قابلا للتشكيك في صدقه على ما قبل طلوع الشمس بلحاظ شيوع استعماله فيما بعده وان كان مقتضى الانصاف وضوح صدقهما عليه وعدم صحة السلب عنه لكن لا مجال للتشكيك في عدم صدق اسم الليل عليه كما هو واضح وربما يستدل للقول المزبور اي كون بين الطلوعين من الليل باخبار قاصرة السند غير متضحة المفاد كخبر عمر بن حنظلة انه سال أبا عبد الله عليه السلام فقال له زوال الشمس نعرفه بالنهار فكيف لنا بالليل فقال لليل زوال كزوال الشمس قال فبأي شئ نعرفه قال بالنجوم إذا انحدرت وخبر أبي بصير المروي عن كتاب محمد بن علي بن محبوب عن أبي جعفر عليه السلام قال دلوك الشمس زوالها وغسق الليل بمنزلة الزوال من النهار وغير ذلك مما وقع فيه التعبير عن الانتصاف بالزوال مثل مكاتبة الحسين قال كتبت إليه في وقت صلاة الليل فكتب عند زوال الليل وهو نصفه أفضل وفي الرياض بعد ان نقل القول باعتبار طلوع الشمس في النصف عند البحث عن وقت صلاة الليل عن بعض الأصحاب واستدل عليه بالخبرين وطعن في سنديهما قال الا انهما مناسبان لتوزيع الصلوات على أوقاتها ومع ذلك هو أحوط جدا سيما مع وقوع التعبير عن الانتصاف بالزوال في غيرهما من الاخبار وان كان فيه أيضا قصور في السند لاحتمال حصول الجبر بكثرة العدد فتأمل انتهى ولعله أشار بالتأمل إلى عدم صلاحية الكثرة لجبر مثل هذه الروايات المتأكد وههنا بمخالفة المشهور وما ذكره من أنه أحوط فكأنه أراد بالنسبة إلى صلاة الليل التي هي محل الكلام والا فبالنسبة إلى صلاة العشاء خلاف الاحتياط كما هو واضح واما ما ذكره من مناسبة الروايتين لتوزيع الصلوات على أوقاتها فلم نتحصل مراده وكيف كان فلا يخفى عليك ان دلالة الروايات المتقدمة على المدعى أضعف من سندها اما ما عدى الرواية الأولى فواضح إذا لم يثبت ان زوال الليل الذي وقع التعبير به عن النصف أريد منه الوقت الذي مالت الشمس فيه عن دائرة نصف النهار من تحت الأرض بل الظاهر أن المراد بزوال الليل هو لنصفه؟ على اجماله وكذا غسق الليل على ما يظهر من الأخبار الواردة في تفسيره ليس الا ذلك فهو بمنزلة الزوال من النهار الذي أريد منه يوم الأجير لا يوم الصوم فتشبيه غسق الليل بالزوال من النهار أو التعبير عن نصف الليل بالزوال أو ما جرى هذا المجرى لا يدل على أن الليل يمتد إلى طلوع الشمس نعم ربما يستشعر ذلك من المناسبة بين الغسق المفسر بنصف الليل وبين وصول الشمس إلى دائرة نصف النهار من تحت الأفق ومن مقابلة اليوم بالليل في هذه الاستعمالات التي أريد فيها من اليوم يوم الأجير لكن لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الإشارات في اثبات المعنى المخالف للعرف واللغة كما هو واضح واما الرواية الأولى فتقريب الاستشهاد بها لمدعى الخصم هو ان المراد بالنجوم النجوم الطوالع عند غروب الشمس فانحدارها عبارة عن ميلها عن دائرة نصف النهار وهذا لا يكون الا عند انتصاف الليل إذا كان اخره طلوع الشمس وفيه ان الرواية بحسب الظاهر مسوقة لبيان معرف تقريبي لمعرفة انتصاف الليل باستنباطه من سير الكواكب وميلها إلى الأفول والا فلا يستقيم هذا التعريف سواء قلنا بان الليل إلى طلوع الشمس أم إلى طلوع