من ذلك فلا وما عن المحقق السبزواري من الخدشة فهيا بأنها غير ناهضة بالتحريم كأنه في غير محله فان ظاهره إرادة الجواز والمنع من الاستقامة وعدمها كما لا يخفى ويشهد له أيضا قوله عليه السلام في الصحيحة المتقدمة وليكن مستويا إذ لا مقتضى لصرفه عن ظاهره فيما زاد على اللبنة ويمكن الخدشة فيه بان المتبادر منه بقرينة السؤال ليس الا إرادة ما يقابل الارتفاع لا الاستواء حقيقة ولكنه لا يخلو عن تأمل بل منع مع أن في الموثقة المزبورة غنى وكفاية ولا يعارضها خبر محمد بن عبد الله عن الرضا عليه السلام في حديث انه سأله عمن يصلي وحده فيكون موضع سجوده أسفل من مقامه فقال إذا كان وحده فلا بأس فإنه لا يأبى عن التقييد بالموثقة مع أن ما فيه من التفصيل بين المنفرد وغيره مما لم ينقل القول به عن أحد فالأولى رد علمه إلى أهله أو حمل ما فيه من التفصيل بعد تقييده بالموثقة على الاستحباب وحكى عن غير واحد من المتأخرين بل ربما استظهر من الأكثر حيث اقتصروا على المنع عن ارتفاع موضع الجبهة بما يعتد به جواز انخفاضه مطلقا بل عن التذكرة دعوى الاجماع عليه وهو لا ينهض حجة لاثباته إذ لا اعتداد بنقل الاجماع خصوصا مع معروفية الخلاف ومعارضته بالموثق فالقول الأول هو الأقوى وحكى عن ابن الجنيد انه خصص جواز مقدار اللبنة في العلو والهبوط بصورة الاضطرار ويضعفه اطلاق ما دل عليه ولافرق على الظاهر في الارتفاع والانخفاض بين الانحداري والتدريجي لاطلاق ما دل على المنع عنهما فيما عدى ما استثنى والله العالم ثم إن المعتبر عدم ارتفاع موضع الجبهة أو انخفاضه عن الموقف دون بقية المساجد فلا يقدح ارتفاعه عن شئ منها بأزيد من اللبنة أو انخفاضه كذلك مع عدم التفاوت بينه وبين موقفه بهذا المقدار كما نسب إلى المعظم بل المشهور بل الأصحاب مشعرا بعدم الخلاف فيه خلافا لما حكى عن ظاهر العلامة في بعض كتبه والشهيد وبعض من تأخر عنهما فاعتبروا في ظاهر كلامهم على ما نسب إليهم وان لم نتحققه عدم ارتفاعه عن شئ منها بالمقدار المعتد به ولعل مستندهم استظهاره من خبر عبد الله بن سنان الذي هو الأصل في التحديد باللبنة نظرا إلى أن موضع البدن حال السجود انما هو مواضع المساجد فيعتبر بمقتضى ظاهر الخبران لا يكون الجبهة ارفع من شئ منها بأكثر من اللبنة وفيه بعد الغض عن أن المتبادر منه إرادة مجلسه حال الرفع عنه فلا يتناول موضع اليدين ان غاية ما يفهم من الخبر اعتبار عدم ارتفاع موضع الجبهة عن موضع بدنه الذي هو حال السجود مجموع ما يقع عليه مساجده فارتفاعه عن موضع بدنه على الاطلاق لا يكون الا بارتفاعه عن مجموع المواضع التي يستقر عليها بدنه لا عن كل موضع منها فان كلا منها بعض من موضع البدن فالمرتفع عن بعض دون بعض خارج عن مفهوم الخبر حتى بالنسبة إلى المرتفع عن محل الرجلين خاصة فلا يفهم منه المنع عما لو ساوى موضع جبهته ركبتيه وكان موقفه اخفض منه بأكثر من لبنة وانما يستفاد ذلك من غيره كصحيحة عبد الله بن سنان المشتملة على لفظ المقام ومرسلة الكافي التي وقع فيها التصريح بالرجلين مع أنه بالنسبة إلى موضع القدم مما لا كلام فيه وانما الكلام فيما عداه والخبر المزبور قاصر عن إفادة اعتبار هذا الشرط بالنسبة إلى مواضع البدن الا على سبيل