطمع في الخروج فقال إن أبي كان يقول تلك صلاة نوح أو ما ترضى ان تصلي صلاة نوح فقلت بلى جعلت فداك فقال لا يضيقن صدرك فان نوحا قد صلى في السفينة قال قلت قائما أو قاعدا قال بل قائما قال قلت فاني ربما استقبلت فدارت السفينة قال تحر القبلة جهدك وخبر ابن عذافر قال لأبي عبد الله عليه السلام رجل يكون في وقت الفريضة ولا يمكنه الأرض من القيام عليها من كثرة الثلج والماء والمطر والوحل أيجوز ان يصلي الفريضة في المحمل فقال نعم هو بمنزلة السفينة ان أمكنه قائما والا قاعدا وكل ما كان من ذلك فالله أولى بالعذر ولكنك خبير بأنه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الاستشعارات أصلا فضلا عن معارضتها بما عرفت ودعوى ان اطلاق تنزيل الصلاة في المحمل منزلة الصلاة في السفينة في خبر ابن عذافر يقتضي عمومه من الطرفين على تقدير التسليم غير مجدية بعد ان قوينا في المحمل أيضا الجواز اختيارا على تقدير التمكن من استيفاء الافعال والشرائط واما خبر حماد ومضمرة علي فمحمولان على ما إذا كانت الصلاة في السفينة في معرض الاختلال بشئ من اجزائها وشرائطها كما يشهد بذلك مضمونهما هذا مع امكان حمل الأمر والنهي الواردين فيهما على الاستحباب والكراهة فلا تصلحان لمعارضة الأخبار المتقدمة التي كادت تكون صريحة في جوازها اختيارا ولذا ذهب غير واحد من المتأخرين إلى جوازها اختيارا حتى مع استلزامها الاخلال بالقياس أو الاستقبال وغيرهما من الشرائط والاجزاء الاختبارية وفاقا لظاهر المحكى عن بعض القدماء استنادا إلى اطلاق الأخبار المتقدمة السالمة عما يصلح لتقييدها أو معارضتها بعد ضعف الخبرين الأخيرين سندا وامكان حملهما على الكرامة والاستحباب بل يستشعر من بعضهم نسبته إلى الأصحاب حيث جعل فهمهم الاطلاق من تلك الروايات من مؤيدات مذهبة ولكنه لا يظن بأحد منهم ممن اطلق القول بالجواز من غير تصريح لعمومه للفرض ارادته لهذه الصورة فان المتبادر من القول بجوازها اختيارا أو المنع عنها كذلك انما ارادتها من حيث كونها صلاة في السفينة بلحاظ استلزامها حركة تبعية ناشئة من سير السفين أو عدم استقرارها على الأرض دون العوارض الموجبة لعدم تمكنه من فرائض الصلاة من القيام والركوع والسجود ونحوها وكيف كان فالأقوى اختصاص الجواز بصورة المتمكن من استيفاء الاجزاء والشرائط والأخبار المتقدمة بحسب الظاهر ليست مسوقة الا لبيان أصل الجواز فلا اطلاق لها من هذه الجهة مع أن مغروسية اعتبار هذه الأمور في الأذهان وعدم جواز الاخلال بها مهما أمكن يوجب صرف الاطلاق على تقدير تسليمه إلى ما إذا لم يستلزم خللا في الفعل اللهم الا ان يدعى ان اختلال شئ منها من اللوازم العادية للصلاة في السفينة فلا يجوز على هذا التقدير صرف الاطلاق إلى إرادة حكمها من حيث هي كما عرفت ذلك عند التكلم في دلالة الرواية النافية للباس عن سؤر اكل الجيف ما لم تر في منقاره دما على طهارة بدن الحيوانات بزوال العين لكن الدعوى غير مسموعة بل الغالب التمكن من فعلها تامة الاجزاء والشرائط نعم بناء على اعتبار الجزم في النية في صحة العبادة اي الوثوق بسلامة العمل عن طرو المنافي