الفجر لا لمجرد ما قيل عن أن النجوم لا تستبين عند الغروب فالمراد بها النجوم التي تتبين في ناحية المشرق أوائل الليل وتنحدر في أواسطه بل لاختلاف مطالع الكواكب فما ذكر في تقريب الاستدلال انما يستقيم بالنسبة إلى كوكب طلع أول الليل من مشرق الشمس في نهاره فيكون غروبه مقارنا لطلوع الشمس في غده تقريبا واما إذا طلع من مطلع اخر فيختلف اختلافا فاحشا فإنه ربما يغيب قبل نصف الليل إذا كان قريبا من القطب الجنوبي وربما لا يتعدى عن دائرة نصف النهار إلى قريب طلوع الفجر إذا كان عكسه وحمل النجوم على إرادة خصوص الكوكب المفروض طلوعه أول المغرب من مشرق الشمس في ذلك اليوم بالخصوص كما ترى فليس المقصود بالرواية الا الارشاد إلى طريق معرفة انتصاف الليل على سبيل التقريب وكيف كان فهذه اخبار متشابهة لا يجوز رفع اليد بواسطتها عن المحكمات وقد أشرنا إلى أنه لا اجمال في مفهوم الليل ولا خفاء في عدم صدقه على ما بعد الصبح الصادق لا لغة ولا عرفا ولا شرعا فلا يجوز التشكيك في ذلك بمثل هذه الأخبار ولو على تقدير تسليم ظهورها في المدعى فان أمكن توجيهها على وجه لا ينافي ذلك فهو والا وجب رد علمها إلى أهله فظهر بما ذكرنا ان انتصاف الليل الذي هو اخر وقت صلاة العشاء وأول وقت صلاة الليل هو المنتصف بين المغرب وبين طلوع الفجر لا بين غيبوبة الفرص وطلوعها كما توهمه بعض الأصحاب على ما حكاه عنه في الرياض في عبارته المتقدمة ويظهر من مرسلة حفص المروية عن العسكري عليه السلام ان علامة انتصاف الليل ظهور بياض في وسط السماء قال عليه السلام إذا انتصف الليل ظهر بيان في وسط السماء شبه عمود في حديد يضيئ له الدنيا فيكون ساعة ويذهب ثم يظلم فإذا بقي الثلث الأخير من الليل ظهر بياض من قبل المشرق فأضائت له الدنيا فيكون ساعة ثم يذهب وهو وقت صلاة الليل ثم يظلم قبل الفجر ثم يطلع الفجر الصادق من قبل المشرق وقال من أراد ان يصلي في نصف الليل فيطول فذاك له ولو أريد من البياض المشرقي الفجر الكاذب لكان تحديد وقت ظهوره بالثلث الأخير من الليل من مؤيدات القول بامتداد الليل إلى طلوع الشمس إذ ليس ما بين الفجرين بقدر ثلث الليل واما بضميمة ما بين الطلوعين فربما يقرب من ذلك وان لا يخلو أيضا عن تأمل فلعله أريد به بياض اخر والله العالم ووقت ركعتي الفجر على ما ذكره المصنف رحمه الله في المتن ومحكى المعتبر بعد طلوع الفجر الأول وقتهما حكى عن السيد والشيخ في المبسوط وقيل إن أول وقتهما بعد الفراغ من صلاة الليل والوتر ولو في أول وقتها بل في الحدائق نسبة إلى المشهور لكن في عدم القولين متقابلين تأملا إذ لا خلاف على الظاهر في جواز (؟؟) في صلاة الليل ولو في أول وقتها ولم يظهر من التوقيت المنسوب إلى المشهور جواز تقديمها على الفجر في غير هذه الصورة على تقدير التزامهم بذلك لم يعلم مخالفة المصنف وغيره لهم في ذلك بل ظاهر اطلاق المتن حيث قال ويجوز ان يصليهما قبل ذلك جواز الاتيان بهما قبل الفجر الأول من غير دس أيضا بان تقتصر على فعلهما قبل الفجر من غير نافلة الليل فلذا قد يستشكل فيما اراده من التوقيت المذكور فان جواز تقديمها على الفجر على الاطلاق ينافي تحديد
(٥٥)