فيه بل وكذا لا شبهة في امتداد وقتها إلى الغروب كما في كثير من تلك الأخبار التصريح بذلك بل لا خلاف في ذلك أيضا في الجملة وانما الخلاف في مقامين أحدهما في أن مجموع هذا الوقت المحدود بين الحدين وقت اختياري للصلاتين يجوز تأخيرهما بلا عذر إلى اخر الوقت أو ان أوله وقت للمختار واخوه للمعذور والمضطر وثانيهما في أن كلا من الصلاتين مشتركة مع الأخرى في مجموع الوقت فيدخل وقت كل منهما بالزوال ويمتد إلى الغروب لكن منع عن اتيان العصر في أول الوقت ترتبها على الظهر أو انه بالزوال يدخل وقت مجموع الصلاتين من حيث المجموع مرتبة ثانيهما على الأولى لا وقت كل واحدة منهما مستقلة اما الكلام في المقام الأول فسيأتي عند تعرض المصنف رحمه الله له واما المقام الثاني فالمشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم انه يختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها وكذلك العصر من اخره وما بينهما من الوقت مشترك خلافا لما حكى عن ظاهر الصدوقين من القول بأنه إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر الا ان هذه قبل هذه وربما يظهر مما حكى عن المعتبر شيوع القول بذلك بين القدماء فإنه بعد ان حكى عن الحلي الطعن على القائلين بهذا القول وتخطئتهم في ذلك انكر عليه تمام الانكار وبالغ في التشيع عليه وقال في طي كلماته المحكية عنه ان ذلك نص من الأئمة عليهم السلام وقد رواه زرارة وعبيد والصباح بن سبابه ومالك الجهني ويونس عن العبد الصالح وأبي عبد الله عليهما السلام على أن فضلاء الأصحاب رووا ذلك وأفتوا به فيجب الاعتناء بالتأويل لا الاقدام بالطعن ثم قال ويمكن ان يتأول ذلك من وجوه أحدها ان الحديث تضمنت الا ان هذه قبل هذه وذلك يدل على أن المراد بالاشتراك ما بعد الاختصاص الثاني انه لما لم يكن للظهر وقت مقدر بل اي وقت فرض وقوعها فيه أمكن فرض وقوعها فيما هو أقل منه حتى لو كانت الظهر تسبيحة كصلاة شدة الخوف كانت العصر بعدها ولأنه لو ظن الزوال ثم دخل الوقت قبل اكمالها يلحظه أمكن وقوع العصر في أول الوقت الا ذلك القدر فلقلة الوقت وعدم ضبطه كان التعبير عنه بما ذكر في الرواية من الخص العبادات وأحسنها الثالث ان هذا الاطلاق يتقيد برواية داود بن فرقد واخبار الأئمة عليهم السلام وان تعددت في حكم الخبر الواحد انتهى وقد يقال أيضا في تأويل الاخبار التي تقدمت (الإشارة إليها الدالة على دخول وقت الصلاتين بالزوال بما تقدمت) الإشارة إليه من أن المراد بدخول وقت الصلاتين دخول وقت المجموع من حيث المجموع على سبيل التوزيع بل قد يقال إن هذا هو الذي يقتضيه ترتب العصر على الظهر المستفاد من قوله عليه السلام الا ان هذه قبل هذه فان مقتضاه كون حال صلاة العصر حال الركعة الثانية من صلاة الظهر التي يمتنع دخول وقتها الا بعد مضي مقدار ركعة من الزوال وكالتشهد والتسليم الواقعين في اخر الصلاة الذين لا يدخل وقتهما الا بعد مضي مقدار ما تقدمهما من الاجزاء واستشهد بعض أيضا الإرادة دخول وقتهما على سبيل التوزيع بأنه ورد في الصحاح إذا زالت الشمس دخل الوقتان وإذا غربت دخل الوقتان ولفظ الوقتين