أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون اماما فيستفتح بالحمد ولا يقرء بسم الله الرحمن الرحيم فقال لا بأس ولا يضره إذ النصوص الدالة على وجوبها مع الفاتحة كالاجماعات المنقولة عليه لعلها متواترة وفي الأخبار المتقدمة أيضا شهادة يكون المقام مقام التقية والله العالم ولا يجزي المصلي عن الفاتحة ترجمتها ولو بالعربية فضلا عن الفارسية اختيارا بلا شبهة فان ترجمتها ليست عين فاتحة الكتاب المأمور بقرائتها كي تكون مجزية ويجب عليه ترتيب كلماتها وايها على الوجه المنقول بلا خلاف فيه على الظاهر لأنه هو المنساق إلى الذهن من اطلاق أدلتها فلو خالف عمدا أعاد الصلاة إذا فرض خروجه بذلك عن القرآنية ودخوله في كلام الآدميين والا فالمتجه في لإعادة ان تداركه قبل فوات محله كما سيأتي تحقيقه في مباحث الخلل إن شاء الله وان كان ناسيا استأنف القراءة ما لم يركع إذا فرض فوات الموالاة المعتبرة بين اجزاء الكلام والإعادة على ما يحصل معه تدارك ما أخل به فلو قدم مثلا مالك يوم الدين على الرحمن الرحيم اجزاه إعادة مالك يوم الدين دون الرحمن الرحيم وان كان هذا اي إعادة ما اخره أيضا أحوط بل لا يخلو وجوبه عن وجه فان ركع مضى في صلاته ولو ذكر اجماعا كما ادعاه في الجواهر لعموم قوله عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة الحديث مضافا إلى فحوى ما دل على عدم بطلان الصلاة بترك الفاتحة سهوا ولا بزيادة الكلام كذلك ومن لا يحسنها يجب عليه التعلم ولو قبل دخول الوقت لدى العلم بعدم التمكن منه بعده كما يظهر وجهه مما حققناه في أول كتاب الطهارة عند التكلم في وجوب الغسل في الليل لصوم غده وربما استظهر من اطلاق المتن وغيره كون التعلم واجبا عينيا لا تخييريا بينه وبين الايتمام أو متابعة الغير في القراءة وقد قواه في الجواهر بعد ان حكى عن كاشف الغطاء التصريح به وفرع عليه انه لو تركه في السعة وائتم اثم وصحت صلاته ولا يخفى عليك ان هذا انما يتجه لو قيل بكون التعلم واجبا نفسيا وهو ليس كذلك إذ لا دليل عليه وانما أوجبناه مقدمة للقرائة الواجبة في الصلاة فمتى فرض قدرته على الاتيان بصلاة صحيحة مبرئة لذمته بدون تعلم القراءة بان يأتم غيره لا يتعين عليه تعلمها وما يقال من أن الايتمام لأجل توقفه على فعل الغير الخارج عن قدرته ليس فعلا اختياريا له كي يتخير بينه وبين التعلم مدفوع أولا بأنه لو لم يكن فعلا اختياريا له لامتنع تعلق التكليف به مع أنه أفضل فردي الصلاة الواجبة عليه وثانيا بأنه يكفي في عدم تنجز التكليف بالمقدمة علمه بحصول ذيها ولو بفعل الغير من غير توقفه على هذه المقدمة نعم تعلقه بفعل الغير قد يكون مانعا عن الجزم ببقاء القدرة على اتمام الصلاة مأموما كما أن احتمال طر وبعض موانع الايتمام في الأثناء أيضا كالحيلولة أو الفصل الكثير كذلك فعند تركه للتعلم قد لا يحصل له الاطمينان بعدم احتياجه إلى القراءة فلا يتأتى منه قصد القربة على سبيل الجزم فعلى القول باعتبار الجزم في النية كما هو المشهور اتجه حينئذ بطلان صلاته لا صحتها وكونه اثما بترك التعلم كما ذكره في الجواهر نعم لو لم نعتبر الجزم في النية وقلنا بصحة صلاته وان احتمل حال التلبس بها عدم سلامتها عن الطواري أمكن توجيه الاثم في مثل الفرض من باب التجري لاستلزام تلبسه