الاجمال فلا يفيد مدعى الخصم فيما هو محل الكلام فالقول باعتباره بالنسبة إلى بقية المساجد ضعيف ثم إن المتبادر من النص وفتاوي الأصحاب انما هو إرادة المساواة بين موضع جبهته وموقفه حال السجود فلو كان موقفه حال القيام أسفل أو أعلى ثم انتقل حين السجود إلى موضع يساوي موضع جبهته صح ولا عبرة على الظاهر بالابهامين بل بان ينحني إلى أن يحاذي جبهته موقفه فلو ادخل حال السجود مشط قدمه في مكان منخفض بأزيد من لبنة عن الجهة ووضع ابهامه على ذلك المكان لم يقدح لأن مناط حكمهم بالمنع عن السجود على المرتفع على ما ينسبق إلى الذهن من النصوص والفتاوي انما هو وجوب زيادة الانحناء بحيث يساوي موضع جبهته موقفه ولا يتفاوت انحنائه بذلك كما صرح به غير واحد ولكن الانصاف انه لا يخلو عن تأمل فان مأله إلى اعتبار المساواة بين موضع الجبهة والركبتين واصل القدمين لا موضعهما الذي حال السجود ليس الا موضع الابهامين وكون ما عداه مما هو محل للقدم حال القيام أو الجلوس مرتفعا أو منخفضا أو مساويا مع عدم استقرار أعضاء المصلي عليه حال سجوده مما لا دخل له بسجوده وما في النص وكلمات الأصحاب من التعبير بالمقام أو الموقف بحسب الظاهر جاري مجرى الغالب من وضع الابهامين حال السجود على موقفه في سائر أحوال الصلاة فالمراد به على الظاهر موضع رجليه حال سجوده وهو محل الابهامين ولكن مع ذلك استفادة المنع عن مثل الفرض من النصوص والفتاوي محل نظر لامكان دعوى انصرافها عنه بل يصدق عليه عرفا بعد فرض استواء ما عدى موضع ابهاميه ومساواته لموضع جبهته (ان موضع جبهته) مساو لموضع بدنه وليس بأخفض منه فالقول بنفي الباس عنه أشبه بالقواعد الا ان الاحتياط مما لا ينبغي تركه والله العالم فرع لو وضع جبهته على موضع مرتفع بأكثر من لبنة له ان يرفع رأسه ويسجد على موضع مساو ولا يتحقق به زيادة السجدة المبطلة كما قد يتوهم فإنه وان لم يشترط في صدق اسم السجود عرفا المساواة بين موضع الجبهة والموقف كما تقدمت الإشارة إليه ولكن الشارع اعتبر في سجود الصلاة انحنائه إلى هذا الحد بمعنى انه أوجب الوضع الحاصل من الانحناء البالغ إلى هذا الحد فما لم يصل إلى هذا الحد لا يتحقق السجدة التي جعلها الشارع جزء من الصلاة فرفع الرأس عنه حينئذ ليس الا كالرفع عن الركوع قبل بلوغه إلى حد يتمكن معه من أن يضع يديه على ركبتيه مع أنه يصدق عليه الركوع عرفا ولكنه ليس بركوع اعتبره الشارع جزء من الصلاة وجعل زيادته عمدا وسهوا مبطلة هذا مع أن الفعل الأول حال وقوعه لا يتصف بالزيادة ولكنه ليس بمسقط لطلبه لعدم موافقته له فهو باق في عهدة التكليف به فإذا اتى به ثانيا بقصد امتثال امره صح الثاني وصدق على الأول وقوعه زائدا وما دل على مبطلية الزيادة لا يتناول مثل هذه الزيادة كما ستعرف إن شاء الله في محله ويدل عليه أيضا مضافا إلى الأصل خبر الحسين بن حماد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع فقال ارفع رأسك ثم ضعه والامر بالرفع لوروده في مقام توهم المنع لا يفهم منه الا الرخصة ولا يعارضه صحيحة معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها ولكن جرها والنبكة كما في المدارك وغيره بالنون والباء الموحدة المفتوحتين واحدة النبك
(٣٤٥)