الأولى وسقوطه عن الثانية أو للمجموع كما لعله هو المتبادر من قوله عليه السلام في صحيحة عبد الله بن سنان جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين (وجمع بين المغرب والعشاء بأذان وإقامتين وفي صحيحة الحلبي فصل بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين) وغير ذلك من الاخبار المشعرة أو الظاهرة في وقوع الأذان لهما فكان الشهيد قدس سره يرى أن الأذان المسنون قبل الصلاة بعينه هو الذي شرع للاعلام بدخول الوقت فخصه بصاحبه الوقت وهو كما ترى فان الذي يظهر من النصوص والفتاوي انما هو مشروعية الأذان كالإقامة للصلاة من حيث هي لا من حيث الاعلام بدخول الوقت فهو مغاير للأذان الاعلامي بلا شبهة نعم لا يبعد ان يكون حكمته في الأصل الاعلام ولكن لم يلاحظ عند شرعه مقدمة للصلاة والاطراد ولذا شرع في القضاء الذي لا معنى لإرادة الاعلام بدخول الوقت بالنسبة إليه ويحتمل ان يكون محط نظره في الحكم بالسقوط هو الأذان الاعلامي كما ربما يؤيد هذا الاحتمال ما تقدمت حكايته عنه في المسألة المتقدمة عند تعرضه لرفع المنافاة بين سقوطه عمن جمع في الأداء وعدم سقوطه عمن جمع في القضاء من قوله رحمه الله أو يقال إن الساقط يعني في الأداء أذان الاعلام لحصول العلم بأذان الأولى لا الأذان الذكرى ويكون الثابت في القضاء الأذان الذكرى وهذا متجه انتهى ولكن لا يخفى عليك ان تنزيل كلمات المشهور القائلين بالسقوط على إرادة الأذان الاعلامي في غاية الاشكال وكيف كان فظاهر الاخبار كما تقدمت الإشارة إليه والاجتزاء للثانية بأذان الأولى فيكون الجمع بين الصلاتين مؤثرا في صيرورة الأذان لهما والله العالم ولو صلى الإمام جماعة وجاء آخرون لم يؤذنوا ولم يقيمون على كراهية ما دامت الأولى لم تتفرق فان تفرقت صفوفهم اذن الآخرون وأقاموا قد اختلفت آراء الأصحاب رضوان الله عليهم في هذه المسألة فإنهم بعد اتفاقهم ظاهرا على سقوط الأذان والإقامة في الجملة عدى ما ستعرف من بعضهم من التردد فيه اختلفوا في أنه هل هو رخصة أم عزيمة وانه هل هو مخصوص بالجماعة كما ربما يستشعر من المتن وغيره أم يعم الفرادى وانه هل هو مخصوص بمريد الجماعة أم لا وانه هل هو في خصوص المسجد الذي له امام راتب أو مطلقا أم أعم من المسجد وغيره وفي ان الجماعة الثانية أو الثالثة كالأولى في سقوط الأذان عمن ورد عليهم أم لا وفي انه هل يعتبر وحدة صلاتهم أم لا وفي انه هل يعتبر تفرق جميع الصفوف أم يكفي في الجملة وكيف كان فمستند الحكم اخبار مستفيضة منها خبر أبي علي قال كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فاتاه رجل فقال جعلت فداك صلينا في المسجد الخبر وانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فاذن فمنعناه ودفعناه عن ذلك فقال أبو عبد الله عليه السلام أحسنت ادفعه عن ذلك وامنعه أشد المنع فقلت فان دخلوا فأرادوا ان يصلوا فيه جماعة قال يقومون في ناحية المسجد ولا يبدر بهم امام ورواية السكوني عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن علي عليه السلام انه كان يقول إذا دخل الرجل المسجد وقد صلى أهله فلا يؤذن ولا يقيمن ولا يتطوع حتى يبدء بصلاة الفريضة ولا يخرج منه إلى غيره حتى يصلي فيه وخبر أبي بصير قال سئلته عن الرجل ينتهي إلى الإمام حين يسلم فقال ليس عليه ان يعيد الأذان فليدخل معهم في أذانهم فان وجدهم قد تفرقوا أعاد الأذان وخبره الاخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم أيؤذن ويقيم قال إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى بأذانهم وإقامتهم وان كان تفرق الصف اذن واقام