بالصلاة مع جهله بالقراءة واحتمال عروض موانع الاقتداء العزم على قطع صلاته على خلاف ما يقتضيه تكليفه وكيف كان فمقتضى الأصل عدم وجوب التعلم عينا الا إذا امتنع الخروج عن عهدة التكليف بالصلاة بدونه والا فالواجب هو القدر المشترك بينه وبين غيره مما يتمكن معه من الخروج عن عهدة الواجب لا خصوص شئ منها بعينه واطلاق حكم الأصحاب بوجوبه انما هو بالنظر إلى ما هو تكليفه من حيث هو فهو مصروف عن فرض القدرة على الايتمام اي غير ملحوظ من هذه الجهة كما أن اطلاق حكمهم بوجوب الاتيان بما تيسر أو بغيره مما ستسمعه لدى العجز عن التعلم انما هو بهذه الملاحظة وهل يجوز القراءة من المصحف اما لدى الضرورة وعدم القدرة على الحفظ فمما لا شبهة فيه بل ربما يظهر من غير واحد دعوى الاجماع عليه واما مع التمكن من الحفظ فعن المصنف والعلامة وجماعة من المتأخرين الجواز لاطلاق أدلة القراءة وخصوص رواية الحسن بن زياد الصيقل قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرء فيه يضع السراج قريبا منه فقال لا بأس بذلك وحكى عن جماعة منهم العلامة في التحرير والشهيد في الذكرى والدروس والمحقق الثاني القول بالمنع الا على تقدير في لتمكن من الحفظ بدعوى انه هو المتبادر من الامر بالقراءة في الصلاة واستدل له أيضا بقاعدة الاشتغال وبالخبر العامي ان رجلا سئل النبي صلى الله عليه وآله فقال إني لا أستطيع ان احفظ شيئا من القرآن فماذا اصنع فقال له قل سبحان الله والحمد لله إذ لو جاز القراءة من القرآن لامره به وخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل والمرأة يضع المصحف امامه ينظر فيه ويقرء ويصلي قال لا يعتد بتلك الصلاة ولان القراءة من المصحف مكروهة اجماعا كما عن الايضاح ولا شئ من المكروه بواجب اجماعا وفي الجميع نظر اما دعوى الانصراف فيتوجه عليها أولا المنع خصوصا في الأوامر المتعلقة بقراءة بعض السور الطوال التي لا يحفظها غالب الناس أو لا يحصل لهم الوثوق غالبا بصحتها عند القراءة عن ظهر القلب ولو سلم فهو بدوي منشأه غلبة الوجود ولا أقل من عدم كونه بحيث يجعل اللفظ ظاهرا في ارادته بالخصوص فمع الشك في اعتبار الخصوصية (يرجع) إلى ما يقتضيه الأصول العملية وهي البراءة كما حققناه في محله وبهذا ظهر لك ما في الاستدلال له بقاعدة الاشتغال فان اطلاقات الأدلة واردة على القاعدة وعلى تقدير تسليم قصور الاطلاقات عن الدلالة على كفاية القراءة عن المصحف فالمرجع قاعدة القراءة لا الاشتغال واما النبوي فبعد الغض عن سنده وعدم وضوح وروده في الصلاة فمورده على الظاهر هو العامي المحض كما هو الغالب فيمن لا يستطيع ان يحفظ شيئا من القرآن والا لامره النبي صلى الله عليه وآله بالقراءة من المصحف لتقدمها على التسبيح والتحميد لدى الضرورة اجماعا كما ادعاه غير واحد واما خبر علي بن جعفر فمقتضى الجمع بينه وبين رواية الصيقل المتحدة معه موردا بمقتضى ظاهر السؤال الحمل على الكراهة ولا يصح تنزيل اطلاق نفي الباس الوارد في خبر الصيقل على من لا يستطيع ان يقرء شيئا من القرآن حتى الفاتحة عن ظهر القلب فإنه تنزيل على فرد نادر بل غير واقع بحسب العادة إذا العادة قاضية بحفظ فاتحة الكتاب وشئ من القرآن ما يقرء الرجل في صلاته الخمس قبل ان يصير عارفا بقراءة المصحف ويتلوه
(٢٧٧)