روايتي العيون والخصال بكونه تحليلا لا بكونه من كلام الآدميين كي يختص مانعيته بما إذا قصد به المكالمة مع المخلوقين لا المناجاة مع الخالق بل وقد يبعد حصول قصد التحية المحضة من المصلى بتوجه المخاطبة إلى المسلم عليهم بحيث يندرج في الكلام مع المخلوقين بالنسبة إلى السلام علينا بل الغالب ان المصلي لا يأتي بهذا الصيغة الا كما يأتي بالشهادتين في كونه متوجها إلى الخالق لا متكلما مع المخلوق والظاهر أنه لا يصدر من العامة أيضا غالبا الا بهذا النحو خصوصا مع بنائهم على أنه من اجزاء التشهد فهو في الغالب المتعارف مندرج في موضوع الدعاء والمناجاة مع الرب لا الكلام المبطل ولكن اندراجه تحت هذا الموضوع لا يجدى في جواز الاتيان به في الأثناء بعد ان جعل الشارع تحليلا وانصرافا فما ذكره قدس سره من كون النهي عنه في التشهد محمولا على ما إذا قصد به التحية التي أراد بها التحية المحضة المحقة له بكلام الآدميين مع كونه تنزيلا على ما هو خلاف المتعارف ينافيه تعليل النهي في الخبر الدال عليه بان التسليم تجليل بعد ان اعترف في ذيل كلمه بان قصد الدعائية لا يقدح في تحليليته وكيف كان فالأظهر عدم جواز الاتيان بهما في أثناء الصلاة مطلقا الا ان يأتي بهما على وجه يخرجهما عن الحقيقة التي يتحقق بهما الانصراف بحيث لو اتى بهما كذلك في اخر صلاته أيضا لم يتحقق بهما الخروج كما لو جعلهما جزء من دعاء على سبيل الحكاية (ونحوه) كما أن الأظهر عدم اعتبار قصد شي من صحته السلام الذي تجعل تحليلا للصلاة الا ايجاد لفظه الذي هو احدى الصيغتين بداعي الخروج عن عهدة التكليف المتعلق به كما في ساير أذكار الصلاة من القراءة والتشهد وغيره فلا يعتبر فيه لا قصد الخروج كما عرفته فيما سبق ولا قصد الدعائية ولا التحية ضرورة صحة صلاة من الا يتعقل مفهومه أصلا من أنه دعاء أو تحته حيت يقصده واما لو قصد بهما التحية أو الدعائية أو كليهما فإن كان ذلك في الصيغة الأولى فلا يقدح ذلك في صحتها بلا اشكال لان مفهومها حقيقة هو التحية على المسلم عليهم ودعاء لهم بالسلامة فقصد كل منهما أو كليهما لو لم يكن أولى من تعريتها عن هذا القصد وصرف التعبد بلفظه فليس موجبا لمغايرة المأتي به للمأمور به كي يؤثر في بطلانه وان كان في الصيغة الثانية فكذلك مع ابقائها على حقيقتها من توجيه السلام إلى المقصودين بالضمير على سبيل الخطاب كما هو مدلول هذه الصيغة واما لو استعملها في الدعاء المحض وادرجها في ضمن المناجاة مع الرب بان جردها عن المخاطبة مع المقصودين بالضمير ونزول الضمير منزلة التعبير بأسمائهم نظير قولك عند إرادة الدعاء لشخص غائب في طي كلامك مع زيد ذكرك الله بالخير يا فلان لقد كان كذا ففي صحتها أو تحقق الخروج بها تأمل فان السلام عليكم المستعمل بمعنى سلمهم الله في الحقيقة مهية أخرى غير المهية التي تنسبق إلى الذهن من أدلة التسليم كما أن الامر كذلك فيما لو أراد به التحية على الجماعة الحاضرة عنده المغايرة لمن اراده الشارع من الامر بالتسليم عليهم أو أراد به رد سلامهم فان قصد التحية على الغير أورد سلامهم يصرف لفظ السلام عليكم عن أن يقع على وجهه الذي اراده الشارع فتكون مهية أخرى غير ما اراده الشارع وان شاركتها في اللفظ إذا المعنى وان لم يجب قصده في مقام إطاعة الامر بالتسليم ولكنه ملحوظ لدى الامر في طلبه كما في الشهادتين وغيرهما من الأذكار المعتبرة في الصلاة كما لا يخفى ثم إن المبحث عما أشار إليه شيخنا المرتضى رحمه الله في أثناء كلامه المتقدم من أنه لو اتى بالسلام بينه الخروج في أثناء الصلاة سهوا فهل يتحقق به الخروج وما يأتي بعده من تتمة الصلاة فرض مستأنف يتدارك به النقص الواقع في الصلاة كقضاء السجدة أو التشهد المنسيتين بعد التسلم أو ان التسليم يقع لغوا وبعبارة أخرى متعلق السهو في مثل الفرض هل هو التتمة التي تركها قبل التسليم وقد جعل الشارع لها بدلا وهو قضائها بعد التسليم أو نفس التسليم لوقوعه في غير محله فألغاه الشارع أو يختلف ذلك في الموارد يأتي تحقيقه في محله انشاء الله وستعرف انشاء الله
(٣٨٣)