وخبر عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن ابائه عليهم السلام قال دخل رجلان المسجد وقد صلى علي عليه السلام بالناس فقال عليه السلام لهما ان شئتما فليؤم أحدهما صاحبه ولا يؤذن ولا يقيم وعن كتاب زيد الترسي عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أدركت الجماعة وقد انصرف القوم ووجدت الإمام مكانه وأهل المسجد قبل ان يتفرقوا أجزأك أذانهم وإقامتهم فاستفتح الصلاة لنفسك وإذا وافيتهم وقد انصرفوا عن صلاتهم وهم جلوس أجزء إقامة بغير أذان وان وجدتهم قد تفرقوا وخرج بعضهم من المسجد فاذن وأقم لنفسك واستشكل في المدارك في الحكم المزبور من أصله فإنه بعد ان نسب ما ذكره المصنف في المتن إلى الشيخ وجمع من الأصحاب واستدلالهم عليه برواية أبي بصير الثانية قال ما لفظه والحكم بسقوط الأذان عن المصلي الثاني وقع في الرواية معلقا على عدم تفرق الصف وهو انما يتحقق ببقاء جميع المصلين وقبل يكفي في سقوط الأذان عن المصلي الثاني معقب واحد من المصلين لما روى الشيخ عن الحسين بن سعيد عن أبي علي قال كنا عند أبي عبد الله عليه السلام وساق الحديث إلى اخر ما نقلناه ثم قال وعندي في هذا الحكم من أصله توقف لضعف سنده باشتراك راوي الأولى بين الثقة والضعيف وجهالة راوي الثانية فلا يسوغ التعلق بهما ثم لو سلمنا العمل بهما لوجب اختصاص الحكم بالصلاة الواقعة بالمسجد كما ذكره في النافع والمعتبر لأنه مدلول الروايتين ويجوز ان يكون الحكمة في السقوط مراعاة جانب امام المسجد الراتب بترك ما يوجب الحث على الاجتماع ثانيا انتهى أقول اما ضعف سند الروايتين كغيرهما من الأخبار المتقدمة فعلى تقدير تسليمه مجبور بعمل الطائفة بها قديما وحديثا إذ لا راد لهذا الحكم ولا مخالف فيه على ما ادعاه في الحدائق فلا ينبغي التوقف في أصل الحكم واما دعوى اختصاصه بالصلاة في المسجد لورود الروايات فيها فقد يقال في دفعها بان خصوصية المورد لا توجب قصر الحكم وفيه ان هذا لا يكفي في التعميم ما لم يدل عليه دليل أو يعلم بعدم مدخلية الخصوصية في ذلك بتنقيح المناط ونحوه وهو لا يخلو عن اشكال ولذا خصه غير واحد بالمسجد اقتصارا في الحكم المخالف للعمومات على مورد النص واما ابداه من الاحتمال لمدخلية الخصوصية من جواز كون حكمه الحكم رعاية جانب الإمام بترك ما يوجب الحث على الاجتماع ثانيا فهو يناسب القول المحكى عن المبسوط من استحباب الأذان مطلقا ولكن لا يرفع به الصوت كما حكى عن أبي حنيفة معللا بخوف الالتباس بل يناسب ترك الجماعة ثانيا في ذلك المسجد ولو بعد تفرق الصفوف لا ترك خصوص الأذان والإقامة ما دامت الصفوف باقية ولو مع الاسرار بهما كما يتقضيه اطلاق أغلب الأخبار المتقدمة والحاصل أغلب الأخبار المتقدمة والحاصل ان هذا الوجه لا يناسب هذا الحكم والذي يغلب على الظن ان حكمة الحكم كون الاجتزاء بأذان الجماعة والمبادرة إلى فعل الفريضة قبل تفرقهم موجبا لحصول مرتبة من التبعية والايتمام الموجب لادراك فضيلة الجماعة في الجملة كما يؤمى إليه ذلك ما في خبر السكوني الامر بالبدئة بصلاة الفريضة من غير أن يتطوع والنهي عن الخروج عن ذلك المسجد إلى غيره حتى يصلي فيه فإنه مشعر ببقاء اثر الايتمام وفضله في ذلك المسجد الذي صلى فيه جماعة ولكن يجيب صرفه لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته إلى ما إذا لم تتفرق الصفوف جمعا بينه وبين غيره من الروايات ويحتمل بعيدا ان كون المقصود بقوله في خبر السكوني وقد صلى أهل دخولهم في الصلاة لا فراغهم عنها فليتأمل ثم إن قضية ما ذكر من الحكمة كون الحكم من توابع الجماعة من حيث
(٢١٠)