حقيقة في وقتين متعددين ومحال دخول وقتين كذلك بمجرد الزوال والغروب الا على سبيل التوزيع أقول دخول وقتين متعددين حقيقة في زمان واحد على سبيل التوزيع لا يخلو عن مناقضة وتعدد الوقتين انما هو بلحاظ تعدد الفعلين الموقتين فالمراد بدخول الوقتين دخول وقت الصلاتين اي الوقت الذي اعتبره الشارع شرطا لصحتهما على تقدير استجماعهما لسائر الشرائط المعتبرة فيهما ولا استحالة في دخول وقت العصر بهذا المعنى بمجرد الزوال وكون العصر مرتبة على الظهر لا يصلح مانعا عن صلاحية الوقت من حيث هو لفعلها على تقدير استجماعها لشرائط الصحة التي منها الترتيب وانما يمنع ذلك عن حصول فعلها جامعة للشرائط في أول الوقت ويظهر اثر كون الوقت صالحا للفعل فيما لو انتفت شرطية الترتيب كما لو غفل عن الظهر أو اعتقد فعلها فصلى العصر أو فعلها بزعم دخول الوقت ثم اتى بالعصر بعدها فانكشف بعد الفراغ وقوع العصر في أول الوقت والظهر قبله إلى غير ذلك من الأمثلة التي يحكم فيها بسقوط الاشتراط فان الأظهر اختصاص شرطية الترتيب بحال التذكر كما ستعرفه في محله إن شاء الله ويظهر اثره أيضا فيما إذا حصلت براءة الذمة عن الظهر ولو بمقتضى ظاهر التكليف قبل مضي مقدار أدائها من أول الوقت كما لو اعتقد دخول الوقت فصلى الظهر ثم دخل الوقت في اخر صلاته قبل اكمالها بلحظه فإنه يصح صلاة الظهر في الفرض فله الدخول حينئذ في صلاة العصر وستعرف ان هذا لا يجتمع مع القول بالاختصاص وان جعل المصنف رحمه الله الوقت المختص بالظهر في هذا الفرض خصوص هذه اللحظة ولكنك ستعرف عدم استقامته وكذا لو صلى الظهر بزعم دخول الوقت ثم شك بعد الفراغ في الزوال فيحكم صحة صلاته السابقة القاعدة الشك بعد الفراغ لكن لا يثبت بذلك دخول الوقت لما عرفت مرارا من عدم الاعتداد بالأصول المشتبه فله بعد ان علم أو ظن بالزوال الشروع في صلاة العصر وهذا بخلاف ما لو قلنا بأنه لا يدخل وقتها الا بعد مضي مقدار أداء الظهر فإنه يجب على هذا التقدير الصبر إلى أن يعلم أو يظن بمضي هذا المقدار من الزوال وبما ذكرنا ظهر ما في كلام صاحب المدارك حيث استدل على اختصاص الظهر من أول الوقت بمقدار أدائها بأنه لا معنى لوقت الفريضة الا ما جاز ايقاعها فيه ولو على بعض الوجوه ولا ريب ان ايقاع العصر عند الزوال على سبيل العمد ممتنع وكذا مع النسيان على الأظهر لعدم الاتيان بالمأمور به على وجه وانتفاء ما يدل على صحته مع المخالفة وإذا امتنع وقوع العصر عند الزوال انتفى كون ذلك وقتا لها انتهى وقد ظهر أيضا بما ذكرنا ضعف الاستشهاد لإرادة دخول الوقتين متعاقبين من الاخبار بما تضمنته من قوله عليه السلام الا ان هذه قبل هذه لما عرفت من عدم الملازمة بين الترتيب بين الصلاتين كما هو مدلول هذه العبارة وبين الترتيب وقتيهما نعم المتبادر من قول القائل إذا زالت الشمس دخل وقت العمل الكذائي إرادة دخول وقته الفعلي الذي يجوز فيه ذلك الفعل فهو بمنزلة ما لو قال إذا زالت الشمس جاز ذلك الفعل لا الوقت الثاني الذي لا يصح ايقاعه فيه الا على بعض الفروض النادرة الخارجة عن اختيار المتكلف كما هو الشان في الملام؟
(١٩)