مع الامكان أمكن القول بسقوط شرطيته في المقام بدعوى ان الغالب عدم الوثوق بذلك في السفينة السائرة خصوصا بالنسبة إلى الاستقبال لو لم نقل باتساع الجهة للبعيد ولكنك عرفت مرارا ضعف المبني وربما يشهد للقول بجوازها مطلقا ما عن الصدوق في الهداية مرسلا قال سئل الصادق عليه السلام عن الرجل يكون في السفينة وتحضر الصلاة أيخرج إلى الشط فقال لا ايرغب عن صلاة نوح فقال صل في السفينة قائما فإن لم تهيأ لك من قيام فعلها قاعدا فان دارت السفينة فدره معها وتحر القبلة جهدك فان عصفت الريح ولم تهيأ لك ان تدور إلى القبلة فصل إلى صدر السفينة ولا تجامع مستقبل القبلة ولا مستدبرها وعن الفقه الرضوي إذا كنت في السفينة وحضرة الصلاة فاستقبل القبلة وصل ان أمكنك قائما والا فاقعد إذا لم تهيأ لك فصل قاعدا وان دارت السفينة فدر معها وتحر القبلة وان عصفت الريح فلم تهيا لك ان تدور إلى القبلة فصل إلى صدر السفينة ولا تخرج منها إلى الشط لأجل الصلاة وروى انك تخرج إذا أمكنك الخروج ولست تخاف عليها انها تذهب ان قدرت ان توجه نحو القبلة وان لم تقدر تلبث مكانك هذا في الفرض ويجزيك في النافلة ان تفتح الصلاة تجاه القبلة ثم لا يضرك كيف دارت السفينة القول الله تبارك وتعالى فأين ما تولوا فثم وجه الله والعمل ان تتوجه إلى القبلة وتصلي على أشد ما يمكنك في القيام والقعود ثم إن يكون الانسان ثابتا في مكان أشد لتمكنه في الصلاة من أن يدور لطلب القبلة انتهى ولكنك خبير بأنه لا يمكن اثبات مثل هذا الحكم المخالف للأصل واطلاقات أدلة التكاليف بمثل هذه الأخبار الضعيفة مع معارضتها بحسنة حماد ومضمرة علي بن إبراهيم المتقدمتين بل وبالمرسل المروي في الرضوي الذي هو أوثق من نفسه فالأقوى ما عرفت من اختصاص الجواز على تقدير التمكن من الخروج بما إذا لم يستلزم الصلاة في السفينة الاخلال بشئ من الشرائط والاجزاء الاخبارية والا فلا يجوز كما صرح به غير واحد بل لعله هو المشهور ولو دخل في الصلاة عند تمكنه من الخروج بزعم القدرة على استيفاء فرائضها فطرء العجز عن ذلك رفع اليد عنها وصلي في الخارج خلافا لبعض فأوجب المضي عليها نظرا إلى حرمة قطع الصلاة وفيه ان مقتضي اطلاق أدلة الشرائط والاجزاء انقطاع الصلاة عند الاخلال بها فلا يعمها حينئذ أدلة حرمة القطع مع أنك تعرف إن شاء الله في احكام القواطع ان الاستدلال بدليل حرمة القطع في مثل هذه الموارد في حد ذاته لا يخلو عن مناقشة نعم لو طرء العجز عن استيفاء الافعال بعد صيرورته عاجزا عن الخروج مضي في صلاته لتبدل الموضوع حينئذ اللهم الا ان يكون في سعة الوقت ولم نقل بجوازها في السعة ولكنه خلاف التحقيق الثالث فيما يستقبل له ويجب الاستقبال في فرائض الصلاة اي الصلوات المفروضة مطلقا حتى حال في لتشاغل بشئ من اجزائها أو الاشتغال باجزائها المسنونة مع الامكان كما يدل عليه إليه الكتاب والسنة بل لعله من ضروريات الدين فضلا عما ادعى عليه من اجماع المسلمين ولا فرق فيهما بين اليومية وغيرها حتى صلاة الجنازة ولا بين الأدائية والقضائية والسفرية والحضرية ويلحق بها ركعات الاحتياط والأجزاء المنسية
(١٠٧)